تنشر صحيفة "
عربي21" في السطور التالية ملخص التقرير الخطير الذي نشرته بوابة "
المصري اليوم" الإلكترونية قرابة الساعة السابعة مساء الأحد تحت عنوان "هل يسيطر
ساويرس على سوق المال المصرية؟" (تقرير)، ثم سارعت إلى حذفه بعدها بدقائق، وألغت نشره من عددها الورقي الصادر الاثنين.
وصرحت مصادر من داخل "المصري اليوم" لصحيفة "
عربي21" بأن الحذف جاء بناء على توجيهات من مصادر الإدارة العليا داخل الجريدة، بعد أن أعرب رجل الأعمال نجيب ساويرس عن غضبه الشديد من نشر التقرير، وتأكيده أنه يضر بمصالحه المالية والاقتصادية، لا سيما أن ساويرس أحد المساهمين الأساسيين في الجريدة، ويمتلك حصة كبيرة من أسهمها، ويعتبر أحد أبرز ملاكها.
وفي التقرير - الذي حصلت "
عربي21" على نسخة منه، عبر مصادرها الخاصة - قالت "المصري اليوم" في تقريرها المحذوف إن شركة أوراسكوم للاتصالات والإعلام والتكنولوجيا، المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس، تدخل المراحل الأخيرة، في مفاوضات الاستحواذ على بنك الاستثمار "سي آي كابيتال"، بعد أشهر من استحواذها على "بولتون القابضة"، نهاية 2015، الأمر الذي يطرح حال اتمام الاستحواذ الجديد، مخاوف من سيطرة الشركتين على أكثر من 30% من سوق تنفيذات البورصة المصرية، خاصة بعد اتجاه الحكومة المصرية إلى طرح حصص من شركات وبنوك في البورصة الفترة المقبلة.
وكانت "أوراسكوم للاتصالات" أعلنت أن مجلس إداراتها وافق على الاستحواذ على 100% من بنك الاستثمار "سي أي كابيتال"، وتقديم عرض شراء إلزامي له.
ووافق البنك التجاري الدولي، المالك الرئيس لسي أي كابيتال، في 17 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، على السماح لأوراسكوم للاتصالات بإجراء الفحص النافي للجهل لـ "سي أي كابيتال" في خطوة أولية نحو صفقة استحواذ تقدر قيمتها بنحو مليار جنيه.
اقتصاديون يحذرون
ونقلت "المصري اليوم" عن الباحث الاقتصادي أيمن هدهود، وصفه محاولة أوراسكوم الاستحواذ على "سي آي كايبتال" بعد "بولتون" بأنه "استحواذ غرضه السيطرة، والتأثير، وليس الاستثمار".
ورأى هدهود أن الكيان الجديد، في حالة إتمامه، سيسيطر على 25% على الأقل من أنشطة سوق المال المصرية، مضيفا أن الأنشطة تتعدى مجرد التداولات اليومية إلى أنشطة عدة منها تقييم الأسهم، وإدارة الطروحات الأولية والثانوية وإدارة صناديق الاستثمار بأنواعها كافة وأنشطة التأجير التمويلي، وغير ذلك من أنشطة التمويل الحيوية.
وأضاف هدهود أن الكيان الجديد، سيشارك في تقييم أسعار الأسهم، والتحكم في الطروحات الأولية للشركات الجديدة، وخاصة بعد اتجاه الحكومة طرح حصص من شركات حكومية، في ظل اتجاه الحكومة لاعادة برنامج الخصخصة.
وحذر من أن المشكلة الأكبر تكمن في تضارب المصالح الصريح سواء من الناحية السياسية، في إشارة إلى أن نجيب ساويرس هو مؤسس حزب "المصريين الأحرار" الذي ينتمي إليه ما لا يقل عن 55 عضوا في البرلمان، ومن الناحية الاقتصادية إذ إن ساويرس يدير محفظة عائلية ضخمة جدا في سوق المال ذاته، تتجاوز استثمارتها نحو 50 مليار جنيه.
