في يوم قريب بإذن الله سيأتي رئيس مصري من أبناء ثورة يناير المجيدة، سيحكم باسم هذه الثورة، وسيعمل جاهدا من أجل تحقيق أهدافها، وذلك بعد أن تتحرر مصر من حكم العسكر، وسوف يلقي هذا الخطاب في الأمم المتحدة.
بسم الله الرحمن الرحيم
السيدات والسادة الحضور ...
ويا شعوب العالم المتحضر ...
السلام عليكم ورحمة الله ...
فقد وقف على هذه المنصة من قبلي جيفارا، ومانديلا، وعلي عزت بيجوفيتش، وغيرهم من زعامات العالم الحر، الذين حملوا مشاعل الحرية والعدل.
ولكن الحقيقة المرة أن كثيرا ممن وقفوا على هذه المنصة لم يكونوا مثل هؤلاء العظماء، لقد وقف عليها أيضا مئات القتلة، والسفاحين، ومجرمي الحروب، ومنتهكي الأعراض، وكان منهم رؤساء مثلوا بلدي العظيم مصر، وقد صفقتم لبعضهم، وبعضهم جلبوا مصفقيهم معهم.
هذه المنصة التي أقف عليها اليوم لم تمانع في أن يعتليها أكبر الإرهابيين والقتلة والمجرمين، لو عاد هتلر للحياة لاعتلاها، لو عاد جنكيزخان، وهولاكو، ونيرون ... لما وجدوا خيرا من هذه المنصة، ولرحب بهم هذا المنبر، ولا شك أنهم سوف يستطيعون أن يتكيفوا مع الوضع الدولي الظالم الذي نعيشه حاليا.
أيها السادة الحضور..
يا شعوب العالم المتحضر..
إن قيم الحرية والعدالة الاجتماعية لم تجد في تاريخ البشرية كيانا يتحيز ضدها مثلما وجدت في هذه المنظمة، إنها منظمة الأنظمة ضد الشعوب، منظمة الأغنياء ضد الفقراء، منظمة الأقوياء ضد الضعفاء.
لقد كانت – وما زالت – منظمة تنصف القوي الغني في اعتدائه وبشكل فوري، بينما تُسوِّف في إعادة حق الضعيف الفقير أعمارا وأعمارا، مهما كان حقه واضحا جليا.
هذه المنظمة لم تُعِدْ حقا لمظلوم، ولم تردع ظالما عن ظلمه، بل كانت في أغلب الأحايين مخلبا ينهش لحم الشعوب المسالمة، وكانت هذه المنصة التي أقف عليها اليوم مسحوقا يجمل وجوه مئات الطغاة الذين قتلوا شعوبهم !
لقد أصبحت منظمة الأمم المتحدة عبئا على شعوب العالم المستضعفة، خاصة بعد أن أقرت المنظمة عشرات الاتفاقيات الاقتصادية التي تقنن سيطرة الشركات العابرة للقارات على اقتصاديات الشعوب النامية، وبعد أن قبلت بإلصاق تهم الإرهاب الفضفاضة بحركات مقاومة للاحتلال والطغيان، وبعد تحول كثير من المؤسسات التابعة للأمم المتحدة إلى مؤسسات فاسدة سياسيا وماليا، فاستخدمتها الأنظمة الفاسدة لتصفية حساباتها مع المعارضين السياسيين، وهو ما أغرى مؤسسات دولية أخرى تتعاون مع الأمم المتحدة مثل الإنتربول بممارسة الأمر نفسه، فأصبح الإنتربول وسيلة لإرهاب آلاف المعارضين السياسيين بلا أدنى حياء.
إن منظمات مثل منظمة الصحة العالمية، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة وغيرها من المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، وغيرها ... كان بإمكانها جميعا أن تقدم للبشرية خدمات جليلة، ولكنها – للأسف الشديد – لم تخدم إلا من يمول، ولم تقف في صف إلا من يملك الدبابات والطائرات المقاتلة، وأصبحت مع مرور الوقت مجرد واجهات للتفاخر، ومكاتب ومميزات للعاملين.
أيها السادة الحضور..
يا شعوب العالم المتحضر..
لقد شاهد أبناء بلدي منذ تأسست هذه المنظمة عشرات المرات مندوبي الدول التي سمت نفسها دولا عظمى في مجلس الأمن وهم يرفعون أياديهم بحق الفيتو ... هكذا ... بإشارة واحدة يحكم على شعوب كاملة بالتشريد لعشرات السنين، كما حدث مع الفلسطينيين، بذراع مرفوعة لمندوب دولة سميتموها عظمى ... تحرم شعوبا كاملة من الاستقلال، ومن حقها في تقرير مصيرها، وتشتعل الحروب التي يقتل فيها الأطفال والنساء والشيوخ، بطائرات ودبابات وأسلحة الدول العظمى التي ترفع ذراعها في مجلس الأمن، كلما حاولت الشعوب الضعيفة أن تستقل أو أن تتحرر.
لقد أصبح كوكب الأرض مجرد سوق للسلاح الذي تنتجه الدول العظمى، فيقتل به الضعفاء في سائر بقاع الأرض، فإذا حاولت هذه الشعوب أن تغير من واقعها، نرى مندوب دولة "عظمى" يرفع ذراعه بالفيتو معترضا على حق البشر في الحياة !
أيها السادة الحضور ...
