نشرت صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية تقريرا على إثر وفاة الأمين العام السابق للأمم المتحدة
بطرس غالي، تحدثت فيه عن نجاحات وإخفاقات هذا الدبلوماسي، واعتبرت أنه فشل في منع مجازر فظيعة، على غرار التطهير العرقي الذي استهدف مسلمي
البوسنة، والمجازر التي تعرض لها التوتسي في رواندا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن بطرس غالي الذي عاش حياة حافلة بالنشاطات والتحديات، توفي في عمر 93 في أحد مستشفيات القاهرة، وقد أعلن هذا الخبر سفير فنزويلا رفاييل داريو راميريز كارينو، الذي يشغل منصب الرئيس الحالي لمجلس الأمن الدولي في نيويورك، في القاعة ذاتها التي كان بطرس غالي يمارس فيها أنشطته، كأحد الأمناء العامين للأمم المتحدة الذين أثاروا الجدل في تاريخ هذه المنظمة.
وذكرت الصحيفة أن بطرس غالي وصل إلى هذا المنصب في سنة 1992، وقضى أربع سنوات كانت حافلة بالمشكلات والتناقضات، وأسوأ هذه الذكريات هي المجازر التي حصلت في رواندا في سنة 1994، حيث تعرض أكثر من نصف مليون من قبيلة التوتسي للقتل بواسطة الأسلحة اليدوية والمناجل، على يد قبيلة الهوتو المعادية لهم، على امتداد مئة يوم.
وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم طول المدة التي استغرقتها هذه المجازر، فإن القبعات الزرقاء التابعة للأمم المتحدة لم تتحرك، وهو عار سوف يلاحقها ويلاحق المجتمع الدولي للأبد. وقد قال بطرس غالي، خلال حوار صحفي أجراه في سنة 2005 مع وكالة أسوشيتد برس، إنه لم يكن على اطلاع جيد بما يحدث في رواندا. وقال: "لقد كان هذا أسوأ فشل بالنسبة لي في
الأمم المتحدة، كما أن المسؤولية تتحملها أيضا دول تقاعست في التحرك، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا".
اقرأ أيضا:
بطرس غالي يدعو قبل موته إلى القضاء على "الإخوان" (فيديو)
وذكرت الصحيفة أنه في سنة 1996، لم تتم إعادة انتخاب بطرس غالي؛ بسبب هذه التصريحات، حيث إن الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون رفع الفيتو في وجه إعادة انتخابه، وبذلك انتهت مسيرته الدبلوماسية.
وذكرت الصحيفة أن بطرس غالي تولى مهمة أمين عام في الأمم المتحدة بعد مسيرة له في الدبلوماسية المصرية وزيرا للخارجية. وهذا المسيحي القبطي الذي ولد في القاهرة في 14 تشرين الثاني/ نوفمبر 1922، سماه بهذا الاسم جده، الذي كان هو أيضا يحمل هذا الاسم وشغل منصب رئيس للوزراء في مصر بين 1908 و1910، وتعرض للاغتيال على يد إبراهيم الورداني.
وأضافت أن بطرس غالي درس في صغره الحقوق في جامعة القاهرة، ثم اختص في القانون الدولي في جامعة باريس، وعند عودته إلى مصر أصبح أستاذا جامعيا، ثم في الوقت ذاته بدأ يتسلق سلم المناصب في النظام الحاكم في مصر، وأسس لنفسه علاقات قوية في الأوساط الدبلوماسية الغربية.
وذكرت الصحيفة أن واحدا من أهم الإنجازات التي ساهم فيها بطرس غالي هو الاتفاق التاريخي بين مصر وإسرائيل، الذي وقع في 17 أيلول/ سبتمبر 1978 في كامب ديفيد، بين أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، بوساطة من الرئيس الأمريكي جيمي كارتر.
واعتبرت أنه في مقابل هذه النجاحات القليلة التي حققها بطرس غالي، فإن فضائح عديدة لاحقته، حيث كشف تحقيق صحفي تورطه في التآمر من أجل إيصال الأسلحة إلى قبيلة الهوتو في رواندا، وانحيازه إلى جانب المعسكر الداعم للدكتاتور السابق محمد سياد بري في الصومال، ثم ارتباط اسمه بفضيحة الفساد الكبرى التي عرفها برنامج النفط مقابل الغذاء في العراق، بعد اكتشاف تورط أقاربه في شراء النفط العراقي بأسعار تفضيلية.
وذكرت الصحيفة أن بداية بطرس غالي في منصبه أمينا عاما للأمم المتحدة بدأت بشكل مُرْض؛ حيث نجح في تسيير عمليات إغاثة في منطقة القرن الإفريقي التي ضربتها المجاعة، ولكن سوء تصرفه في الأزمة التي شهدتها رواندا، وتأخر تدخله لإنهاء الحرب الأهلية في أنغولا، وموقفه السلبي مما حدث في يوغسلافيا، طبع فترة توليه لهذا المنصب.
وذكرت الصحيفة أنه حين كانت منطقة البلقان تغرق في الحروب الأهلية والمجازر التي تستهدف المسلمين، اتخذ بطرس غالي قرارا خاطئا، حيث وقف في سنة 1992 ضد قرار من مجلس الأمن الدولي يفرض إنهاء القتال في يوغسلافيا، وقال بكل برودة دم: "هذه حرب أثرياء، فلنركز اهتمامنا عوضا عن ذلك على إفريقيا".
وأضافت الصحيفة أن بطرس غالي أصر في أيلول/ سبتمبر 1993 على أن تبقى قوات حفظ السلام الدولية محايدة في الصراع الذي تعيشه البلقان، رغم المجازر التي كان يتعرض لها المسلمون، وقد انطبعت نهاية تلك الحرب بمجزرة سريبرينيتسا في تموز/ يوليو 1995، التي ذهب ضحيتها أكثر من ثمانية آلاف مسلم قتلوا على يد الصرب الذين كان يقودهم رادكو ملاديتش، في منطقة من المفترض أن الأمم المتحدة أعلنتها "منطقة آمنة"، وكان يفترض أن يكون المسلمون فيها في أمان من العصابات التي تستهدفهم.