وصل الرئيس الفرنسي فرنسوا
هولاند، السبت، إلى طنجة، في زيارة للمغرب تستمر يومين، وصفتها باريس بأنها "زيارة عمل وصداقة" وتهدف إلى ترسيخ المصالحة بين باريس والرباط بعد "فترة صعبة".
وحطت الطائرة التي تقل الوفد الرئاسي الفرنسي في مطار مدينة طنجة الساحلية في شمال
المغرب. وكان في استقبال هولاند الملك محمد السادس.
وقال الرئيس الفرنسي في المطار: "أريد أن تدخل
فرنسا والمغرب في مرحلة جديدة من الشراكة"، آملا بأن يكون مستقبل البلدين "مثمرا إلى حد كبير".
وأضاف هولاند بعد مراسم الاستقبال التقليدية: "لدينا إرادة مشتركة للتحرك في أفريقيا، وكذلك لمكافحة الإرهاب الذي يظل أهم أولوية لدينا"، موضحا بالقول: "بعد فترة صعبة، حققنا الكثير من التقدم"، متمنيا مستقبلا "خصبا جدا" في العلاقات الثنائية.
وفي وقت لاحق، تحدث وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عن "مناخ ممتاز مع درجة عالية من الثقة بين الملك والرئيس"، قائلا: "حقيقة لم يكن هناك أي تصدع، بل كانت هناك لحظة توتر، ولكن كل شيء أصبح وراءنا، وإذن، لن نتكلم في الموضوع".
وعبرت منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان، الخميس، عن قلقها من أن تشكل زيارة هولاند فرصة لمنح وسام جوقة الشرف إلى المدير العام للأمن الوطني المغربي عبد اللطيف حموشي، في حين نفى مقربون من الرئيس رسميا احتمال تسليم وسام جوقة الشرف خلال زيارة الرئيس الفرنسي، مؤكدين أن هذه المعلومات "لا أساس لها"، لكن دون الإشارة إلى مبدأ منح الوسام.
وكان وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف أعلن بنفسه في شباط/ فبراير الماضي أن باريس ستمنح قريبا حموشي وسام جوقة الشرف لدوره في مكافحة الإرهاب.
وعلقت الرباط كل اتفاقات التعاون القضائي مع باريس منذ شباط/ فبراير 2014 إلى كانون الثاني/ يناير 2015، بعد استدعاء حموشي من قبل قاض للتحقيق في باريس ينظر في عدة شكاوى تقدمت بها منظمات حقوقية.
وأدت سلسلة من الخلافات الدبلوماسية إلى تفاقم الأزمة، قبل أن ينهي هولاند الخلاف باستقباله الملك محمد السادس في السادس من شباط/ فبراير بعد توقيع اتفاق قضائي جديد مع المغرب.
وتعتبر باريس أنه "تم طي صفحة" هذا الخلاف؛ إذ قال دبلوماسي فرنسي: "منذ أشهر لم نعد في مرحلة مصالحة، بل في استئناف لعلاقات قوية جدا".
لكن الانتقادات لم تقف عند هذا الحد، فعشية زيارة هولاند أدانت منظمة "مراسلون بلا حدود" ما أسمته "الوضع الحالي لحرية الإعلام" في المغرب"؛ حيث إن انتقاد موضوعات من المحرمات -مثل النظام الملكي ووحدة الأراضي- يمكن أن يؤدي إلى عقوبات كبيرة".
من جهته، أدان الحزب الشيوعي الفرنسي الزيارة قائلا: "زيارة غير مرحب بها في بلد يسوده الفساد والإفلات من العقاب، ويتفاقم فيه التفاوت الاجتماعي والفقر، وتطال أحكام السجن الديموقراطيين والنقابيين".
ومع ذلك، يريد الرئيس الفرنسي تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، خصوصا بعدما انتزعت إسبانيا من فرنسا مكانتها كشريك تجاري أول للمغرب.
لكن باريس تبقى الشريك الاقتصادي الأول للرباط بفضل حجم استثماراتها التي تبلغ "نحو 12 مليار يورو"، بحسب باريس.
وسيزور هولاند الذي سيلتقي عاهل المغرب مرارا، رفقة الملك محمد السادس، موقعا لصيانة عربات القطار السريع المقبل بين طنجة والدار البيضاء، الذي يفترض أن يفتتح في 2017 و2018، وقد سلمت المجموعة الفرنسية الستوم في حزيران/ يونيو أول عربة إلى المغرب، كما سيزور مرفأ طنجة ثاني أكبر موانئ المغرب ونقطة العبور المهمة بين أوروبا وأفريقيا.
وقال دبلوماسي فرنسي إن "هاتين الورشتين تمثلان إلى حد كبير هذه الرغبة في الشراكة في الإنتاج" بين فرنسا ومحميتها السابقة، مضيفا أنه "لم يعد هناك شكوك بفرض رعاية. نحن في منطق تعاون وشراكة".
وسيكون المناخ على جدول أعمال المحادثات؛ إذ إن هولاند سيوقع مع الملك المغربي "نداء طنجة"، تمهيدا لمؤتمر المناخ الذي سيعقد في باريس في كانون الأول/ ديسمبر المقبل.
وسينظم المغرب المؤتمر التالي للمناخ، وهو أول دولة في المغرب العربي تقدم مساهمتها مع هدف الاعتماد بنسبة 42 بالمئة على الطاقات المتجددة بحلول 2020.
وسيضع هولاند والعاهل المغربي حجر الأساس لمعهد تأهيل مرتبط بالطاقات المتجددة وفاعلية الطاقة، كما سيلتقي الرئيس الفرنسي رئيس الوزراء عبد الإله بنكيران.
ويرافق هولاند وفد يضم خمسة وزراء ورؤساء مجموعات كبرى، بينها تاليس والستوم وايجيس وسيسترا وشركة سكك الحديد الفرنسية (إس إن سي إف)، وكلها مهتمة بمشروع سكك الحديد، وكذلك بويغ ومجموعة النقل البحري سي إم آ-سي جي إم ورينو، المجموعات التي تشارك في ورشات الإصلاحات في مرفأ طنجة.
كما يرافقه ممثلون لشركة الكهرباء وسويس وفيولا ولافارج من أجل قضايا المناخ.