- واهم من يعتقد أن برنامج التهويد سيتوقف عند حدود نهر الأردن
- انفتاح سعودي على جماعة الإخوان.. ولم تقتصر لقاءاتي على وزير الأوقاف
- الحديث عن إعادة تأهيل الأسد غير مقبول.. ولا يمكن إعادة مجرم قتل الآلاف من شعبه
- كان لجماعة الإخوان دور مهم جدا في إعادة اليمن إلى دائرتها العربية والإسلامية
- عودوا إلى سيرة وتاريخ الجماعة.. لم تكن في يوم من الأيام إلا قوة أمن وسلام
- كيمياء خاصة بين الشعب الأردني والجماعة
- الجمعية الجديدة رخصت برعاية رسمية وانقلبت على الجماعة
- لم نكن في أي وقت من الأوقات تابعين لأحد خارج الأردن وعلاقتنا بجماعة مصر روحية
- تعديلات جديدة على آلية انتخاب المراقب العام في الأردن
- 100 تعديل على قانوننا الداخلي.. منها إنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات
- مرتاحون لتعديل قانون الانتخاب ومغادرة الصوت الواحد.. لكن لدينا اعتراضات كثيرة
قال المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن الدكتور
همام سعيد في حوار خاص مع صحيفة "
عربي21" إن "دولا في المنطقة بدأت بتغيير موقفها من الجماعة، وعلى رأسها المملكة العربية
السعودية التي شهدت انفتاحا على جماعة الإخوان المسلمين في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز".
وكشف سعيد أنه "التقى في زيارته الأخيرة للمملكة العربية السعودية بالعديد من الشخصيات السعودية، ضمن أجواء إيجابية".
وأكد المراقب العام أن جماعة الإخوان المسلمين "لعبت دورا مهما في إعادة اليمن إلى دائرتها العربية والإسلامية، بالإضافة لدورها في معظم بلاد العالم بالوقوف أمام المد الإيراني الذي استفحل في بعض الدول وكاد يكون قد حولها إلى غنيمة لصالح إيران".
ودعا بعض الأنظمة إلى "مراجعة سيرة جماعة الإخوان المسلمين وتاريخها".. مؤكدا أن الجماعة "لم تكن في يوم من الأيام إلا قوة أمن وسلام واطمئنان لهذا الشعب، ولم تحمل يوما شعارات التخريب ولا المغالبة ولا المكاسرة".
ورفض المراقب العام الحديث عن "إعادة تأهيل الأسد في مرحلة انتقالية مستقبلية بعد ما قتل الآلاف من السوريين ودمر سوريا".
وعلى الصعيد الداخلي، أكد المراقب العام أن "جماعة الإخوان المسلمين في الأردن لا ترتهن في قراراتها لجهات خارجية، مشددا على "سلمية الجماعة في منهجها".
وكشف المراقب العام عن "100 تعديل سيطال قانون الجماعة تتضمن آلية انتخاب المراقب العام".
وفي ما يأتي كامل الحوار:
* نبدأ من المشهد المحلي، نشهد صراعا على شرعية من قبل جماعة الإخوان والجمعية المستحدثة، كيف تنظرون إلى الشرعية؟ هل هي أوراق على الأرض أم إطار جماهيري؟
- المنازعة في الشرعية جاءت على خلفية قوة الجماعة، وكونها جماعة فاعلة في هذا البلد وتشكل رافعة بالعمل السياسي، سواء شاركنا أم قاطعنا، كما أنها تشكل ثقلا اجتماعيا كبيرا ممتدا في أرجاء هذا البلد من شمالها إلى جنوبها، وتنفرد ربما عن كثير من الحركات بأنها تشكل نسيجا اجتماعيا متكاملا، وكانت الرقم الأول في كل انتخابات تحدث في هذا البلد منذ سنه 1989.
منذ دخلنا الانتخابات، أصبحت القوانين تأتي لتكون موانع أمام حركتنا، وأمام نشاطنا، كقانون الصوت الواحد مثلا، الكل يعلم في الداخل والخارج أنه ما كان إلا للحيلولة دون هذه الجماعة، وأن تصل إلى عدد يوازن ويؤثر في الحياه السياسية والبرلمانية، لكن الشعب الأردني شعب مُسلم بينه وبين الجماعة كيمياء خاصة، جعلت هذا الشعب ينحاز في كثير من المواقف لهذه الجماعة.
