توفي الممثل السوري المعارض للنظام
عامر السبيعي، الاثنين 19 تشرين الأول/ أكتوبر، في أحد المشافي
المصرية، قبل أن يكمل عقده السادس، إثر تعرضه لأزمة قلبية، بعد حياة شهدت بسنواتها الأخيرة مواقف سياسية بارزة له ضد النظام في بلاده.
وبحسب "سي أن أن"، فقد رافقت مواقفه حملات شنها على شخصيات فنية كبيرة مثل دريد لحام وياسر العظمة على خلفيات سياسية، إلى جانب انصرافه للأغاني الساخرة، وبينها التي هاجم فيها الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، بأغنية واصفا إياه بـ"الزميرة."
عامر هو الابن البكر للفنان رفيق السبيعي الملقب بـ"فنان الشعب"، وأخوه المخرج سيف الدين السبيعي، إلا أن الراحل اتخذ موقفا سياسيا مناقضا لأبيه وأخيه بتأييدهم للنظام السوري، ما دفعه للخروج من البلاد خلال شهر نيسان/ إبريل 2013، وأقام بمصر حتى وفاته.
في أكثر من لقاء صحفي أعقب خروجه من
سوريا؛ أكد عامر السبيعي تأييده للثورة منذ قيامها، لكنه لم يفصح عن هذا التأييد، مواصلا حياته وعمله الفني، لحين تعرض للاختطاف على يد أحد فصائل المعارضة المسلحة، قال وقتها إنها "جبهة النصرة"، التي أطلقت سراحه بتدخل من "الجيش الحر" بعد تأكدهم من كونه معارضا.
واعتبر الراحل هذه الحادثة بحسب قوله في أحد اللقاءات الصحفية: "بمثابة إشارة من الله أنني يجب علي الالتحاق بالثورة، وأن أنفض عني غبار الخنوع، فالحقيقة أن جبهة النصرة، ما هي إلا للدفاع عن المظلومين.."، وتوجه لهم بالشكر "لأنهم كانوا سببا في اتخاذ قرار الانشقاق والتزامي بعبادة الله".
وبدا عامر عاتبا على أبيه، لأنه لم يسأل عنه بعد اختطافه أو خروجه، وأسف لأنه لم يستطع إقناع أبيه وأخيه باتخاذ موقف سياسي مشابه لموقفه، مؤكدا أن لهما الحرية في ما يتخذانه من مواقف، لكنه بالمقابل أعرب عن حزنه لكونهما تنكرا له بسبب قناعاته السياسية.
"أبو رفيق" أو "شيخ الشباب"؛ ألّف وغنى للثورة السورية أغاني مثل: "دبحوا الولد" "يا ويل يا ويل" و"صار بدها حل".
وتناقل المعارضون السوريون على نطاق واسع الأغنية التي هاجم فيها أمين عام حزب الله اللبناني، حسن نصرالله، بسبب تدخل حزبه في القتال بسوريا، واصفا إياه بـ"حسن زميرة". وسبق له أن انتقد الكثير من النجوم في بلده، مثل ياسر العظمة الذي قال عنه إنه "تناساه" ولم يشركه بأعماله بسبب مواقفه، إلى جانب سخريته مؤخرا من دريد لحام بعد زيارته للسفارة الروسية.
الكثير من الفنانين السوريين، على اختلاف مواقفهم السياسية، نعوا الراحل عامر السبيعي، عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وتوجهوا بتعازيهم لأبيه "فنان الشعب" رفيق السبيعي، وأخيه سيف، ونشر بعضهم التعازي على صفحاتهم في موقع "فيسبوك"، كالممثلة السورية يارا صبري التي كتبت: "تعبتك الغربة يا شيخ الشباب.. ما في كلام يعزي.. يا عامر.. حضن الوطن ما كان حنون عليك.. ما ضمك وإنت عايش ولا عطاك يلي بتستحقه.. نام يا ابن البلد.. غمض عيونك ونام وضلك احلم بشامنا الحلوة.. بالنوفرة وسوق الحميدية وياسمين أبيض متل قلبك.. احلم بالحرية صافية نقية".
وكتب الممثل عبدالحكيم قطيفان على صفحته في "فيسبوك": "لا أعرف بأية عبارات مخنوقة وعاجزة ومحبة سأنعيك يا أبو رفيق.. يا شيخ الشباب وخادم الأوادم.. يا صديق الغربة والإحباط والخيبات.. يا رفيق الأماني العريضة والآمال الكبيرة بوطن حر وإنساني.. يا الله كم أنا حزين بفقدك.. عزائي الصادق لأهل بيتك ومحبيك. لروحك الرحمة والسلام".
وبعضهم تجاهل تعزية العائلة في دمشق، كالمخرج هيثم حقي الذي كتب في تدوينة على حسابه في "فيسبوك": "عامر سبيعي وداعا.. رحيل مفاجئ لم أتوقعه أبدا، هزني من الأعماق، فقد كان عزيزا علي ولم أتصور رحيله المبكر لأني كنت أراه قويا صلبا شبيها بأدواره ابن بلد عنيد.. وقد تعاون معنا في كثير من الأعمال التي أنتجناها في سوريا في شركتي الرحبة وريل فيلم.. ورغم تطرف بعض مواقفه فقد فرحت بانضمامه للثورة.. الرحمة لأبي رفيق الفنان والإنسان، ولمحبيه الكثر الصبر والسلوان".
ويذكر أن في رصيد عامر السبيعي العديد من الأدوار الثانوية، قدمها في مسلسلات تلفزيونية عديدة، لا سيما الشامية منها، خلال سنواته الأخيرة، قبل أن يعتزل الفن، وأدى آخر أدواره بمسلسل "زمن البرغوت".
وكان يتمتع بشخصية تطغى عليها روح "أبو صياح" الشامي، القبضاي، والشهم الذي لا يقبل بـ"الزاحلة"؛ الشخصية التلفزيونية والسينمائية الأشهر التي أداها الأب رفيق سبيعي لسنوات.
ويقال إن حضور الوالد الطاغي في الوسط الفني، حال دون التركيز على موهبة الابن، وصقلها، وبروزها بما يكفي، لكن الراحل كان عازفا جيدا للعود الذي طالما رافقه، إلى جانب تمتعه بصوت جميل.