أشاد رئيس هيئة علماء
اليمن ورئيس جامعة "الإيمان" بصنعاء، عبد المجيد
الزنداني، بالتدخل العسكري في بلاده، والذي قادته السعودية ضد جماعة "أنصار الله" المعروفة إعلاميا بـ"
الحوثي".
وقال الزنداني، عضو الهيئة العليا لحزب التجمع اليمني للإصلاح، في حوار مع الأناضول، من مقر إقامته بالسعودية، إن "التدخل العسكري كان فضلا من الله، وإنقاذا لشعبنا من مؤامرة عدوانية حاكها خبراء متمرسون، ونفذها الحوثيون ومعظم الحرس الجمهوري التابعين لصالح، الذين دمروا اليمن".
وحول أسباب سيطرة الحوثيين على عدد كبير من المدن في وقت قصير، أرجع الزنداني ذلك إلى "عنصر المبادرة والمفاجأة، مع استغلال الفقر والبطالة، وخيانة بعض الجهات، وقبول التواطؤ".
وعن توجهه إلى الإقامة في السعودية بعد خروجه من اليمن، أوضح أن ذلك يعود "لتبني المملكة قضية بلاده وشعبه، وإيمانها بحقوق الجوار، ونصرة من استنجد بها".
وفيما يأتي نص الحوار:
* أين كان الشيخ الزنداني مختفيا منذ سقوط صنعاء بيد الحوثيين في أيلول/ سبتمبر الماضي؟
- عندما احتل الحوثيون والحرس الجمهوري، جامعة الإيمان، انحزنا إلى الفرقة العسكرية المجاورة للجامعة، ولحظة الهجوم على الفرقة تسربنا من بين صفوف الحوثيين الذين كانوا يطوقون المكان، وتوجهنا إلى بيت غير معروف للخصوم، وبقينا فيه قرابة نصف شهر، إلى أن توجهنا إلى تعز، ولم تعترضنا أي نقطة تفتيش على الرغم من كثرتها، والحمد لله.
وصلنا إلى تعز واختفينا في عدد من البيوت، ولم يشعر بنا أحد لمدة عشرة أشهر، حيث كان الرصاص الطائش من الأسلحة المتوسطة، خلالها، يصل بين الحين والآخر إلى منازل المواطنين.
* كيف تمكنتم من الخروج والتوجه للسعودية رغم انتشار الحوثيين؟ ولماذا اخترتم المملكة؟
- آثرت البقاء في اليمن، طوال تلك المدة، حتى لا تهتز معنويات أبناء الشعب، والمقاومة، وحتى لا يشعرون أنهم تُركوا وحدهم، وعندما اهتمت السعودية بالقضية اليمنية، ودعت رجالات اليمن إليها في مؤتمر الرياض، رأيت أن العمل لإنقاذ بلادنا مما حل به من المصائب والفتن، يستدعي مساهمتي في هذا الأمر، مع قوى الشرعية والمقاومة، لتحرير أرضنا من تسلط الانقلابيين وظلمهم لشعبهم، فقررت الخروج من تعز.
خرجنا رغم علمنا بأن هذه المحاولة قد تودي بحياتنا، حيث كان علينا تجاوز نقاط التفتيش في أربع محافظات يتغلب عليها الحوثيون، فمررنا بثلاثين نقطة تفتيش، وكنا على متن أربع سيارات متفرقة، دون أي توقف.
وعندما شعرنا بأننا تجاوزنا مناطق الخطر، واجهتنا النقطة الـ31 التي استوقفتنا، وسألوا أفرادها من أنتم؟ من أين جئتم؟ إلى أين تذهبون؟ وماذا تريدون؟ فأجابهم المرافقون بوضوح تام، فارتفعت أصواتهم قائلين: أهلا يا شيخ عبد المجيد، العفو منكم، وإذا بهذه النقطة هي الأولى للمقاومة في مأرب.
ولقد اخترت السعودية، لأنها تبنت قضية اليمن وشعبه، وبذلت أقصى ما لديها، وفتحت بابها لجميع القيادات اليمنية، لإيمانها بحقوق الجوار، ونصرة من استنجد بها، وظهرت نتائج جهودها جلية في جميع الساحات والميادين العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية.
* بعد سيطرة الحوثيين على جامعة "الإيمان"، هل جرت مفاوضات بينكما لاستعادتها؟ولماذا تم استهداف الجامعة؟
- كنا نرجو أن نجد من يتوسط بيننا، للخروج من الجامعة، بلغنا عنهم أنهم يقولون لبعض الوسطاء إن هذا أبعد من عين الشمس، أما لماذا يحاربون الجامعة؟ فهذا لأنها تعلم طلابها كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وتعتمد الكتب التي أجمع عليها أهل السنة، ولأن المشايخ المتخرجين فيها يصطدمون مع أفكار الحوثيين.
* ما هو سر قوة الحوثيين المفاجئة والتي مكنتهم من السيطرة على معظم المدن اليمنية بما فيها العاصمة صنعاء؟
- الفقر الذي يدفع إلى البحث عن مصادر للعيش، والبطالة الكبيرة التي حملت الكثير من أبناء اليمن إلى الاغتراب خارج وطنهم، والجهل بالدين وأحكامه، والتخطيط المبكر لسد هذا الفراغ في غفلة من الشعب، وتواطؤ من الرئيس السابق، وأجهزة حكمه، والتدخلات الخارجية التي أعانت مليشيات الحوثي على تحقيق أهدافها.