وتساءل الباحث الاقتصادي: "كيف يمكن الاطمئنان إلى تأثير كيان واحد يملك 25% من حصة سوق المال، إضافة إلى نحو 10% من أعضاء البرلمان؟".
ونقلت "المصري اليوم" عن الدكتور أحمد فؤاد، وهو محلل مالي ورئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، قوله إن أوراسكوم للاتصالات، تتجه للاستثمار في مجال بنوك الاستثمار، بالسيطرة على كيانات مالية، لديها نسبة واسعة من إدارة الأعمال في
السوق المصرية.
وأضاف فؤاد: "مجموعة أوراسكوم وعائلة ساويرس، تملك استثمارات ضخمة، وهي بالفعل، تملك حصة كبيرة من السوق في مجالات متعددة كالاتصالات والانشاءات والسياحة".
ورأى فؤاد أن ساويرس يريد فتح مجال جديد بالاستثمار في سوق المال.
وأضاف أن "بولتون" القابضة، لها حصة كبيرة في إدارة صناديق الاستثمار، إضافة إلى أنها تدير أصول بعض محافظ مالية لبنوك مختلفة وأيضا صناديق الدخل الثابت التي تتعامل في الودائع البنكية، وهى ضمن شركات القمة في أحجام التداول.
أرقام خطيرة
ومن جهتهم، رأى عدد من المراقبين أن خطط ساويرس تتجه لدمج "بولتون - سي آي كايبتال"، في كيان استثماري واحد، يستحوذ على ما بين 25 - 30% من سوق المال المصرية.
ويستحوذ تحالف أوراسكوم للاتصالات وشركة "أكت فاينانشيال" بالفعل على 97.4% من أسهم "بولتون المالية القابضة" بقيمة إجمالية 634 مليون جنيه، بما يمثل نحو 4 جنيهات للسهم الواحد.
وقالت البورصة المصرية، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، إنه تم تنفيـذ عرض شراء على أسهم شركة بلتون المالية القابضة، بقيمة إجمالية 634 مليون جنيه.
وأضاف بيان البورصة، أن الصفقة تم تنفيذها على عدد 158.5 مليون سهم، بسعر 4 جنيهات للسهم.
وكانت سوق الصفقات الخاصة (OPR)، لشركة "بولتون المالية القابضة"، كشفت أن عدد الأسهم المستجيبة لعرض شراء "أوراسكوم للاتصالات" و"أكدت" لـ"بولتون" بلغ 158.5 مليون سهم، تُمثل نسبة 97.39% في نهاية فترة سريان عرض الشراء.
ووافقت هيئة الرقابة المالية المصرية على عرض شرائها الإجباري بالتعاون مع شركة أكت فاينانشال للاستشارات حتى عدد 162.741.798 سهم، وتمثل نسبة 100% من أسهم رأسمال شركة بلتون المالية القابضة، ويبلغ السعر النقدي 4 جنيهات مصرية للسهم الواحد بما له من أرباح، وأسهم مجانية بحد أدنى 51%.
وأوضحت الهيئة أنه سيتم توزيع الأسهم المعروضة للبيع بين الشركتين على النحو التالي: نسبة 53% من أسهم شركة بلتون المالية القابضة لشركة أوراسكوم للاتصالات والإعلام والتكنولوجيا القابضة، ونسبة الـ 13% الأخرى من أسهم شركة بلتون المالية القابضة لشركة أكت فاينانشال للاستشارات، وما يتبقى من الأسهم المعروضة يتم تخصيصها لشركة أوراسكوم للاتصالات والإعلام والتكنولوجيا القابضة.
وتستحوذ "بولتون" على نحو 10% من نشاط البورصة المصرية، في حين تستحوذ "سي آي كايبتال"، على نحو 115%من نشاط البورصة، وتأتي المجموعة المالية "هيرميس"، بين كبار الناشطين في المجال بنسبة 14.2% في الشهور التسعة الأولى من العام الماضي، بحسب بيانات البورصة.