لكن الحكومة استخدمت جميع الوسائل في محاولات تحجيم الجماعة عن طريق القوانين والتشريعات والإجراءات الأمنية. كل هذا لم يجد نفعا، وبقيت الجماعة صاعدة في انتشارها إلى أن جاءت هذه الفكرة الأخيرة التي يريدون من خلالها حرمان الجماعة من كونها تنظيما رسميا مرخصا.
أظن أن التلاعب بورقة الترخيص، لن يؤثر في بنية الجماعة وامتدادها ونجاحاتها، وكينونتها؛ لأن الذين ينتمون إليها ينتمون من خلال العقيدة التي يعتقدونها، ومن خلال مواقف هذه الجماعة على مدى الزمن بتبني قضايا الأمة وحاجاتها وحاجات الشعب الأردني.
اسأل أي مواطن أردني عن أداء نواب الحركة الإسلامية، سيقولون لك إنهم كانوا نواب وطن يعبرون عن آمالنا وحاجاتنا، بمعنى أن طعم النائب الإخواني يختلف عن طعم غيره، وفي الحقيقة هذا كما قلت يؤكد رسوخ هذه الجماعة في المجتمع، سواء من باب قوة أفرادها فيما يعتقدون أم من خلال العلاقة بين الإخوان وبين أبناء الشعب الأردني.
بالتالي أقول بأن هذه المحاولات الأخيرة هي شكل آخر من محاولات التحجيم والتهميش والتهشيم لهذه الجماعة، وها نحن نمضي قرابة السنه تقريبا في هذه المشاريع الجديدة التي داهمونا فيها والجماعة لم تتراجع ولم تنحسر في دورها ومكانها، ونحن ندعو الرسميين والحكومات في هذا البلد إلى أن يعودوا إلى سيرة وتاريخ هذه الجماعة، فهي لم تكن في يوم من الأيام إلا قوة أمن وسلام واطمئنان لهذا الشعب، ولم تحمل يوما شعارات التخريب ولا المغالبة ولا المكاسرة.
الجماعة دائما تريد أن تقدم الخدمة للناس، وأن تصل المسلمين بشؤون دينهم، وتؤكد على الالتزام بقضايا الأمة المصيرية كالقضية الفلسطينية والمسجد الأقصى وما يتهدد فلسطين الآن من عملية تهويد، وهذا التهويد لا يتوقف عند حدود نهر الأردن، فهو برنامج طويل ممتد مستمر. إذا كنا نظن أن الخطر اليهودي تراجع في هذا الوقت، فنحن واهمون، بل إنه يتقدم وهو الذي يكسب في جميع الجولات.
* هل للحكومة الأردنية يد في إنشاء الجمعية الجديدة؟
- أعتقد أن إنشاء هذه الجمعية هو عمل وطلب رسمي وهو محاط بالعناية والرعاية الرسمية، والتدرج في خطواتها خطوة خطوة كان على عين الجانب الرسمي وإشرافه المباشر، ولذلك نحن لا نبرئ هذا العمل من أن يكون بالمجمل عملا فيه تدخل في الأفكار الرئيسة وفي التفاصيل الجزئية.
لكن نحن نريد أن نفصل بين هؤلاء وبين الإخوان الذين لهم اعتراضات على بعض الأمور ويحاولون إيجاد شكل من أشكال الشراكة في موضوع القيادة وفي المكتب التنفيذي وفي هيئة الجماعة بشكل عام، وكحال أي حزب وتجمع هنالك أغلبيه تقرر، وهنالك أيضا أقلية قد تكون معارضة وقد تأخذ في معارضتها أشكالا متنوعة، ولكن هذه المعارضة تبقى في حدودها المقبولة في حدود الجماعة الواحدة.
لكن! عندما نتكلم عن الجمعية المرخصة حديثا، فإننا نتكلم عن جهة أخرى خرجت من الجماعة بل وانقلبت على هذه الجماعة، وتحاول أن تستبدل هذه الجماعة بجمعية أخرى وبجهة أخرى لها شعاراتها ولها برنامجها وأسلوبها، وهذا الأسلوب بعيد جدا عن أسلوب الإخوان المسلمين.
* هل هذا يعني أن الباب اُغلق باتجاه أي مصالحة معهم؟
- العودة تعني أن يتخلى هؤلاء عن برنامجهم، أي لا يوجد لقاء على برنامجين، برنامج الجماعة وبرنامج هؤلاء، ولكن من يتخلى عن برنامجه ولم يعد له صلة بمثل هذه الأمور فباب الجماعة مفتوح.
