قال مصدران في النيابة العامة
المصرية، إن طبيبا شرعيا مصريا أبلغ المحققين بأن التشريح الذي أجراه لجثة الطالب الإيطالي القتيل جوليو
ريجيني، أظهر أنه تعرض للاستجواب على مدى فترة تصل إلى سبعة أيام قبل قتله.
ويعد ما كشف عنه الطبيب أقوى مؤشر حتى الآن على أن ريجيني قتل على أيدي أجهزة الأمن المصرية، لأنه يشير إلى أساليب في الاستجواب التي تميز الشرطة المصرية مثل الحرق بالسجائر، وعلى فترات متباعدة على مدى عدة أيام.
ويناقض هذا الكشف ما سبق أن أعلنته وزارة الداخلية المصرية من نفي لاتهامات بتورطها في مقتل ريجيني أو حتى انتهاكات لحقوق المعتقلين.
وقال محقق في النيابة طلب عدم ذكر اسمه: "استدعينا الطبيب الشرعي هشام عبد الحميد للحضور أمام النيابة العامة، لسؤاله حول التقرير الشرعي والصفة التشريحية التي أجراها الطبيب واثنان من زملائه لجثة الطالب".
وقال إن "عبد الحميد قال في التحقيقات إن الإصابات والجروح الموجودة بالجثة وقعت على فترات زمنية مختلفة تتراوح من بين 10 و14 ساعة بين كل جرح والآخر. وده معناه أن المتهمين كانوا يستجوبونه على فترات مختلفة من أجل إجباره على إعطائهم معلومات عن شيء ما".
ورفض متحدث باسم وزارة الداخلية المصرية، التعليق على حديث الطبيب الشرعي، وقال متحدث آخر باسم الوزارة: "لا أعلم شيئا عن هذا الموضوع".
وقال أصحاب المتاجر في الحي الذي كان ريجيني يسكن فيه بالقاهرة، إنهم لم يروا ما يشير إلى أن الشرطة وجهت أي استفسارات للسكان في المنطقة منذ اختفاء ريجيني أو موته.
وكان تقرير الطب الشرعي الإيطالي كشف عن وجود آثار
تعذيب "بشع" وآثار حروق بمختلف أنحاء الجسد، وصعق بالكهرباء في الأعضاء التناسلية، وكسور في الضلوع، وجروح وكدمات نتيجة الضرب المبرح.
وقال فابريتسيو تشيكيتو، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الإيطالي، إن "الجانب الإيطالي أصبح على يقين من معلومتين أساسيتين بشأن مقتل ريجيني، وهما أنه كان طالبا مرموقا، ولم يكن عميلا لحساب أي جهاز أمني أو متعاطيا للمخدرات.. أما المعلومة الثانية فهي أن ريجيني لقي مصرعه بعد تعرضه لتعذيب مروع على أيدي جهة منظمة تضم خبراء في التعذيب".
وأضاف تشيكيتو: "نحن نطالب المصريين بأن التحقيقات التي يجرونها يجب أن يتم بناؤها على هاتين المعلومتين المؤكدتين"، مشددا على أنه "من الضروري أن تكون هناك إجابة واضحة بأسماء وهويات خبراء التعذيب الذين قتلوا جوليو ريجيني"، على حد قوله.
وفي سياق ذي صلة، نقلت صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية عن مصادر في النيابة الإيطالية، قولها إن "جوليو ريجيني" قتل في مصر على أيدي خبراء في التعذيب؛ حتى يتم منعه من استكمال أبحاثه.
وأضافت المصادر أن التحقيقات الإيطالية استبعدت كل الاحتمالات التي قدمتها مصر بشأن الجريمة، وباتت النيابة الإيطالية على يقين من أن مقتل ريجيني لم يكن جريمة شارع عادية بدافع السرقة أو شراء المخدرات، كما أنها لم تتم مصادفة.
وأوضحت الصحيفة أن تحقيقات النيابة الإيطالية بدأت تأخذ مسارا مختلفا عن البيانات التي تصدرها وزارة الداخلية المصرية، على الرغم من عدم إعلان إيطاليا هذا التوجه بشكل رسمي حتى الآن.
وأكدت "لا ريبوبليكا"، نقلا عن المدعي العام الإيطالي، أن الاحتمالات التي قدمتها مصر بشأن مقتل ريجيني على يد لصوص الشوارع أو تجار المخدرات، قد تم التحقيق فيها واستبعادها، والتأكد من أن الجريمة ذات دوافع سياسية.
وكان مسؤولون أمنيون في مصر أعلنوا مطلع الشهر الجاري، أن السلطات عثرت على جثة طالب إيطالي اختفى في القاهرة مقتولا دون توجيه الاتهامات لأي جهة.