نشرت مجلة " ماريان " الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن
الاتفاق العسكري المفاجئ بين
اليونان وإسرائيل، الذي يسمح للجيش
الإسرائيلي بالتدريب داخل الأراضي اليونانية، مقابل توفيره الدعم اللازم لليونان الذي يعاني من أزمة الديون.
ولفتت المجلة في هذا التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى تعارض هذا الاتفاق مع ما أعلنه
حزب سيريزا في الحملة الانتخابية من دعم للقضية الفلسطينية، كما ذكرت أن الإعلان عنه كان قد تم الاثنين الماضي، في بيان لم يلفت الانتباه، رحب سلاح الجو الإسرائيلي من خلاله بالتدريبات الواسعة التي شهدتها سماء اليونان أواخر تموز/ يوليو الماضي.
وأشارت "ماريان" إلى تنوع طائرات الأسطول الجوي الحربي الإسرائيلي الذي حلق في سماء اليونان، في تدريبات اعتبرها المقدم والقائد العسكري الإسرائيلي، ماتان، على درجة من الصعوبة، نظرا لطبيعة التضاريس الجبلية التي لم يتعود عليها جنوده، معربا عن سروره لاكتشاف فضاء تدريبي جديد.
من جهته، لم يخف قائد القاعدة الجوية لاريسا، التي احتضنت العملية بمنطقة ثيساليا، حماسته، مبرزا أهمية النشاط العسكري اليوناني الإسرائيلي المشترك، لما له من انعكاس "إيجابي" على أمن وسلامة الدولتين، وتطوير التعاون بين الجيشين.
وفي هذا السياق، قالت المجلة إن الاتفاق العسكري كان قد أبرم في الـ 19 من تموز/ يوليو الماضي بتل أبيب، حيث وقعته حكومتا بنيامين نتنياهو وحزب ألكسيس تسيبراس الذي فاز في الانتخابات الأخيرة.
كما لفتت إلى الدور المحوري الذي أدّاه وزير الدفاع اليوناني باناجيوتس كامينوس، ومؤسس الحزب اليميني المتطرف " يونانيون أحرار"، وحليف "سيريزا"، في الدفع نحو هذا الاتفاق، الذي أبرمه مع نظيره الإسرائيلي لوشي يالون، من حزب الليكود.
وذكرت أنه يمنح الحصانة للجنود الإسرائيليين، من أي تبعات قضائية، كتلك التي تثيرها جمعيات حقوقية على خلفية انتهاكات الجيش الإسرائيلي خلال عدوانه على غزة، كما ينص على التنسيق بين الجيشين، في بادرة لم يسبق إبرامها مع أي دولة أخرى عدا الولايات المتحدة الأمريكية.
من جهته، أعرب يالون لكامينوس عن تقديره لزيارته في ظل "الظروف العسيرة التي تمر بها اليو نان (...) مما يؤكد أهمية العلاقات بين البلدين ". وتناولت زيارة وزير الدفاع اليوناني لإسرائيل مسألتي التعاون في المجال الصناعي العسكري والأمن البحري.
كما تطرق الطرفان للنقطة المحورية التي تركز عليها الاستعدادت العسكرية؛ وهي خوف إسرائيل من إيران، الذي تنامى أكثر من أي وقت مضى بعد المصادقة على الاتفاق النووي، الذي أثار غضب بنيامين نتنياهو؛ حيث صرح وزير الدفاع بأن إيران هي السبب الرئيسي وراء "انعدام الاستقرار بالمنطقة، بسبب دعمها للإرهاب في الشرق الأوسط".
وأشارت المجلة إلى دعم الحزب اليميني المعتدل "يونانيون مستقلون"، للموقف الإسرائيلي؛ إذ حذر الحزب من وجود اليونان على مرمى الصواريخ الإيرانية، وهو ما اعتبره الكاتب خوفا غير مبرر، وحجة واهية، لأن إيران لم تقدم يوما على تهديد اليونان.
كما ذكرت أن هذا المنعطف الدبلوماسي لا يعد مفاجئا؛ فقد سبق وقام الطيران العسكري الإسرائيلي بتدريبات في اليونان، في نيسان/ أبريل وأيار/ مايو الماضيين، غير أن نسق التعاون بين البلدين شهد ارتفاعا ملحوظا في السنوات الأخيرة.
وفي إشارة للوضع الفلسطيني "الإسرائيلي"، قالت المجلة بأن هذا الاتفاق يأتي في فترة عصيبة بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، غير أن مراقبين دوليين شككوا في أن تستهدف هذه التدريبات العسكرية، قطاع غزة مستقبلا.
وبالتوازي مع هذه المستجدات الدبلوماسية بين اليونان وإسرائيل، نشرت إحدى اللجان التابعة للأمم المتحدة، تحقيقا مستقلا تتهم فيه الجيش الإسرائيلي، بارتكاب جرائم حرب، وهو ما أكده التقرير الأخير الصادر عن منظمة العفو الدولية، الذي اتهم الجيش الإسرائيلي بتعمد قتل العديد من المدنيين في غزة.
وكان رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس، قد أعرب مرارا عن دعمه للقضية الفلسطينية في حملته الانتخابية؛ حيث ندد بالقمع الذي يتعرض له الفلسطينيون، مؤكدا ضرورة التحرك لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، وحذر اليونانيين من "أن ما يدور الآن على الضفة المقابلة من المتوسط، يمكن أن يحدث يوما هنا"، حسب تعبيره.
وفي هذا السياق، اعتبرت المجلة الاتفاق العسكري أكثر غرابة بسبب برنامج سيريزا الانتخابي الداعم للقضية الفلسطينية بقوة، حيث كان من المنتظر أن يوقف الحزب بعد وصوله للسلطة أي تعاون مع إسرائيل، متسائلة عن السر وراء انقلاب الحزب على قناعاته ووعوده الانتخابية.
من جهة أخرى، أحالت ماريان على الدور المحوري الذي أدّاه وزير الدفاع اليوناني في إبرام هذه الاتفاقية، حيث استغل أزمة الديون وانغماس بلده في المفاوضات مع مجموعة اليورو للذهاب إلى تل أبيب، ليقوم بتوقيعها، في بادرة فردية، أفصحت بعض قيادات حزب سيريزا للمجلة، عن عدم علمها بها.
وأكدت الصحيفة على توالي المؤشرات التي تحيل على السير نحو توطيد العلاقات بين البلدين بمباركة من رئيس الوزراء اليوناني، الذي كان قد لمح إلى بوادر مصالحة مع إسرائيل، وهو ما أكدته زيارة وزير خارجيته، نيكوس.