كتب كمال أوزتورك: بالأمس قيّمنا ما يحدث في الشرق الأوسط من حروب وأزمات من منظور خارطة الطاقة. إن السبب الرئيس وراء ما يحدث من صراعات وأزمات في المنطقة هو احتياطي النفط والغاز في منطقة شمال العراق وشرق البحر الأبيض المتوسط. لهذا السبب قامت جميع الدول بحشد آلياتها في المنطقة.
تقييم لمنطقة الشرق الأوسط
دعونا اليوم نقيّم منطقة الشرق الأوسط من منظور آخر. لنلق نظرة على الوضع في الشرق الأوسط في خضم الأزمات التي يمر بها لكي نفهم بشكل أوضح دور تنظيم الدولة وحزب العمال الكردستاني، وسبب سكوت أمريكا إزاء ما يحدث بالإضافة إلى الأطماع الأوروبية، وما يواجه تركيا من مشكلات في المنطقة.
تعتبر كل من أمريكا وروسيا والصين وألمانيا وفرنسا وإنجلترا وهولندا وإيطاليا وإسرائيل، أكثر الدول المنتجة والمصدِّرة للأسلحة في العالم.
من بين هذه الدول، فإن أمريكا وروسيا والصين وفرنسا وإنجلترا، تمثّل الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وهذه الدول تعتبر من الدول الحاكمة في العالم. ومن مسؤوليتها حفظ السلام والأمن الدوليّين.. بمعنى أن باستطاعتها التصويت حول إحلال الحرب أو إحلال السلام.
أما بالنسبة لأكثر دولة مستوردة للأسلحة في العالم فهي المملكة العربية السعودية، والسبب في ذلك هو رغبتها في حماية نفسها من خطورة إيران التي تشتري الأسلحة من روسيا.
تقوم السعودية بشراء الأسلحة من أمريكا وفرنسا وإنجلترا وألمانيا، حيث قدّرت نفقاتها على الأسلحة لهذا العام بحوالي 9.8 مليار دولار.
من الجدير بالذكر أن معدّل شراء الأسلحة في جميع دول الشرق الأوسط، ارتفع بنسبة 54 بالمائة في السنوات الخمس الأخيرة. كما أننا سجّلنا أن هذه النسبة كانت أكبر في الدول الإسلامية حيث ازدادت نسبة شراء الأسلحة في الدول الإسلامية في السنوات الخمس الأخيرة في حدود الـ74 بالمائة. أما بالنسبة لسوريا فقد ارتفعت النسبة إلى حدود الـ600 بالمائة.
هذه الأسلحة بيعت من قبل 10 دول غير مسلمة، وتم شراؤها من قبل الدول الإسلامية، لأنه بالنسبة لهذه الأخيرة للأسف، فإن الدول المجاورة لها مصدر لتهديد أمنها واستقرارها.
المصدر الرئيس للأسلحة في العالم
تمثّل كل من أمريكا وروسيا المصدر الرئيس لصناعة الأسلحة في السوق العالمية. وتنتج الولايات المتحدة الأمريكية نسبة 31 بالمائة من جميع الأسلحة المصدرة للعالم، أما روسيا فتنج 27 بالمائة منها فقط. أما بالنسبة لفرنسا وألمانيا فقد ارتفعت نسبة تصديرها للأسلحة، خاصة بعد ظهور أزمة تنظيم الدولة في المنطقة.
ارتفعت قيمة أسهم الشركات المنتجة للأسلحة في الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 230 بالمائة بعد الربيع العربي والحرب الداخلية في سوريا. وسجّلنا ازديادا في معدل أرباح روسيا من الأسلحة بنسبة 48 بالمائة بعد الأزمات التي جدّت في الشرق الأوسط.
من الأمور اللافتة للنظر في سباق إنتاج الأسلحة في العالم، التغيّرات التي تمر بها تركيا حاليا، بحيث أصبحت تمثل طرفا جديدا لا يستهان به في سوق الأسلحة العالمي بعد تخفيض نسبة استيرادها للسلاح من الخارج وإنتاجها للأسلحة المحلية.
لقد نجحت الشركتان التركيتان "أسيلسان" و"طوصاش" في الدخول إلى السوق العالمية المنتجة للسلاح، باعتبارهما من ضمن أهم 100 شركة لإنتاج السلاح في العالم.
القاتل والمقتول من المسلمين
دعونا نلقي نظرة على الواقع الحالي دون التعمّق في الإحصائيات:
تعتبر منطقة الشرق الأوسط أهم سوق لبيع الأسلحة في العالم، فكلما دامت الحروب في هذه المنطقة، فستستمر الدول العشر غير المسلمة في كسب الأموال.
وإن أكثر الدول شراءً للأسلحة في الشرق الأوسط، هي نفسها أكبر الدول إنتاجا للنفط والغاز الطبيعي.
وإذا انتهت الحروب والأزمات في المنطقة فإن الغرب سيخسر كثيرا بسبب توقّفه عن بيع الأسلحة في المنطقة، عندها ستنفق دول الشرق الأوسط تلك الثروة التي تحصّلت عليها من وراء بيعها للأسلحة على اقتصادها ونموّها ومصادر طاقتها، وبالتالي ستنقلب موازين القوى في العالم.
تنظيما "بي كاكا" و"داعش" في سوق الأسلحة
مع الأسف، فإنه كلما حاولت تركيا حل هذه الأزمات العقيمة في الشرق الأوسط ازدادت أزماتها الداخلية تردّيا. تركيا، التي تقوم بإنتاج سلاحها المحلي، وتمتلك موقعا استراتيجا بالنسبة لممرات شبكة أنابيب الغاز والنفط، والتي تسعى جاهدة للدفاع عن العالم الإسلامي تحاول حل هذه الأزمات العقيمة في الشرق الأوسط، لكن من الظاهر أن جهودها لا تعود بأي نتيجة..
فبينما تقوم المنظمات الإرهابية في تركيا كحزب العمال الكردستاني وتنظيم الدولة والتنظيم الموازي، بالتبادل التجاري والسلاحي مع الدول الغربية، يقوم البعض بإثارة الفوضى في تركيا من خلال عبارات مثل: "تركيا تقوم بمساعدة تنظيم الدولة"، و"أردوغان ديكتاتور ويجب التخلّص منه"، و"لا يوجد حرية للتعبير عن الرأي"، و"لا يوجد حرية للصحافة"، و"لقد باعوا البلاد".. وغيرها.
فتجار الأسلحة قد يفعلون أي شيء من أجل مصالحهم ومنافعهم، المهم هو ما نفعله نحن. فنحن لن نستطيع حل هذه المشكلات بتوجيه الشتائم واللعنات للغرب، فأنا أرى أنه من المفروض على كل مسلم أن يعمل على الارتقاء بتركيا كدولة إسلامية، وهذا من شأنه أن يساهم في تشكيل اتحاد إسلامي قوي يجمع كل الدول الإسلامية، فبخلاف ذلك لن نستطيع الوقوف على أرجلنا بتاتا.
(عن صحيفة "يني شفق" التركية- ترجمة خاصة لـ"عربي21")