أعدت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا مطولا عن الوضع الحالي في
ليبيا، ونشرته على حلقتين في يومي 27 و 28 شباط/ فبراير، وحللت فيه الدور الذي أدته وزيرة الخارجية في حينها، المرشحة المحتملة للرئاسة عن الحزب الديمقراطي هيلاري
كلينتون، في إقناع الرئيس باراك أوباما بالتدخل العسكري، والدور الذي أداه التدخل الغربي بتحويل ليبيا إلى دولة فاشلة تعاني من النزاعات القبلية، وتنتشر فيها الأسلحة، وتتصارع فيها المليشيات.
وقابلت الصحيفة 50 مسؤولا أمريكيا وأوروبيا وليبيا، وكلهم عبروا عن دهشتهم من المآلات التي وصلت إليها الثورة الليبية، التي قامت ضد النظام الديكتاتوري لمعمر
القذافي، الذي حكم البلاد مدة 40 عاما.
ويشير التقرير إلى الدور الذي أداه المسؤول في المجلس الوطني الانتقالي محمود جبريل، ومن بين الذين التقتهم الصحيفة محمد إسماعيل، وهو أحد مساعدي نجل القذافي سيف الإسلام، وقال إسماعيل إن الحلول الدبلوماسية وقف أمامها قرار المحكمة الجنائية بتقديم القذافي وعدد من أركان نظامه بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وتستدرك الصحيفة بأنه رغم محاولة أركان النظام الاتصال بالجنرال الأمريكي المتقاعد تشارلز كيوبيك، الذي تلقى عرضا من ضابط ليبي بارز، اقترح وقفا للعمليات لمدة 72 ساعة؛ لخروج القذافي وعائلته من البلاد.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أنه عندما نقل كيوبيك الرسالة للقيادة المركزية في أفريقيا، طُلب منه إنهاء النقاش، وزعم أوباما وكلينتون لاحقا أنهما لم يتلقيا رسالة من هذا النوع.
وتعلق الصحيفة على سبب تراجع الحل الدبلوماسي بعدم وجود ثقة بين الطرفين، مشيرة إلى أن أطرافا من نظام القذافي حاولت الوصول إلى ويزلي كلارك، الذي عمل أمينا عاما للناتو، وإلى رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير.
ويورد التقرير نقلا عن إسماعيل قوله إن الغرب لم يكن مهتما بالتفاوض، بل "كان يريد التخلص من القذافي"، وأكد قائلا: "كنا مستعدين للتشارك في السلطة، لكن في اللحظة التي حدث فيها هذا أصبح التقدم صعبا"، في إشارة إلى قرار الجنائية الدولية.
وتقول الصحيفة إن النظام الليبي تعامل مع التدخل بصورة مختلفة عن تلك التي دعت إليها كلينتون، تحت ذريعة حماية أرواح الليبيين، فمن وجهة نظر القذافي، فقد رأى فيه خيانة، خاصة أنه تخلى عن برنامجه النووي وتعاونه مع الغرب في حرب تنظيم القاعدة، وتحول القذافي إلى رجل الغرب، حيث استقبلت كلينتون أحد أبنائه في الخارجية عام 2009.
ويفيد التقرير بأن إسماعيل يعترف بأن القذافي عادى كل زعيم وكل دولة تحالفت ضده في عام 2011، لافتا إلى أنه دعم كل جماعة معارضة، وتآمر لقتل الملك السعودي الملك عبدالله، وتراجع عن اتفاقاته حول النفط والسلاح مع كل من فرنسا وبريطانيا.
وتذكر الصحيفة أن إسماعيل أكد شكوك
اللبنانيين حول ضلوع القذافي بمقتل الزعيم الشيعي موسى
الصدر، الذي اختفى في ليبيا عام 1978، عندما كان في زيارة مع مساعدين له للزعيم، حيث شك اللبنانيون بأن أمرا غير طبيعي حدث، وأن النظام متورط، لكن لغز اختفائه لم يتم حله.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن النظام زعم أن الصدر غادر إلى إيطاليا، لكن إسماعيل يؤكد مقتل الصدر عام 1978، ويؤكد أن رواية خروجه غير صحيحة، وقال: "قلنا إنه غادر إلى إيطاليا"، و"هذه كذبة"، "لقد قتل"، والسبب كما يقول: "جدال مع الزعيم". وأكد أن لا علاقة لعائلة القذافي بمصير الصدر، وأن جثة الأخير ألقيت في البحر.