ولو أن ظروفي في اليمن كانت تمكنني من أداء الواجب مع المقاومة في خدمة ديني وبلادي، وإنقاذ شعبنا مما حل به، لما خرجت من البلد.
* وما السبب في سيطرتهم على عدد كبير من المدن في وقت قصير؟
- عنصر المبادرة والمفاجأة، مع استغلال الفقر والبطالة، وخيانة بعض الجهات، وقبول التواطؤ.. ولعل هذه العقوبة تكون تمحيصا لصفوف الشرفاء من أبناء الشعب ونخبه القيادية، وقد كان هذا الاجتياح السريع سببا في إيقاظ معظم أبناء الشعب، وكما تمكن الحوثيون من سرعة بسط تسلطهم، ستكون السرعة بإذن الله في هزيمتهم.
* هل كانت علاقتكم بجماعة الحوثي هي نفسها منذ البداية أم تغيرت بشكل دوري؟ وكيف يمكنكم تقييم تلك الجماعة؟
- تمكن الحوثيون من خداع الكثير من أبناء الشعب ونخبه السياسية التي ساعدته في التسويق لمخططاته وبرامجه، وكان علماء اليمن يتوجسون خيفة، ويرجون أن يتخلى الحوثي عن انحرافاته العقائدية وعدوانه وظلمه، وكلما مرّ الوقت ازداد الأمر جلاء ووضوحا، وظهر صحة ما كنا نتوجسه ونخشاه من قبل هذه الجماعة وحليفها السابق وأنصاره.
* ما موقفكم من قيام قوات التحالف الذي تقوده السعودية بالتدخل العسكري في اليمن؟
- التدخل العسكري كان فضلا من الله، وإنقاذا لشعبنا من مؤامرة عدوانية حاكها خبراء متمرسون، ونفذها الحوثيون ومعظم الحرس الجمهوري التابعين لصالح، الذين دمروا اليمن حكومة وشعبا وجيشا وأمنا وقبائل وأحزابا ومنظمات، وأرادوا أن يجعلوا من البلد قاعدة عدوان على جيرانها وخاصة السعودية، فهبت دول التحالف للقيام بواجب الإخوّة الإسلامية، وحق الجوار، ونصرة المظلوم، والدفاع عن النفس، فأحيت الأمل في نفوس شعبنا.
وقام التحالف بالإغاثة الإنسانية، وتبنت المملكة برنامجا كبيرا في هذا المجال، وكذلك قطر وبقية دول الخليج، ونتوقع الخير من هذه الدول، وكذلك الدول العربية والإسلامية بل ودول العالم كله، بما تقدر عليه.
وإلى جانب ذلك، قامت دول التحالف، بجهود كبيرة ناجحة على المستوى السياسي والدولي، وقد أصدرت هيئة علماء اليمن بيانا مؤيدا لعاصفة الحزم، وأن التحالف محل قبول ورضا عند عامة الشعب الذي خرج في مظاهرات كبيرة مؤيدة له.
* يتساءل الكثيرون: لماذا لا توجد مقاومة مسلحة ضد الحوثيين في مناطق القبائل شمال اليمن، فيما تقتصر على الجنوب وبعض مناطق الوسط؟
- أُخذ الشعب في المحافظات الشمالية على غرّة، لكن المقاومة لم تختف من تلك المناطق، وما زالت تقوى ويشتد عودها، وتمتد لتشمل مناطق جغرافية جديدة، كما هو حاصل في الجوف وعمران وصنعاء وحجة، وغدا إن شاء الله، نتوقع انتصارات لهذه المقاومة.
* هل الاتفاق الذي عقده الحوثيون مع الرئيس السابق صالح، طويل الأمد؟ وما هي العوامل التي من شأنها الجمع بين الطرفين؟
- الرئيس السابق كان حريصا على تقليص نفوذ المعارضين له خصوصا حزب الإصلاح، وفي محافظة صعدة تبنى تأييد الحوثيين وتمكينهم، لإضعاف نفوذ الحزب في المحافظة، كما كان يتبنى دعم جماعة الحوثي بالمال والسلاح وغيرها من وسائل الدعم، وما نسمعه الآن من أنه يريد أن ينفك عن الجماعة بعد نجاح عاصفة الحزم، ومرحلة إعادة الأمل التي أفقدته كل ما بناه من علاقات مع جيرانه، وأنه على استعداد للتبرؤ من الحوثيين ومحاربتهم، لا يلقى قبولاً في الداخل والخارج، لكثرة خداعه وأكاذيبه.
* هل اليمن الذي تنشط فيه القاعدة والحوثي والحركة الجنوبية، في طريقه إلى الانقسام؟
- هناك مخططات تسعى لتقسيم جميع دول العرب والمسلمين، وإثارة ما يسمى بالفوضى الخلاقة بين شعوبها، لتحقيق ذلك، وهناك قوى محلية تخدم هذه التوجهات الخارجية، لكنها بإذن الله سوف تفشل في ذلك عندما نكون أقوياء في ديننا، ووعينا، والحرص على وحدة أراضينا، وإقامة العدل، ونشر الأمن في ربوع بلادنا.