نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا حول التهديد الذي تواجهه
روسيا بسبب تدخلها في الصراع السوري، قالت فيه أن تنظيم الدولة وجبهة النصرة قررا شن هجمات على الأراضي الروسية، انتقاما من تدخلها لدعم المحور الشيعي في
سوريا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21" أنه بعد أسبوعين من بداية عملياتها الجوية في سوريا، تجد روسيا نفسها في حالة تأهب أمني قصوى، بسبب خطر وقوع هجمات إرهابية على أراضيها، ورغم أن تنظيم الدولة وجبهة النصرة يعدان خصمان على الأراضي السورية، فإنهما أعلنا بشكل متزامن عن وضع روسيا على رأس قائمة أهدافهم.
وذكرت الصحيفة أن الناطق الرسمي باسم تنظيم الدولة، محمد العدناني، دعا "المسلمين في كل مكان إلى إعلان الجهاد ضد الروس والأمريكان"، كما أكد في بيانه أن موسكو ستنهزم. وفي المقابل دعا زعيم جبهة النصرة، أبو محمد الجولاني، كل المجاهدين في القوقاز إلى العمل بمبدأ العين بالعين والسن بالسن، قائلا: "إذا قتل الجيش الروسي شعبنا فإننا نقتل شعبه، وإذا قتل أطفالنا فإننا نقتل أطفاله، العين بالعين والسن بالسن".
وأشارت الصحيفة إلى أن فلاديمير بوتين برر التدخل الروسي في سوريا بضرورة ضرب معاقل المجموعات المسلحة قبل أن تأتي إلى روسيا، ولكن هذه المخاوف تجسدت اليوم على أرض الواقع.
حيث أعلنت المخابرات الروسية يوم الاثنين عن تفكيك خلية مسلحة كانت تخطط داخل شقة في موسكو لتنفيذ هجمات. وقد تم إيقاف ثلاثة مشتبه بهم من أصول شيشانية في هذه العملية، كما عثر المحققون داخل هذه الشقة على مواد متفجرة تعادل قوتها 5 كيلوغرامات من مادة تي أن تي شديدة الانفجار، يمكن تفجيرها عن بعد بواسطة الهاتف.
كما ذكرت الصحيفة أن مصادر من الشرطة الروسية أشارت إلى وجود سوريين ضمن هذه الخلية، ولكن هذه المعلومة لم يتم تأكيدها. وفي المقابل أكدت المخابرات أن هؤلاء المتهمين بالإرهاب خضعوا لتدريب مكثف في معسكرات تابعة لتنظيم الدولة داخل الأراضي السورية، ثم عادوا إلى روسيا قبل وقت طويل من بداية التدخل الروسي في سوريا.
وأشارت الصحيفة إلى أن موقع قوقاز سنتر المقرب من المجموعات الإسلامية المسلحة سخر من هذه العملية، وأشار إلى أن الشخص الذي يكتري هذه الشقة ليس إلا ضابطا في المخابرات الروسية يعمل في الشيشان.
وقالت الصحيفة أن جهاز المخابرات المعروف بالتزام الصمت وعدم تعليقه عن الأحداث، يهدف من خلال هذه العملية إلى توعية الرأي العام الروسي بوجود خطر حقيقي على الأمن، حيث أعلن قائد المخابرات أليكسندر بورتكينوف عن وصول تحذيرات من حصول أكثر من 20 عملية إرهابية في الفترة الأخيرة.
كما نقلت الصحيفة عن النائب أليكسندر كينشتاين، عضو لجنة الشؤون الأمنية في الدوما، قوله "إن التهديد مؤكد والأحداث الأخيرة تبين أن نشاطات المجموعات الإرهابية لم تتراجع".
وأشارت الصحيفة إلى أن التهديدات الإرهابية في روسيا تراجعت في السنتين الأخيرتين بسبب زيادة ضغط القوات الأمنية على منطقة القوقاز، ولأن الصراع السوري مثل متنفسا للمسلحين للذهاب إلى هناك، وهو ما قلل من التهديدات الأمنية في السنتين الأخيرتين، حيث تعود آخر عملية مسلحة إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2013، عندما قام أربعة شبان ينحدرون من داغستان بتفجير قنبلتين في حافلة ومحطة للقطار في مدينة فولفوغراد في الجنوب، موقعين 34 وثلاثين قتيلا.
وقالت الصحيفة أنه في القوقاز يبدو المسلحون أقل نشاطا في الفترة الأخيرة، رغم أن ثلاثة من زملائهم تم إلقاء القبض عليهم يوم الاثنين الماضي في جمهورية أنغوشيا خلال عملية للقوات الروسية الخاصة.
وذكرت الصحيفة أن السلطات الروسية حذرت منذ بضعة أشهر من الخطر الكبير الذي ستشكله عودة المقاتلين الروس الذين ذهبوا إلى سوريا للقتال في صفوف تنظيم الدولة، والذين بلغ عددهم 2400 مقاتل بحسب الأرقام الرسمية، ويضاف إليهم حوالي ثلاثة آلاف مقاتل من دول آسيا الوسطى؛ عاد بعضهم في الفترة الأخيرة إلى الشيشان.
وذكرت الصحيفة أن المقاتلين الروس على غرار رفاقهم من الشرق الأوسط يتحركون في كنف السرية، ورغم أنهم يمثلون أقلية فإنهم لا تعوزهم الإمكانيات لشن عمليات مسلحة، خاصة وأنهم يحظون بدعم كبير، بعد أن تغيرت القيادة الروحية التي كانت تمثلها "إمارة القوقاز" التابعة لتنظيم القاعدة، بقيادة جديدة هي تنظيم الدولة، الذي بدأ بنشر مجلة جديدة للمتكلمين باللغة الروسية، بعنوان "إستوك"، كما أعلن عن تأسيس ولاية قوقازية.
وأشارت الصحيفة إلى أن المسئولين عن الدعاية والاستقطاب في تنظيم الدولة يظهرون نشاطا كبيرا، حيث نجحوا في الفترة الأخيرة في استقطاب الكثير من المسيحيين الأرثودوكس المعتنقين للإسلام، من بينهم الممثل فلاديم دوريسيف، الذي أعلنت وفاته في سوريا.
وفي سياق الحديث عن التنافس بين تنظيم الدولة وجبهة النصرة في روسيا، نقلت الصحيفة عن أحمد لارليكابوف من مركز الدراسات الأمنية في القوقاز، قوله: " باعتبار أن الأموال هي العصب الحيوي في الحرب، فإن تنظيم الدولة يقدم فرصا أفضل للتمويل والتسليح في القوقاز".
كما اعتبر هذا الخبير أن التنافس الإيديولوجي والمالي بين تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة لن يكون محتدما في روسيا، ذلك أن مصالح الطرفين تتقاطع ويمكنهما تنسيق الأدوار لتنفيذ هجمات مؤثرة.
وفي الختام اعتبرت الصحيفة أن التدخل الروسي السافر إلى جانب المحور الشيعي الذي تقوده إيران في المنطقة، لا يمكن إلا أن يقوي الروابط والعلاقات بين المجموعات المسلحة السنية، في جبهة موحدة ضد روسيا.