للمرة الثانية في غضون خمسين عاما، يجتاح حلزون أفريقيا العملاق أجزاء من
فلوريدا، وهو حلزون كبير الحجم يلتهم مئات أنواع النبات وقد يشكل أكله خطرا على الصحة.
والقضاء على هذا الحلزون ليس بالأمر السهل، بل إنه يحتاج وقتا. فمنذ اكتشاف هذه الرخويات النهمة في ميامي العام 2011، فقد أنفقت ولاية فلوريدا 11 مليون دولار للقضاء عليها.
ورغم هذه الجهود، فقد شقت هذه
الحلازين طريقها إلى ضاحية ميامي الجنوبية وإلى منطقة مجاورة. توتكاثر هذه الرخويات بشكل كبير؛ فكل واحدة منها تضع 1200 بيضة تقريبا سنويا.
وقد أفلتت حتى الآن من كريات السم التي تقضي عليها بنسبة 95 إلى 100% من الحالات وذلك بتسلقها الأشجار، على ما أوضحت ماري يونغ كونغ العالمة في وزارة
الزراعة في فلوريدا التي تحتفظ في مكتبها بعينة من هذه الحلازين لدراستها.
وقد علقت قائلة فيما يحتل حلزون راحة يدها بالكامل ويوجه قرنيه باتجاهها: "إنها حيوانات فضولية جدا".
وتدخل هذه الحلازين في حالة السبات تحت التربة، ما يجعل من العثور عليها أمرا عسيرا. وخلال الاجتياح الأخير لها عام 1966، فقد احتاجت السلطات إلى حوالي عشر سنوات للقضاء عليها.
وضمن المساعي المبذولة في هذه المعركة، فقد وضعت السلطات خطا هاتفيا مخصصا للتبليغ عن رؤية أحد هذه الحلازين ليأتي بعدها فريق يضع أفراده القفازات ويتسلحون بممشاط، لنزعه.
وقد جندت الوزارة كذلك كلبين من نوع لابرادور لرصد الحلازين. وهي تستخدم خصوصا لتأكيد القضاء على الحلازين بعد حملة رش لمواد كيميائية، على ما أوضح عمر غارسيا أحد مدربي هذه الكلاب.
وحتى العام 2014 كانت السلطات تظن أنها أحرزت تقدما في عملية القضاء على هذه الحلازين. لكن في أيلول/ سبتمبر 2014، اكتشفت في حي راق في ميامي منزلا وقد احتلته بالكامل تقريبا هذه الحلازين العملاقة مع وجود خمسة آلاف منها داخل المنزل وفي الحديقة. وقالت ماري يونغ كونغ: "كان المنزل جنة للحلازين" غير مسبوقة.
وقد تم القضاء في السنوات الأربع الأخيرة على 158 ألف حلزون، إلا أن السلطات لا يمكنها إعلان خلو فلوريدا من هذه الرخويات العملاقة إلا في حال لم يعثر على أي منها في الطبيعة لمدة سنتين.
وتشكل هذه المعركة تحديا كبيرا لثاني ولاية زراعية في الولايات المتحدة بعد كاليفورنيا. فهذه الحلازين وأصلها من مناطقة رطبة في غرب أفريقيا تلتهم مئات الأنواع من النبتات بما في ذلك الشمام والفول السوداني.
وأوضح مارك فاغان الناطق باسم وزارة الزراعة في فلوريدا، أنها "تشكل خطرا على الناس والزراعة في فلوريدا. لا يمكننا أن ندعها تتكاثر".
ويساهم قطاع الزراعة بحوالي مئة مليار دولار في اقتصاد هذه الولاية ويوفر عشرات آلاف الوظائف.
ويمكن للحلازين الضخمة أن تنقل طفيلية قد تصيب البشر بنوع نادر من التهاب السحايا مع أن أحدا لم يصب حتى الآن بها.
ولا يزال الغموض يلف مصدر هذا الاجتياح الثاني. البعض يشير بأصابع الاتهام إلى ديانة من منطقة الكاريبي تعرف باسم "سانتيريا" تستعين بهذه الحلازين في بعض طقوسها.
إلا أن آرنيستو بيتشاردو، وهو من اتباع هذه الديانة وخبير بشؤونها، يرفض هذا الاتهام مشددا على أن سانتيريا تكتفي بأنواع الحلازين المحلية.
وثمة احتمال آخر مرتبط بالممارسات الدينية لمجموعة يوروبا اللاتينية الأفريقية. وقال بيتشادرو إن أتبعاها يشربون المادة المخاطية لهذه الحلازين العملاقة بحثا عن شفاء روحي.
ولا يتوافر أي دليل قاطع على ذلك، فيما يدفع منع استيراد الحلازين العملاقة أتباع هذه الممارسات إلى التكتم الشديد.