رأى محللان فلسطينيان أن التوتر والصراع بين المملكة العربية
السعودية وإيران، يشكل "أزمة وضررا" كبيرا على القضية
الفلسطينية، ويعرض "مشروع
المقاومة" للخطر، بما يخلق حالة استقطاب للفصائل الفلسطينية.
شروخ عميقة
وأكد الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي، مأمون أبو عامر، أن هذا
الصراع "يشكل أزمة حقيقية وضررا كبيرا للقضية الفلسطينية"، معبرا عن اعتقاده بأنه سيؤدي إلى "تحول الصراع الخارجي مع الاحتلال الإسرائيلي إلى صراع داخلي على محاور عربية وإسلامية"، وفق تقديره.
وقال لـ"عربي21": "إن أسوأ أشكال الصراع هو الشكل الطائفي الذي يتسبب بشروخ عميقة في المجتمعات العربية والإسلامية"، ورأى أن "استمرار وتعمق هذا الصراع هو أم المصائب، وسيؤثر على الفلسطينيين واستمرار نضالهم وحسم معركتهم مع الاحتلال الإسرائيلي".
وأوضح أبو عامر أن حالة الصراع تلك "ستضع فصائل المقاومة الفلسطينية في حالة استقطاب؛ بما يمارسه هذا الطرف أو ذاك من ضغط على تلك الفصائل"، لافتا إلى أن من أهم نتائج هذا الصراع وأخطرها هو "تعريض مشروع المقاومة للخطر".
وأشار إلى ما دار من حديث حول "عرض
إيراني لدعم حركة حماس مقابل أن تتبنى الأخيرة الموقف الإيراني، وهو ما رفضته حماس"، بحسب قوله.
توظيف القضية
ولفت أبو عامر إلى أن مثل تلك العروض "تأتي في إطار محاولة طرفي الصراع تجنيد كافة الأوراق لصالحهما، التي من أهمها القضية الفلسطينية"، منوها إلى أن "أخطر ما في الأمر، بدلا من أن يضع الكل جهده لدعم القضية الفلسطينية، أن تتحول تلك الجهود إلى توظيف القضية لخدمة الصراعات الهامشية".
وأشاد بموقف الفصائل الفلسطينية التي "تتجنب أن تكون مع هذا الطرف أو ذاك؛ لأن مصير هذا الصراع هو الزوال"، لافتا إلى أن على فصائل المقاومة الفلسطينية أن "تلعب دورا مهما، بالتعاون مع بعض المؤسسات والشخصيات والدول العربية والإسلامية؛ لإخماد أو التخفيف من حدة هذا الصراع الذي يمثل خطرا كبيرا على الأمتين العربية والإسلامية"، كما قال.
من جانبه، أوضح الباحث السياسي المختص في قضايا الشرق الأوسط، حسن عبدو، أن ما يجري بين المملكة العربية السعودية وإيران هو "صراع نفوذ حقيقي في الإقليم على هوية الشرق الأوسط؛ من أجل تثبيت جملة من المصالح الخاصة بهما في الدول العربية التي تشهد أوضاعا متفجرة، من اليمن وصولا إلى سوريا والعراق"، وفق تعبيره.
أرضية مشتركة
وقال لـ"عربي21" إن "ما يجري له تأثير مباشر على القضية الفلسطينية، وأولى تداعيات هذا الصراع هي أن القضية الفلسطينية تعيش ذروة الإهمال الإقليمي والعربي، فلم يعد لها المكانة والقيمة ذاتها التي كانت سابقا"، لافتا إلى أن العديد من الدول العربية والإسلامية، وتحديدا السعودية وإيران، "انشغلت في جملة من الملفات والحروب الأهلية المحلية في العديد من الدول العربية".
وأضاف: "كل هذا أضعف المنطقة العربية، الحاضنة الأساسية للقضية الفلسطينية، وهو ما أحدث تراجعا لها على الساحة الدولية"، مؤكدا أن وجود "محاور يضعف القضية الفلسطينية الموحدة للأمة"، بحسب تعبيره.
واعتبر الباحث السياسي أن رفع إيران شعار "إنهاء الاحتلال لفلسطين يخلق أرضية مشتركة، ويتوافق مع رؤية حركات المقاومة الفلسطينية، خاصة حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، وهو ما يكفي للعمل مع إيران في هذا الشأن، رغم الخلافات والتباينات في بعض القضايا الإقليمية".
ويرى عبدو أن حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، تحاولان "التقليل من حجم الخسائر بسبب هذا الفالق الزلزالي الذي أصاب المنطقة؛ لأن وجود محاور يضعف القضية الفلسطينية"، موضحا أن "أكثر ما يثير تخوفات الأطراف الفلسطينية هو أن تلقى القضية في أحد تلك المحاور، وهو ما يعني فقدان القضية للإجماع العربي والإسلامي"، وفق تقديره.