انقسمت الصحف المصرية الصادرة الجمعة 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 إزاء الزيارة المفاجئة لبابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية،
البابا تواضروس الثاني، إلى
القدس المحتلة الخميس، ثلاثة أقسام، أولها مندد بالزيارة، ورافض لها، باعتبارها تطبيعا واضحا مع الاحتلال الإسرائيلي، وشرخا في جدار "مقاطعة إسرائيل"، لا سيما أنها الزيارة الأولى لشخصية تعتلي كرسي البابوية المصرية، منذ الاحتلال الإسرائيلي الكامل للمدينة عام 1967.
وثانيها قسم مؤيد للزيارة، ومقلل من شأنها، واصفا إياها بأنها زيارة روحية، استنادا إلى ما صرح به تواضروس نفسه، وقيادات الكنيسة، من أن الزيارة ليست رسمية، بل لتأدية واجب العزاء، وتشييع جنازة الأنبا أبراهام، مطران القدس والشرق الأدنى، أكبر مطارنة الكنيسة الأرثوذكسية، فضلا عن أنه لم يترتب عليها أي تغيير على موقف الكنيسة الثابت من رفض زيارة القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي.
أما الجزء الثالث من الصحف المصرية فلم يؤيد الزيارة، أو يعارضها، وإنما اكتفى بنقل آراء المعارضين، والمؤيدين معا، وحجج وأسانيد كل فريق، دون أن يتخذ منها موقفا واضحا، في الوقت الذي تصدرت فيه غالبية الصحف صورة تواضروس لدى وصوله إلى القدس المحتلة.
المؤيدون: الزيارة للصلاة والعزاء
في البداية اصطفت الصحف القومية (الحكومية)، الموالية لرئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، إلى جانب زيارة البابا، اصطفافا كاملا، حتى إن "الأهرام" مارست تعتيما كاملا عليها، فلم تنشر كلمة عنها.
أما "الأخبار" فقالت - بأسلوب تبريري -: "البابا تواضروس في القدس للصلاة على جثمان أستاذه الأنبا أبرهام.. الكنيسة: لا تغيير في موقف منع السفر للتقديس حتى تتحرر المدينة من الاحتلال".
وفي المتن نقلت "الأخبار" تأكيد الكنيسة أن البابا توجه للقدس لحضور الجنازة فقط، وأنه ليس لتلك الزيارة أي تغيير على موقفها الثابت الذي لم يتغير برفض زيارة القدس، وأن البابا يقوم بذلك لدور خدمي ورعوي، باعتبار أن الأنبا أبراهام هو الرجل الثاني في المجمع المقدس بعد البابا تواضروس، وأكبر مطارنة الكنيسة الأرثوذكسية.
ثم أوردت "الأخبار" خمسة آراء كلها مؤيدة لزيارة البابا، لكل من: القس بولس حليم المتحدث الرسمي للكنيسة الأرثوذكسية، والمستشار أمير رمزي، وهو رئيس محكمة، علاوة على الأنبا يوحنا النائب البطريركي للأقباط الكاثوليك، والمستشار نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، إضافة إلى المفكر القبطي كمال زاخر.
وذهبت "الأخبار" إلى مدى أبعد بتأكيد أن "فلسطين ترحب بالزيارة". وأضافت: البابا تواضروس لمنتقديه: ذهبت إلى القدس لأداء واجب العزاء وليس للزيارة.
صحيفة "الجمهورية" أيدت الزيارة أيضا، وقالت بأسلوب "الأخبار" التبريري نفسه: البابا تواضروس في القدس للمرة الأولي.. لتشييع جنازة الأنبا إبرهام.
لكن "الجمهورية" أشارت في الوقت نفسه إلى تباين مواقف العديد من السياسيين والأحزاب عن سفر البابا للقدس، وأوردت رأي حزب الكرامة الذي وصف تواضروس بأنه: "خالف ثوابت الكنيسة".
ولم تغرد "الدستور" بعيدا عن سرب المؤيدين المبررين، إذ دافعت عن زيارة البابا.
وقالت: "مضمون واضح لزيارة البابا للقدس.. أساسها هو الصلاة على الأنبا أبراهام.. والقيام بواجب العزاء".
وأكدت أن الزيارة لا تعني كسر مقاطعة السفر للقدس طالما فلسطين تحت الاحتلال الإسرائيلي، وفق قولها.
المعارضون: شرخ فى جدار "مقاطعة إسرائيل"
في المقابل، بدا واضحا تبني عدد أقل من الصحف، للخط المعارض للزيارة، حتى وصفتها "المصري اليوم" -في مانشيتها- بأنها "شرخ في جدار "مقاطعة إسرائيل"، مضيفة أن "البابا تواضروس كسر قرار الكنيسة وزار "القدس المحتلة".
وفي التفاصيل قالت الصحيفة: "كسر البابا تواضروس الثاني، قرار سابقه البابا شنودة الثالث، وسافر إلى القدس المحتلة، أمس، دون تحقيق شرط أن يزورها المسلمون والأقباط معا بعد تحريرها من الاحتلال، فيما أكدت شخصيات سياسية ودينية فلسطينية أن الزيارة التي يشارك خلالها البابا في جنازة الأنبا أبراهام، مطران القدس والشرق الأدنى، "ليست تطبيعا مع إسرائيل".
في السياق ذاته، جاء الخط التحريري لصحيفة "الشروق"، التي قالت في مانشيتها: "تواضروس يكسر حظر سفر الأقباط إلى القدس المحتلة.. بطريرك الكنيسة القبطية يخالف شنودة.. ويفاجئ المصريين بزيارة إسرائيل للصلاة على الأنبا أبراهام".
المحايدون: جدل ساخن حول الزيارة
لزم فريق ثالث من الصحف، بخلاف المؤيدين والمعارضين، جانب الحياد من الزيارة، فأبرز آراء المؤيدين والمعارضين معا.
فقالت صحيفة "المساء" الحكومية: البابا تواضروس في القدس: جئت للعزاء وليس للزيارة.. وجمال أسعد عبدالملاك: "كان يمكنك إرسال مندوب عنك".
وقالت الوفد: جدل ساخن حول زيارة البابا تواضروس للقدس.. مؤيدون: لا أبعاد سياسية.. معارضون: يكسر قرار المجمع المقدس.
من جهتها، قالت الوطن: لأول مرة منذ 1967.. البابا في القدس عبر تل أبيب.. الكنيسة: استجابة لوصية "أبراهام" و"شفيق": تضع الأقباط في مرمى المتطرفين.
أما "اليوم السابع" فقالت: مفاجأة.. البابا في القدس.. البطريرك يثير الجدل بالصلاة على المطران بالأراضي المحتلة.. والمؤيدون: زيارة بروتوكولية.. والمعارضون: قرار غير مناسب.
وأخيرا قالت "البوابة": "زلزال البطريرك.. البابا في القدس بتأشيرة إسرائيلية.. تواضروس لـ"البوابة": أنا رايح جنازة.. مش فسحة".