تبذل الحكومة
المصرية، ممثلة في وزارة الأوقاف، جهودا حثيثة منذ انقلاب يوليو 2013 لإحكام قبضتها بشكل تام على كل أشكال الدعوة الإسلامية، ومنع أي معارض من التواصل مع المواطنين داخل
المساجد أو المراكز الإسلامية المتخصصة.
وتركزت جهود الحكومة على السيطرة على
الخطابة والدورس الدينية ومعاهد إعداد الدعاة وجمع التبرعات داخل المساجد، وحتى تحفيظ القرآن الكريم في إطار الخطة التي أعلن عنها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي لما يسميه "تجديد الخطاب الديني".
غلق معاهد الدعاة
وكانت الحكومة قد قررت العام الماضي إغلاق نحو 100 معهد لإعداد الدعاة، قائلة إن القائمين عليها رفضوا الالتزام بتدريس مناهج
الأزهر والخضوع رسميا لإشراف الأوقاف.
وأعلنت وزارة الأوقاف، الأحد عن فتح عشر مراكز ثقافية جديدة، كبديل لمعاهد إعداد الدعاة الخاضعة لسيطرة السلفيين والمنتشرة في عدد من المحافظات، مؤكدة أنها لن تعطي ترخيصا لأي معاهد آخرى تابعة لأي جهة.
وأضاقت الوزارة، فى بيان لها، تلقت "
عربي21" نسخة منه، أنها ألغت كل التراخيص السابقة التي صدرت عن الأوقاف لإنشاء وإدارة معاهد إعداد الدعاة أو القرآن الكريم أو القراءات أو مراكز الثقافة الإسلامية، وحذرت أي جهة من فتح أي معهد أو الالتحاق بأي معهد ما لم يكن معتمدا من الأزهر الشريف أو الأوقاف.
وأعلنت الوزارة، أيضا، فتح باب القبول للالتحاق بتسعة مراكز أخرى لتدريس الثقافة الإسلامية، المتخصصة بفقه وبناء الأسرة في الإسلام، عن طريق محاضرات لتوضيح أهمية الحفاظ على الأسرة والحقوق المتبادلة بين أفرادها، والأحكام الفقهية المتعلقة بها.
تقنين تحفيظ القرآن
وقررت وزارة الأوقاف تنفيذ ما أسمتها "خطة تقنين أوضاع مكاتب تحفيظ القرآن الكريم"، حيث أعلنت السماح فقط لمن تنطبق عليهم الشروط في تحفيظ القرآن، موضحة أن هذه الشروط تشمل صلاحية المكان المخصص للتحفيظ وأن يكون القائم بالتحفيظ أهلا لهذه المهمة، وأن يملأ المحفظ استمارة تتضمن بياناته الشخصية وتسليمها إحدى مديريات الأوقاف، في محاولة للسيطرة على مكاتب تحفيظ القرآن في مصر ومعرفة تفاصيل القائمين عليها.
ولم تكتفِ الوزارة بهذا، بل شددت على أن من تنطبق عليهم الشروط سيخضعون لاختبارات قبول لاحقا، قبل أن تمنح من يجتازها تصريحا بفتح مكتب لتحفيظ القرآن الكريم.
وشددت الأوقاف على أنها لن تسمح لغير المعتمدين المرخص لهم بالتحفيظ، من الأزهر الشريف أو من الوزارة بممارسة تحفيظ القرآن خارج إطار القانون.
وحتى حلقات تحفيظ القرآن المنتشرة في القرى والنجوع المصرية لم تفلت من سيطرة الأوقاف، حيث أعلنت إلزامها بتدريس منهج دعوي وأخلاقي ووطني بالتوازي مع حفظ القرآن الكريم؛ لغرس قيم ومبادئ إنسانية ووطنية في نفوس حفظة القرآن، على حد قول الوزارة.
تجريم الخطابة دون تصريح
وفي الإطار ذاته، واصلت وزارة الأوقاف رقابتها المشددة على إلقاء الخطب والدروس الدينية داخل المساجد وفق قانون "ممارسة الخطابة"، الذي يجرم اعتلاء المنابر لغير خريجي الأزهر دون الحصول على تصريح مسبق من وزارة الأوقاف.
وحذرت الوزارة كل من يعتلى المنابر من غير خريجي الأزهر بالتعرض للمساءلة القانونية، مرجعة ذلك إلى أن عدم الاستقرار الذي تشهده البلاد والتربص بالدولة، يحتم عليها تشديد الرقابة على الدعاة غير المؤهلين لذلك.
وأعلنت استمرار عملية تنقية الدعاء الحاليين عبر استبعاد غير المناسب منهم وعدم تجديد التصاريح لهم، في إطار سعيها لتصحيح الخطاب الديني الذي تتولى مسؤوليته الأزهر الشريف والأوقاف ودار الإفتاء.
كما حذرت وزارة الأوقاف جميع العاملين بالمديريات المختلفة التابعة لها، من السماح لأي جهة أو شخص بجمع التبرعات أو أي أموال بأي طريقة داخل المساجد تحت أي مسمى، عدا الإدارات المعتمدة من الوزارة.
وشددت الوزارة، فى بيان لها الأحد، تلقت "
عربي21" نسخة منه، أن جمع الأموال في المساجد خارج إطار القانون ودون إيصالات معتمدة من الحكومة، قد يتسبب في وصول هذه الأموال إلى أيدي من يتصرفون فيها على خلاف ما يقتضيه الشرع والقانون، أو بما يضر بالمصلحة الوطنية.
وفي سياق ذي صلة، أكدت الوزارة أنها تقوم، بشكل منتظم، بإيفاد لجان تفتيش إلى المساجد المختلفة بالمحافظات؛ للتأكد من خلو مكتباتها من أي كتب أو مطبوعات ضارة منحرفة أو تحض على الإرهاب والتطرف أو تضر بالمصلحة الوطنية.