* هل هناك هيمنة من جماعة الإخوان في مصر على الجماعة الأردنية بتوجهاتها وقراراتها وأفكارها؟
- لم تكن هذه الجماعة في أي وقت من الأوقات تابعة لأي تنظيم خارج الأردن، العلاقة بيننا وبين الإخوان في مصر هي علاقه روحية وجدانية وعلاقه فكرية.
الأفكار التي آمن بها الإخوان في مصر نحن آمنا بها، كاستئناف الحياة الإسلامية والعمل على الوحدة بين البلاد العربية والعالم الإسلامي، وإيجاد سوق مشتركة والتفاهم في القضايا الكبرى التي تهم المسلمين، والعلاقة بين أعضاء الدول العربية من خلال ميثاق الجامعة العربية.
لذا، فإن علاقتنا مع الإخوان في مصر علاقة فكرية وجدانية، ولم تكن تنظيمية، بمعنى أنه لم يكن لإخوان مصر دور في اختيار القيادات في الأردن، ولا يوجد شيء اسمه المراقب العام ينتظر اعتمادا من القاهرة أو أن القاهرة تشرف على انتخابات مجلس الشورى، أو أن لها رأيا في أن يدخل الإخوان الانتخابات أو يقاطعوها. هذا لم يكن موجودا على الإطلاق، بل إن الشواهد كثيرة.. فحتى الأربع سنوات الأخيرة لدينا، كان مكتب الإرشاد تكتب إليه شكاوى وكان يعطي رأيا وكانت الجماعة تقول إن هذا الرأي لا نأخذ به؛ لأننا أعرف بشؤوننا وبأمور بلدنا وأمور تنظيمنا، فلا بوجد على الإطلاق شيء من التابعية أو أن قرارنا مرهون بقرار جهة خارجية.
من جهة أخرى، نحن بدأنا منذ أكثر من عامين بإعداد مشروع قانون جديد للجماعة، وهذا المشروع نص في مادته الأولى عدم وجود علاقة بين الجماعة وأي جماعة أخرى سواء في القاهرة أو غيرها، وتنص المادة على أن الجماعة أردنيه ذات اهتمامات محلية وخارجية لا علاقة لها بأي تنظيم بقرارها وبإدارتها.
* ما هي أبرز بنود هذه التعديلات؟ وهل شخصيتك كمراقب عام كانت خلافية؟
- أولا، بالنسبة للتعديلات الجديدة على قانون الجماعة فإن الحاجة كانت ضرورية للتعديل؛ كون آخر نسخة من هذا القانون اتفقت الجماعة على بنوده سنة 1978، ومنذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا فإن التعديلات التي طرأت على القانون طفيفة وقليلة، مقارنة مع التطور الكبير للجماعة.
جماعة الإخوان المسلمين انتقلت في هذه الفترة من جماعة إلى مجتمع، فهي لم تعد جماعة قليلة العدد قليلة التأثير أقسامها محدودة وأجهزتها قليلة، لقد كبرت هذه الأجهزة توسعت الدوائر، وأصبحت امتداد الجماعة الآن واسعا، سواء في قطاع النساء أم في قطاع الشباب والطلاب والمهنيين والنقابيين.
ولعل جماعة الإخوان المسلمين أكبر الجماعات على مستوى العالم الإسلامي التزاما بالنهج الديموقراطي والشورى في تشكيل قياداتها، لكن كنا في فترة من الفترات إذا أردنا أن ننتخب مجلس الشورى تجتمع الهيئة العامة في مكان واحد وتنتخب عضو مجلس شورى أو أكثر من عضو في جلسة واحدة، لكن الآن في التعديل الجديد إذا أردنا أن ننتخب أعضاء مجلس شورى فقد نحتاج إلى اجتماعات كثيرة، وإلى لقاءات متعددة على أكثر من مرحلة، بمعنى أن حجم الجماعة أصبح كبيرا يقتضي تغييرات جوهرية في طريقة الانتخاب في وطريقة الترشيح.
