نشرت صحيفة لوبوان الفرنسية تقريرا حول التقارب الذي يجمع بين حركة
النهضة ذات التوجهات الإسلامية، وحزب نداء
تونس العلماني؛ الذي ألقى بظلاله على المشهد السياسي في تونس، على الرغم من الاختلاف الكبير بن المرجعيات الفكرية للحزبين.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن رئيس الجمهورية التونسية، الباجي قائد
السبسي، غلّب مصالح حزبه وتناسى أنه رئيس لكل التونسيين، عندما قرر التوجه للمؤتمر التأسيسي لنداء تونس الذي عقد في ولاية سوسة خلال الأيام الماضية.
وقد ظلّ الباجي قائد السبسي وفيا للآلة الانتخابية التي أتت به إلى السلطة، وقام بإلقاء خطاب شديد اللهجة خلال المؤتمر دون أن يعير أي اهتمام للتسعة عشرة نائبا الذين استقالوا من الكتلة البرلمانية للحزب.
وقد حضر المؤتمر العديد من السياسيين التونسيين، كان أبرزهم رئيس حركة النهضة راشد
الغنوشي، الذي استقبل بحفاوة بالغة، على الرغم من أنه كان في الماضي يعد العدو اللدود لحزب
نداء تونس.
وذكرت الصحيفة أن راشد الغنوشي هو الآخر قام بإلقاء كلمة خلال المؤتمر، قال فيها إن "تونس هي طائر يحلق بجناحين هما نداء تونس والنهضة"، ما أدى إلى تفاعل كبير من قبل بعض الحضور الذين أشادوا بموقف حركة النهضة الإيجابي من حزب نداء تونس.
واعتبرت الصحيفة أن التقارب بين كل من نداء تونس وحركة النهضة سيكون له تأثير قوي على المشهد السياسي في تونس، وقد ظهر ذلك من خلال التصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة التي أعلن عنها رئيس الوزراء الحبيب الصيد، ومنح الثقة يعتبر مجرد إجراء شكلي باعتبار أن حزبي النهضة والنداء يحظيان بأغلبية المقاعد في البرلمان.
وأضافت الصحيفة أن انتخابات مؤتمر الوفاء لنداء تونس، أسفرت عن تعيين نجل رئيس الجمهورية، حافظ قائد السبسي، أمينا عاما مكلفا بالإدارة الوطنية، بالإضافة إلى تعيين بعض الشخصيات الرئيسية مثل سلمى اللومي أمينة عامة مكلفة بالمالية داخل الحزب، ورضا بالحاج أمينا وطنيا للحزب.
كما شهد المؤتمر عودة بعض الشخصيات التي كانت قد أعلنت سابقا انشقاقها عن الحزب، من بينها فوزي اللومي، الذي كانت له تحفظات قوية تجاه هذا المؤتمر، ليعود ويتقلّد منصب الأمين العام المكلف بالعلاقة مع مجلس نواب الشعب، كما شهد المؤتمر عودة النائبة السابقة عن حركة نداء تونس، بشرى بالحاج حميدة، التي سبق وأن أعلنت عن مغادرتها لحزب نداء تونس، لكنها سرعان ما عادت إليه دون الظفر بأي منصب.
كما أن عضوية حزب نداء تونس لم تقتصر فقط على السياسيين، بل شملت حتى وجوها إعلامية معروفة، مثل مدير قناة نسمة التونسية، نبيل القروي، الذي لطالما كان داعما لحزب نداء تونس، والذي أعلن خلال المؤتمر التأسيسي للحزب بأنه سيستقيل من منصبه مديرا للقناة حتى يتفرغ للعمل الحزبي.
واعتبرت الصحيفة أن تواجد رئيس حركة النهضة خلال مؤتمر حركة نداء تونس، هو إعلان رسمي عن تحالف هذين الحزبين، الأمر الذي لطالما كان يرفضه الأمين العام السابق لنداء تونس، محسن مرزوق.
وأشارت الصحيفة في هذا السياق إلى أن محسن مرزوق كان قد استقال من منصبه داخل الحزب، بسبب الخلافات التي نشبت بينه وبين نجل رئيس الجمهورية، وهو الآن يسعى إلى تأسيس حزب جديد يتابع من خلاله السعي وراء طموحاته السياسية.
وسينضم لهذا الحزب الجديد حوالي 42 عضوا تنفيذيا سابقا من أصل 162 استقالوا من مناصبهم داخل نداء تونس، ولكن إعادة تشكيل المشهد السياسي في تونس، سينبثق عنه واقع جديد يؤكد أن كلا من راشد الغنوشي والباجي قائد السبسي هما من سيتصدران اللعبة السياسية في البلاد.
وأشارت الصحيفة إلى أن نتائج هذا التقارب السياسي بين الحزبين ستنعكس على صناديق الاقتراع، خاصة خلال الانتخابات البلدية المقبلة.