يا شعوب العالم المتحضر ...
لم يعد بإمكاننا السكوت أكثر من ذلك !
لقد أصبحت الأمم المتحدة عبئا على البشرية ... وإذا استمرت الأمور على ما هي عليه، فإنني أخشى أن تتحول هذه المنظمة إلى أكبر تشكيل عصابي إجرامي دولي مقنن في تاريخ البشرية، وهذا عار على سائر الشعوب التي تعرف معنى الإنسانية، واستمرار الدول (غير العظمى) في عضويتها يعتبر تواطؤا على شعوبها الكادحة.
إن المسافة بين ميثاق منظمة الأمم المتحدة وممارسات المنظمة على الأرض يقاس بملايين السنين الضوئية، وبقاء هذه المنظمة طوال هذه السنوات مع اتساع الفارق كل يوم بين النظرية والتطبيق يكاد يحولها منظمة صنعتها الحكومات القوية لكي تتمكن من السيطرة على العالم، ويكاد يقول لنا إن الأمل في إصلاح هذه المنظمة شبه معدوم.
إن سيطرة الحكومات القوية على هذا الكوكب تتم بطرق ثلاث:
الأولى : بالحروب العسكرية المباشرة ... وقد ذاقت بلدي مصر من هذه الحروب ويلات وويلات، ولكن بفضل الله ثم بفضل تصميم شعبنا العظيم تمكنا من تجاوز هذا الخطر.
الطريقة الثانية : بالانقلابات العسكرية ... وقد عاشت بلدي مصر أكثر من ستين عاما تحت حكم هذه الانقلابات، في ظل تواطؤ دولي كامل، ولكن شاء الله أن يقوم الشعب المصري بثورة يناير العظيمة في عام 2011، تلك الثورة الخالدة التي أنهت ما يقرب من سبعة عقود من الحكم العسكري المستبد.
الطريقة الثالثة : بمنظمة الأمم المتحدة !
ومن خلال الأمم المتحدة تتحق السيطرة الاقتصادية والسياسية والقانونية التي تغني كثيرا من الدول العظمى عن الحروب، وتوفر عليها الكثير والكثير من الأعباء.
هذه المنظمة تمنح صك الشرعية الدولية للمجرمين، وهو صك تمنحه القوى العظمى عبر سيطرتها على الأمم المتحدة لمن تشاء من الأنظمة المستبدة.
لكل هذه الأسباب، ولغيرها مما لا يخفى عليكم ولا مجال لذكره، ومن فوق هذه المنصة التي وقف عليها كثير من أشرار العالم، وقليل من أخياره ... أعلن الآتي:
أولا: سوف أتقدم بصفتي رئيسا لجمهورية مصر العربية فور عودتي إلى القاهرة بطلب عقد جلسة استثنائية للبرلمان المصري لبحث تعليق عضوية مصر في الأمم المتحدة، وفي سائر المنظمات الدولية التابعة لها لمدة ثلاث سنوات، على أن يتم البت في مسألة الانسحاب النهائي من هذه المنظمة في نهاية تلك المدة.
ثانيا: التواصل مع سائر دول العالم – باستثناء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن – من أجل تكوين منظمة بديلة، تلتزم بالميثاق العالمي لحقوق الإنسان، وتلتزم بحقوق الشعوب الضعيفة، مع بحث إمكانية التعليق الجماعي لعضوية دولنا في الأمم المتحدة، أو الانسحاب الجماعي منها إذا استدعى الأمر.
ثالثا: الدعوة لتكوين لجنة من الحاصلين على جائزة نوبل للسلام من أجل صياغة ميثاق جديد للمنظمة الجديدة، بشفافية كاملة، وبمشاركة شعبية عالمية غير محدودة بأي قيود، على أن يكون أساسه المساواة بين الدول، وعدم إعطاء أي وضع استثنائي لأي دولة، سواء كان بسبب تمويلها للمنظمة، أو بسبب امتلاكها لأدوات الإرهاب.
أيها السادة الحضور..
يا شعوب العالم المتحضر..
لقد آن الأوان لتغيير الواقع الدولي الذي نعيشه، ذلك الواقع الذي حول العالم إلى غابة يأكل القوي فيها الضعيف، ذلك الواقع الذي يبارك أن تقوم الانقلابات العسكرية بتمويل من القوى العظمى، فنرى ذئبا خسيسا على رأس السلطة، يفتك بشعب مسالم، ثم يأتي هذا الذئب ليقف على هذا المنبر ... فلا يحظى من المجتمع الدولي سوى بالشرعية والتصفيق.
يا كل شعوب العالم ... أقولها من هذا المنبر الذي اعتلاه الشرفاء والأشقياء:
لا فرق بين إنسان وإنسان ... حق الحياة لكل الناس ... أوقفوا الحروب ... أوقفوا التدخل في شؤون الآخرين ... ارحموا الفقراء والضعفاء ... أوقفوا بيع السلاح للسفاحين ... أوقفوا خداع شعوب العالم وإثارة الأحقاد والفتن !
يا كل شعوب العالم ... آن لنا أن نعيش إخوة على هذه الأرض، وآن لنا أن ننتصر على كثير من حكوماتنا التي تمثل أسوأ ما فينا ... والسلام عليكم ورحمة الله.
موقع إلكتروني: www.arahman.net
بريد إلكتروني:
[email protected]