ويبلغ حجم الأصول التي تديرها "بولتون" 32.3 مليار جنيه عبر محافظ وصناديق تزيد على 15 صندوقا طبقا لآخر إحصائية للشركة تتنوع بين صنادق أسهم ودخل ثابت ونقدية ومحافظ ادخار وخطط تقاعد.
فيما يقع تحت مظلة "بولتون القابضة"، شركة "بولتون لإدارة صناديق الاستثمار"، وبلتون لترويج وتغطية الاكتتاب، وبلتون القابضة للاستثمارات - المنطقة الحرة، وبلتون لصناديق الاستثمار، وشركة الدولية لخدمات الإدارة في مجال صناديق الاستثمار.
وتصل قيمة الصفقات التي قدم "سي آي كابيتال"، استشارات لها نحو 99 مليار جنيه، منذ بداية عملها، بينها طروحات عامة وطروحات لسندات، وإعادة هيكلة المديونيات، بحسب الموقع الرسمي للبنك.
وتقدر "بولتون" خدمات الصفقات التي قدمتها بقيمة 77 مليار جنيه خلال السنوات الثلاث الماضية، وفقا لما هو منشور على موقعها، وتشمل خدماتها الاستشارية مجالات الطروحات العامة والاندماجات والاستحواذات وإعادة هيكلة الشركات.
وتدير "سي آي كابيتال" أصولا تبلغ قيمتها نحو 9 مليارات جنيه، وتشمل استثمارات في مجال أدوات العائد الثابت، واستثمارات مالية بفائدة ثابتة، ومحافظ للأسهم، بحسب موقعها الرسمي، فيما تدير "بولتون" أصولا تتجاوز قيمتها نحو 30 مليار جنيه.
خطورة الصفقة
وإذا تمت الصفقة المشار إليها في بداية هذا التقرير، فإن ساويرس سيكون بذلك قد تمكن من التأثير بل السيطرة على قطاع كبير من سوق المال والإعلام والأحزاب السياسية والبرلمان في مصر، في وقت تم فيه تلفيق الاتهامات الجائرة بحق رجل الأعمال الإخواني حسن مالك الذي لم يتهرب من دفع الضرائب يوما على العكس من ساويرس الذي تهرب من دفع ضرائب مستحقة على شركاته وأعماله تقدر بنحو 14 مليار جنيه مصري على الأقل.
وللتغطية على هذا التهرب لجأ ساويرس إلى التكفل ببناء المقر الجديد لوزارة الداخلية المصرية في منطقة التجمع الخامس بالكامل، ووضع قرابة ثلاثة مليارات جنيه في صندوق "تحيا مصر" الذي يخضع لـ"لإشراف المباشر من قبل رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، وغيرها من الأمور التي تدخل تحت بند "الرشوة المباشرة" للقائمين على مؤسسات الدولة، وفق مراقبين.
وكان ساويرس حقق أرباحا طائلة من الحصول على رخصة شركة موبينيل، وغيرها من التسهيلات، إبان حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، كما تمكن نظام الرئيس محمد مرسي من إجباره على عقد تسوية يدفع بمقتضاها سبعة مليارات جنيه للدولة من المتأخرات الضريبية عليه، مع تقسيط سبعة مليارات أخرى عليه في السداد، لكن حدوث الانقلاب العسكري الدموي، الذي أسهم ساويرس في تمويله، حال دون إعادة الأموال إلى الدولة.
وتلاحق الاتهامات "ساويرس" بأن شركاته للاتصالات كانت تتجسس على البيانات القومية الخاصة بالدولة، وتسربها إلى "إسرائيل"، وهناك قضية نظرتها المحاكم المصرية في هذا الصدد، ونجا منها ساويرس بأعجوبة، كما أن ساويرس متهم بممارسة التجسس نفسه في العراق، إبان حرب الخليج، إذ إنه كان يتجسس لصالح دوائر أمريكية، وقد حقق أرباحا قدرها مليارا دولار من جراء ذلك، وفق نشطاء، ومراقبين.