في قصة لا مثيل لها، سوى في الأفلام والروايات الرومانسية، تكلل حب مصطفى ودوندو التركيان، بنهاية سعيدة، تمثلت في زواجهما، بعد قصة حب استمرت 77 عاما.
عام 1938 وفي قرية صغيرة في ولاية قهرمان مرعش، جنوب الأناضول التركي، دقّ قلب مصطفى قره كويون، الذي كان عمره آنذاك 15 عاما، بالحب لأول مرة، وكانت الحبيبة الفتاة دوندو كيراش التي تكبره بثلاثة أعوام.
وبلهفة العاشق الشاب، الذي يتذوق تلك المشاعر للمرة الأولى، أخبر مصطفى والده برغبته في
الزواج من دوندو، وقوبل طلبه بالرفض القاطع الذي حطم آماله.
يقول مصطفى، لمراسل الأناضول: "شعرت بالصدمة، وكدت أفقد رغبتي في الحياة، ومن ثم التحقت بالجيش".
عاد مصطفى إلى قريته من الجيش بعد أربع سنوات، ليجد دوندو قد تزوجت ورزقت بطفل، وهو ما جعله لا يطيق البقاء في القرية، فانتقل إلى مدينة غوكسون، ليبدأ فيها حياة جديدة ويتزوج وينجب أطفالاً، هو الآخر.
كان من الممكن أن تنتهي القصة هنا، كالكثير من قصص الحب ذات النهايات المبتورة، إلا أن القدر كان يخبئ لمصطفى ودوندو نهاية غير متوقعة.
توفيت زوجة مصطفى وكبر أولاده، فانتقل للعيش في بيت
المسنين في منطقة إلبستان.
وفي أيامه الأولى هناك اقتربت منه إحدى النزيلات لتقول له: "مصطفى ماذا تفعل هنا؟".
يقول مصطفى: "نظرت إليها وقلت لها: أنا لا أعرفك، من أنت؟ فقالت لي: أنا دوندو، كيف لا تعرفني؟".
ومن هنا بدأ فصل جديد في الحكاية، تبادل فيه المحبان المسنان حكايات 77 عاما من الفراق، وحاولا التخفيف عن بعضهما البعض، ومن ثم قررا أن يعقدا زواجهما المؤجل منذ ثلاثة أرباع القرن، وقوبل قرارهما برفض الأبناء هذه المرة.
تأثرت دوندو كثيرا باعتراض أبنائها، وباتت تبكي كثيرا، وتقول لمصطفى: "خذني بعيدا، أنقذني من هنا"، ولم يتحمل مصطفى حزنها فحاول الهروب معها من بيت المسنين في إحدى الليالي، إلا أن المشرفين اكتشفوهما وأعادوهما.
استدعى مدير بيت المسنين مصطفى، وأخبره بخطأ ما فعله، وكان رد مصطفى: "إذا لم تزوجوها لي فسأهرب معها، لا خيار آخر". وصمم مصطفى هذه المرة على أن لا يعيقه شيء عن الزواج من حبيبته.
عندما وصلت القصة إلى رئيس بلدية غوكسون، حسين جوشكون آيدن، تأثر بها وقرر التدخل، ونجح في إقناع أبناء مصطفى ودوندو بالموافقة على زواجهما.
أخيرا، وبعد انتظار دام لعقود، تزوج الحبيبان، وانتقلا ليعيشا في منزلهما، بعد أن تجاوزا التسعين من العمر.
يعبر مصطفى عن مشاعره بالقول: "أنا سعيد جدا، الحمد لله، جمعني الله في النهاية بحبيبتي، أسأل الله أن يجمع كل المحبين، ولو بعد 80 عاما".
ورغم عدم قدرة دوندو على الكلام باستفاضة، بسبب شعورها بالتعب، فإن الابتسامة، التي لا تفارق وجهها، تعبر بشكل واضح عن شعورها بالسعادة التي انتظرتها طويلاً.