وكان سابقا اختيار المراقب العام عن طريق مجلس الشورى حيث يجتمع أعضاء مجلس الشورى وهم 53 عضوا ويختارون المراقب العام، 27 صوتا أو 28 أو حتى 30 صوتا، بأغلبية اثنين أو ثلاثة مثلا، لكن الآن مع اتساع الجماعة فيجب أن يكون انتخاب المراقب العام من خلال مؤتمر لعدد كبير أو من خلال المجالس الشورية الكثيرة.. أصبح الآن في كل شعبة مجلس استشاري، لهذا نقول: لماذا لا يأتي المراقب العام من خلال حشد جيد من قيادات الإخوان بحدود 500 أو 1000 أو أكثر، حتى تقدم مراقبا عاما منتخبا تكون شرعيته غير محكومة بواحد أو اثنين من الأصوات الفارقة؟
ولدينا كذلك تعديلات تخص قطاع الشباب. خفضنا سن دخول الشباب للمراكز القيادية إلى 21 سنة، وهي كافيه أن يكون الشاب ناخبا و23 أو 25 أن يكون منتخبا وأن يكون عضو مجلس شورى، الآن لدينا شريحة كبيرة بالآلاف لا تصل إلى المجالس القيادية، في حين أنه عند تخفيض هذا السن فنجد أنه مكن الشباب من الوصول إليها.
الأمر كذلك بالنسبة للمرأة.. يجب أن يكون لها دور في مجالس الشورى، كما يجب أن يكون لدينا مجلس قضائي مستقل لا يخضع حتى لمجلس الشورى، ويكون كسلطة قضائية، وهيئة مستقلة للانتخابات تشرف على عملية الانتخابات وتديرها في الجماعة. هذه الإصلاحات كثيرة وربما تحتاج 100 تعديل على قانوننا الأساسي.
أما بخصوص شخصية المراقب العام وما إذا كانت خلافية، فهذا شيء قديم في الجماعة، لكننا محكومون في نظام يغير في هذه القيادات كل أربع سنوات، ثم تأتي دورة جديدة ويأتي مراقب عام جديد، وهناك تشريعات تحدد دورات المراقب العام في دورتين فقط.. حتى إذا كان هذا المراقب العام لا يعجب أحدهم فسيأتي الوقت ويتغير المراقب، وبالنسبة لي هذه آخر دورة، وما هي إلا أشهر وتنتهي فترتي، وأنا حريص أن يأتي الوقت لينتهي دوري، لأفسح المجال لأخ آخر.
* كيف تعمل الجماعة بالأردن في ظل منع الفعاليات والحصار الذي امتد إلى أملاك الجماعة؟
- نحن معتادون على هذا الحصار، وليس جديدا على جماعتنا، فمنذ الثمانينيات كانت تحاصر المصليات وتلقى فيها الأتربة، وأذكر مثالا عندما قررنا قبل سنوات تنفيذ فعالية للتضامن مع العراق وقت الاحتلال الأمريكي، حيث امتلأت ساحات مجمع المحطة بسيارات النضح وسيارات الأتربة، فهذا الأمر ليس بجديد، ومع هذا إذا حيل بيننا وبين فعالية، فإن لدينا القدرة على القيام بعشر فعاليات أخرى، فعلى سبيل المثال منعوا إفطارا بشهر رمضان وبدلا منه أقيمت عشرات الإفطارات.. من قال إن نشاطنا هذا يختزل في مكان أو في مصلى عيد أو ما شابه ذلك؟
* الحكومة الأردنية أنجزت مسودة قانون انتخاب وصفته بـ"القفزة الإصلاحية".. كيف ترى مسودة القانون؟ وهل فعلا النظام الأردني جاد بالإصلاح؟
- الجدية أو عدمها لا نحكم عليها إلا بعد تجربة، وليست الجدية فقط بالقانون وإنما بالإجراءات التي تليه، ونحن اعتدنا على وجود أمور يرتكبها الجهاز الحكومي في حق الانتخابات، والأمر غير محتاج إلى شرح.. قضية التزوير كانت تحدث بأشكال مختلفة ومتنوعة.
لكن، إذا أردنا أن ننظر إلى هذا القانون نظرة منصفة، فإننا نقول إنه خرج من نطاق الصوت الواحد، ولكن لم يبتعد كثيرا عنه، لأننا ما زلنا نعيش ضمن الدوائر التي لا تنشئ نواب وطن، ما زالت هذه الانتخابات تدور ضمن دوائر صغيرة ومغلقة، لكنها لا شك في أنها خطوة باتجاه الخروج عن موضوع الصوت الواحد وربما نشعر بشيء من الارتياح من هذا الخروج.
