عمق إعلان
السلطة بالجزائر عن وثيقة
الدستور الجديد، الثلاثاء الماضي، الفجوة بينها وبين
المعارضة التي رفضته جملة وتفصيلا، فهل سيكون دستور
الجزائر الجديد، القشة التي تقصم ظهر البعير في بلد تتهدده المخاطر من كل جانب؟
في الوقت الذي كانت المعارضة بالجزائر، وبمقدمتها "تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي" الممثلة في ائتلاف أقوى أحزاب المعارضة، تطالب السلطة بفتح حوار جاد معها للخروج مما تسميه "مأزقا سياسيا ينذر بخطر كبير"، زادت السلطة من وزر القطيعة القائمة أصلا منذ انتخاب الرئيس
بوتفليقة لولاية رابعة يوم 17 نيسان/ أبريل 2014، وهو مريض.
ويتساءل الجزائريون، بخوف شديد: إلى أين تتجه البلاد في ظل غياب أدنى توافق بين السلطة و المعارضة؟ لكن أكثر الأسئلة إلحاحا أيضا بالوقت الراهن: أي مستقبل للبلاد في ظل انهيار أسعار النفط، عصب الاقتصاد الجزائري المبني على الريع البترولي؟
وقال جيلالي سفيان، رئيس حزب "جيل جديد"، الحداثي المعارض في تصريح لـ "
عربي21"، الخميس: "إن النظام الحالي صرف أكثر من 800 مليار دولار منذ التحاق الرئيس بوتفليقة بسدة الحكم عام 1999، لكن لا أثر ميداني لمليارات الدولارات التي صرفت".
لكن الحكومة الجزائرية، لا تعير اهتماما لتساؤلات كهذه.
وتسوق رئاسة الجمهورية، بالجزائر، الدستور الجديد، كبضاعة سياسية، هامة جدا بالوقت الراهن، رغم أن أكثر فصائل الطبقة السياسية، لا يرون بالمراجعة الدستورية، حدثا يذكر، واتفق خصوم الرئاسة، في تصريحات لـ "
عربي21"، عقب الإعلان عن الدستور الجديد، أن الأخير" لا حدث". أما ما كان، سيكون حدثا بالنسبة إليهم فيتعلق "بفتح نقاش حول مستقبل البلاد وتنظيم انتخابات رئاسة مسبقة من أجل تجاوز وضع الانسداد الحاصل حاليا".
واستنفرت أحزاب المعارضة، قياداتها بمؤتمرات صحفية متتابعة، بعد الإفراج عن الدستور الجديد، بالجزائر، وقال الشيخ عبد الله جاب الله، رئيس جبهة العدالة والتنمية، المعارضة، بمؤتمر صحفي، الخميس: "الرئاسة بالجزائر أعلنت عن دستور مهزلة، نطالب بأن يتولى المراجعة الدستورية ، رئيس جديد ومنتخب، بعد الإقرار بحوار حقيقي بين السلطة والأحزاب وجميع فعاليات المجتمع المدني".
وإن لم يكن الدستور، بصدارة اهتمامات المعارضة، ودحرج إلى آخر ترتيب الأولويات، فإن الكشف عن مضمونه زاد من غليان المعارضة، إذ أكد جاب الله، أن مشروع الدستور المقترح من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة جاء "ليضيف عيوبا أخرى لدستور 1996"، مشيرا إلى أن مطلب المعارضة الأساسي يبقى متمثلا في وضع هيئة مستقلة تتولى ملف الانتخابات، وداعيا النظام الحالي إلى توقيف هذه "المهزلة الكبيرة"، والتي يقصد بها الدستور الجديد، والتجاوب إيجابيا مع مطالب المعارضة.
و"تحالف" الرفض السياسي للدستور الجديد، مع أزمة اقتصادية خانقة، تمر بها البلاد بعد تدهور أسعار النفط، لتجد السلطة بالجزائر، نفسها بمواجهة على جبهات متعددة، ويرشح المراقبون، تصعيدا لافتا للمعارضة، في القادم من الأيام، لتوفر أوراق النقد مكتملة ضد الحكومة.
وأكد رئيس البنك المركزي الجزائري، محمد لكصاصي، في مؤتمر صحفي، الأربعاء، أن "احتياطي الصرف لم يبق منه أكثر من 27 مليار دولار فقط"، بوقت تبنت الحكومة الجزائرية خطة تقشف ورفعت من أسعار الوقود والكهرباء والمواد الإستهلاكية.