استنكرت 17 منظمة حقوقية
مصرية الإجراءات التي وصفتها بالقمعية، والتي تم اتخاذها مؤخرا ضد عدد من
المؤسسات الثقافية المصرية، حيث وصلت إلى حد مداهمة عدد من تلك المؤسسات الثقافية والعبث بممتلكاتها وإغلاق بعضها، مؤكدين أن هذه الإجراءات جزء من "الحرب على الإبداع"، وفق قولهم.
واستشهدت تلك المنظمات- في بيان لها الاثنين- بما حدث خلال الأيام القليلة الماضية مع جاليري تاون هاوس ومسرح روابط ودار ميريت للنشر، فضلا عن اقتحام قوات تابعة للأمن شركة زيرو برودكشن خلال شهر آب/ أغسطس الماضي، ثم مركز الصورة المعاصرة في أوائل شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، وإلقاء القبض على بعض العاملين في هذه المؤسسات لفترات قصيرة.
وقالت هذه المنظمات: "من الملفت أنه خلال تلك الحوادث تم اتخاذ الإجراءات السالف الإشارة إليها ضد هذه المؤسسات بدعوى وجود مخالفات إدارية وقانونية محددة – والتي إن صحت– فإنها لا تقتضي بأي حال إغلاق أي منها في وجه روادها، وقد شملت المخالفات المزعومة حيازة برمجيات غير مرخصة، وانقضاء تراخيص الدفاع المدني، ومخالفة قوانين العمل".
وأكدت أن الحملة الأمنية الأخيرة تأتي في سياق التضييق على العمل الفني والثقافي، بعد منع احتفالية "الفن ميدان" التي كانت تقام في ميدان عابدين لمدة ثلاث سنوات، في آب/أغسطس 2014، وبعد الإنذار الذي وجهته وزارة التضامن الاجتماعي في يوليو للكيانات التي تعمل في الميدان الأهلي وليست مسجلة لدى الوزارة.
وتابعت: "من المعروف أن معظم المؤسسات الثقافية المستقلة مسجلة كشركات أو كمنشآت فردية، حيث إن طبيعة نشاطها الذي يتطلب مرونة وحرية وقدرة على إيجاد دخل ذاتي، لا يتسق مع قوانين الجمعيات التي تتطلب ترخيصا في كل مرة يتم فيها تنظيم حفل موسيقي أو عرض مسرحي أو معرض تشكيلي، كما أنها تضع قيودا بيروقراطية على إمكانية بيع تذاكر أو خدمات من أجل تحقيق دخل ذاتي. علما بأن هذه المؤسسات تؤدي ما عليها من التزامات قانونية مستحقة للدولة سواء كانت ضريبية أو تأمينية أو غير ذلك".
وذكر البيان أن الحكومة المصرية بتبنيها لهذه "الحملة الأمنية التي تستهدف ترويع العمل الأهلي والثقافي المستقل تنتهك عددا من التزاماتها الدولية، والتي بموجبها يجب أن تمتنع أجهزة الدولة عن التدخل في أنشطة هذه المؤسسات بما يفرض عليها قيودا تعطل جوهر حرية العمل الثقافي وحرية الإبداع، فضلا عن انتهاك هذه الإجراءات لالتزام الدولة الإيجابي بضرورة التدخل لدعم وتشجيع الصناعات الثقافية وإزالة جميع العوائق التي تحول دون ممارسة هذه المؤسسات لأنشطتها".
وأردف البيان: "هذه الالتزامات تم النص عليها في اتفاقية اليونسكو لدعم وتشجيع كل أشكال التعبير الثقافي الصادرة في 2005، والتي صادقت عليها مصر، وفي المادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما تتعارض هذه الإجراءات مع الدستور المصري الحالي، وفقًا لأحكام المادتين 65 و67".
وطالبت المنظمات الحكومة المصرية باحترام التزاماتها المشار إليها وبالتدخل فورا لوقف الإجراءات الجاري اتخاذها ضد هذه المؤسسات الثقافية وبتمكين القائمين على إدارة المقار التي تم إغلاقها من إعادة فتحها مرة أخرى أمام جمهورها، وذلك نظرا "للضرورة التي تمثلها بوصفها أدوات للنهوض بالمستوى الثقافي، فضلا عن أهميتها في تقديم منبر للمبدعين يستطيعون من خلاله تقديم أنفسهم للمجتمع".
ودعت المنظمات إلى إعادة النظر في الوضع القانوني للمؤسسات الثقافية والفنية وتعديله بما يحترم خصوصيتها ويكفل تأمينها في مواجهة الإجراءات البيروقراطية غير الصالحة للتعامل مع هذا النوع من الكيانات، مع أهمية تجريم إساءة استعمال السلطات المخولة للموظفين العموميين والتي يتم استخدامها تحت مزاعم مواجهة المخالفات الإدارية لتبرير التدخل التعسفي للأجهزة الأمنية في أنشطة المجتمع المدني في مصر.
ووقع على البيان كل من اسكندريلا لإدارة الفنون، وأفلام س، والجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وشركة حوار للمسرح المستقل، ومدرار للفن المعاصر، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ومركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف، ومركز درب 1718 للفنون المعاصرة، ومشروع أسكي للفن المعاصر، ومشروع بصّي، ومصريون ضد التمييز، وملتقى لازم مسرح، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، ونظرة للدراسات النسوية.