لكن القانون بحاجة إلى جملة من التحسينات، كنا نتمنى مثلا أن يكون الأردن كله دائرة واحدة، وهنالك تجارب كالمغرب، فهي تقوم بانتخابات على اعتبار أن المغرب كله دائرة واحدة، وبالتالي فإن الأحزاب تتنافس بمشاريعها، هذه القضية أصبحت الآن عالمية والذي يتأخر عن هذا السلوك أو الأسلوب العالمي أصبح متخلفا، الأصل فيمن يريد أن يحاكي الأنظمة الانتخابية في العالم أن يجعل البلاد كلها دائرة واحدة.
هناك دعاوى بأنه لا يوجد في الأردن أحزاب ولا توجد حياة حزبية، فالحياة الحزبية لا توجد إلا من خلال قوانين ومن خلال بيئة ملائمة، لذا نتمنى أن يكون هذا القانون متجها باتجاه جعل الأردن دائرة حتى ولو على الأقل أن تكون كل محافظة أو كل ناحية معينة دائرة، ويجب أن لا تكون هذه الدائرة نسبية لأن النسبية هنا محدودة الأثر، بينما لو كانت نسبية على مستوى البلد فلا ضرر، أما النسبية على مستوى المحافظات أو الأقاليم الصغيرة فهذه مشكلة. ومن الملاحظات على مسودة القانون أنه لا يوجد حد للحسم في هذه الدوائر، لذلك فإننا لدينا اعتراضات كثيرة على هذا القانون علما بأننا مرتاحون لمغادرة الصوت الواحد.
* هل من الممكن أن نجدكم تحت قبة البرلمان بعد تعديل القانون؟ وهل أضرت المقاطعة بالجماعة؟
- مقاطعتنا هي التي دعت المُشرع ليغادر الصوت الواحد مسودة القانون، المقاطعة أفادت لأنها جعلت صاحب القرار يفكر بأن يشرك الشعب في الانتخابات التي أصبحت في الدورات الماضية مهزلة من قلة المشاركة.
بالنسبة للمشاركة في الانتخابات نحن الآن أمام مشروع قانون، وهو ما زال في مجال الدراسة والحوار والرأي، ولدينا فيه آراء كثيرة واعتراضات وتصويبات، وإن شاء الله ستتم دراسته في مجالسنا الشورية التنفيذية حتى نصل إلى رأي نهائي وهو لا يأتي إلا بعد أن يصبح القانون في صورته الأخيرة.
* الهجمة عليكم في الأردن جاءت بالتزامن مع حملة على الإخوان في مصر والسعودية والإمارات، بتقديرك هل اتخذت الدولة الأردنية إجراءات بحق الجماعة في سياق هذا التحالف العربي؟
- أتصور أن الموقف ناشئ عن محاولة الحد من انتشار الجماعة وبروزها كقوة جماعية بالبلد، ونحن هنا في هذا البلد كأنه محظور على أي حزب أو جماعة أن يكون لها دور فاعل في حياة المجتمع الأردني، ويراد دائما لهذه الحركات وهذه الأحزاب والتجمعات أن تكون محدودة التأثير ومحدودة الدور.
من جهة أخرى لا شك أن هناك تناغما بين هذه الدول التي انقضت على الربيع العربي، وكما هو معروف أنه كان للإخوان دور كبير في الربيع العربي، ولا سيما في الأردن.. والمتتبع لحركة الإخوان في الأردن يجد أن الربيع العربي بدأ قبل أن يبدأ حتى في تونس وفي ليبيا ومصر، نحن من سنة 2005 قدمنا مشروع الإصلاح وبدأنا نتحرك في هذا الموضوع.
* لكن ألا تشعرون بأن هناك تباينا بموقف هذه الدول من جماعة الإخوان؟ السعودية مثلا في ظل العهد الجديد هي أكثر انفتاحا على الجماعة؟
- أقول الآن إن الوضع يختلف من سنة تقريبا، يعني أنها كانت الأمور مغلقة في كثير من البلاد، وكانت معظم الأنظمة تتجه نحو وصف للجماعة بالإرهاب، لكن جاءت أحداث جديدة أبرزت دور الجماعة بالإصلاح وتقديم الخير للناس والدفاع عن قضايا البلد والبلاد الأخرى.. يعني أن دور الإخوان المسلمين في اليمن مثلا كان دورا مهما جدا في إعادة اليمن إلى دائرتها العربية والإسلامية والوقوف أمام الأخطار التي لم تكن تستهدف اليمن وحدها بل تستهدف الجزيرة العربية كاملة.
وكذلك الحقيقة في دور الإخوان المسلمين في معظم بلاد العالم؛ كان واضحا بالوقوف أمام المد الإيراني الذي استفحل في بعض الدول وكاد يكون قد حولها إلى غنيمة لصالح إيران، وأيضا بوقوف حركة حماس في مواجهة الخطر اليهودي والصهيوني على أرض فلسطين، كل هذه الأمور جعلت العقلاء يفكرون بعقولهم وينظرون إلى الواقع الحقيقي لهذه الجماعة أنها تشكل ضرورة لواقعها العربي والإسلامي، وأنها ليست عبئا على هذا الواقع.
ولعل الدولة السعودية في حكمها الجديد كانت أول من التفت إلى هذا الدور وهذه المعاني، ولم يقتصر الأمر على اللقاء بيني وبين وزير الأوقاف، فقد كانت هناك لقاءات عديدة تمت ولقاءات إيجابيه أظهرت أن هنالك من يقرأ الجماعة قراءة جيدة وهنالك من ينظر إلى دورها في المستقبل.
* جماعة الإخوان المسلمين معتدلة، لكن ألا تعتقد أن استمرار سياسات بعض الدول قد تدفع جماعات عرفت بالاعتدال والسلمية باتجاه حالات تطرف في مواجهة الأنظمة؟
- نحن لا نتصرف وفقا لردود الفعل، ولن يحملنا ظلم ذوي القربى على أن نبحث عن أمور أخرى من باب النزق والبحث عن خيارات غير مقبولة مطلقا ولا منسجمة مع فكرنا.
نحن سنبقى مع فكر هذه الجماعة، هذا الفكر القائم على التعاون والبر والمرحمة، وأن نكون دائما عنوان أمن وسلام لمجتمعاتنا، لذلك فإننا عندما نعارض ضمن الأطر السلمية، لا نستخدم في معارضتنا لا عنفا لفظيا ولا عنفا ماديا، ويبقى شعارنا هو التعاون استجابة لقوله تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).. لذلك، فنحن سنبقى دائما وأبدا حراسا لهذا الفكر المعتدل المتزن الذي يقود الشباب دائما إلى حالة الوسطية والاعتدال.
* السلمية المطلقة شيء متى يمكن للجماعة أن تخرج عنه؟ مصر كمثال، فيها عمليات قتل وتنكيل وتعذيب وإعدامات.. هل يوجد شروط للخروج عن السلمية في وضع ما؟
- نحن نطالب دائما الأنظمة أن تبقى ملتزمة بعهودها ومواثيقها، وأن تلتزم أيضا بالقانون وبالحريات الأساسية للمواطنين والمحافظة على كرامة الإنسان فيها وتحقيق ما يحتاجه الناس من حياة كريمة.. وما بقيت هذه الحكومات تلتزم بهذا الشيء فلا مبرر لأي عنف، ونحن نعتقد أن الإخوان المسلمين مواطنون في دولهم ومجتمعاتهم، والسقف الذي يصلون إليه هو السقف الذي يكون إذا رأوا منكرا أن ينكروه بألسنتهم وقلوبهم وبتنظيماتهم وبتشكيل القوى السياسية القادرة على أن تكون فاعلة في مجتمعاتهم، لتحويل هذا الفساد المالي والإداري إلى رشد في حياة البلاد والعباد.
* بخصوص الملف السوري وبعد فشل أمريكا في برنامج دعم المعارضة المعتدلة للحرب على الإرهاب، كثر الحديث عن دعم وإعادة تأهيل الأسد وعن مرحلة انتقالية، ما رأيك؟
- الذين قتلهم الأسد أكثر بآلاف المرات من الذين قتلهم غيره، ولا أدري كيف يمكن تأهيل هذا المجرم الذي أصبح كتلة من الإجرام في حق شعبه وحق أمته وحق المسلمين جميعا في الأرض، هذه سوريا أرض البركة والخير والعطاء دمرها حجرا وشجرا وبشرا، ولم يبق فيها شيء إذ إنها تحتاج إلى مئات السنين لتعود إلى ما كانت عليه.. وبالتالي فإن موضوع التأهيل وموضوع الدور وما شابه ذلك هذا كله كلام غير مقبول، وهذي الدول التي تحاول إعادة الأسد تحاول إعادة المجرم بثوبه الجديد من إجرام أشد مما كان عليه.