قال مختصان في الشأن الفلسطيني، إن حملة
الاعتقالات السياسية التي تشنها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية ضد
حركة حماس في
الضفة الغربية، تضر بالمصالحة الفلسطينية، وتخلق حالة من عدم الثقة بين الطرفين، وتمنح الاحتلال فرصة لمزيد من العدوان على الفلسطينيين.
وأوضح المحلل السياسي فايز أبو شمالة، أن حملة الاعتقالات التي اشتدت في الأيام الماضية، تؤكد أن
السلطة الفلسطينية تعد التنسيق الأمني مع الإسرائيليين "أمرا مقدسا يضمن لها البقاء"، معتبرا أن ذلك بمثابة "الضربة القاسمة لأي شكل من أشكال
المصالحة الوطنية الفلسطينية".
دور وظيفي
وأضاف أبو شمالة لـ"
عربي21": "يجب أن يكون الرد على الاعتقالات منسجما مع حجم الضرر الذي يلحق بالقضية الفلسطينية"، متهما أجهزة السلطة بـ"تلقي الأموال من أجل القيام بدور وظيفي يتمثل في مثل هذه الاعتقالات".
وقال إن السلطة الفلسطينية "لا تتأثر بمقتل الفلسطينيين على يد جنود الاحتلال، ولكنها في الوقت ذاته تغضب وتتحرك لمقتل المستوطنين اليهود على يد المقاومة الفلسطينية"، مشيرا إلى قيام السلطة بإرجاع المستوطنين الذين يدخلون المدن الفلسطينية بالضفة عن طريق "الخطأ" إلى جيش الاحتلال، في الوقت الذي يقبع فيه قرابة ستة آلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال.
وتابع أبو شمالة: "هذا يدلل على أن دور السلطة ليس حماية المواطن الفلسطيني، وإنما حماية المستوطن الإسرائيلي المحتل، وأن المستوطن أصبح هو صاحب البيت، والفلسطيني بات إما قتيلا أو مطاردا".
من جهته؛ قال أستاذ العلوم السياسية مخيمر أبو سعدة، إن "الشعب الفلسطيني الذي يتناقض بشكل أساسي مع الاحتلال الإسرائيلي؛ يرفض الاعتقالات السياسية جملة وتفصيلا ووطنيا وإسلاميا"، مشددا على أن "الجهد الفلسطيني يجب أن يتركز على مقاومة الاحتلال؛ طالما أنه ما زال قائما".
فرصة للاحتلال
وأضاف أبو سعدة لـ"
عربي21" أن الاعتقالات "تؤدي إلى شرخ في العلاقات الوطنية الداخلية، وتخلق حالة من عدم الثقة بين الطرفين"، مبينا أن هناك "تراجعا كبيرا خلال الأيام الأخيرة في العلاقة بين حركتي
فتح وحماس".
وتابع: "حملة الاعتقالات في الضفة تضر بملف المصالحة الفلسطينية، وتمنح الاحتلال فرصة لمزيد من الإجراءات العدوانية ضد شعبنا وقضيتنا".
وأوضح أن الدافع الأساسي خلف حملة الاعتقالات الأخيرة "هو التوترات الأمنية الحاصلة في الضفة الغربية المحتلة، التي تسببت بها عمليات المقاومة ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه"، مشيرا إلى تنفيذ مقاومين فلسطينيين عمليات إطلاق نار وقتل مستوطنين بالضفة خلال شهر رمضان الحالي.
وعقب سلسلة العمليات التي نفذتها كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس؛ فقد أبلغ منسق شؤون المناطق الإسرائيلي يوآف موردخاي، وزير الشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ، بأن الاحتلال قادر على إعادة احتلال الضفة الغربية في غضون 24 ساعة، بحسب أبو سعدة الذي أشار إلى أن موردخاي "ألمح خلال اجتماعه بالشيخ؛ إلى وجود محاولات من جانب حركة حماس لزعزعة الأمن في الضفة الغربية".
وذهب إلى أن حملة الاعتقالات الأخيرة "جاءت كخطوة استباقية لقطع الطريق على الاحتلال، وإسقاط ذرائعه للقيام باعتقالات أو اقتحامات للمدن الفلسطينية"، مستدركا بالقول إن اعتقالات السلطة "لا تمنع قوات الاحتلال من ممارسة عدوانها اليومي على أهلنا بالضفة، أو اعتقالها عناصر المقاومة".
واستهجن أبو سعدة ما أسماه بـ"الخطاب الإعلامي التحريضي من جانب حركة حماس، ضد قيادة السلطة وأجهزة الأمن"، مشيرا إلى أنه "يؤدي إلى نتائج سلبية، فهو كالذي يصب الزيت على النار".
وكان القيادي في "حماس" النائب إسماعيل الأشقر، قد عبّر في تصريح له السبت الماضي، عن خشيته من أن تصبح الأجهزة الأمنية في الضفة "هدفا للمقاومة" بسبب استمرار حملة الاعتقالات.
وفي المقابل؛ قال محافظ نابلس، القيادي في حركة فتح بالضفة، أكرم الرجوب، أمس الاثنين، إن "كل حمساوي سيكون هدفا للأجهزة الأمنية"، ما دفع الناطق باسم "حماس" سامي أبو زهري إلى القول في تصريح صحفي، إن تصريحات الرجوب "تدلل على أن حركة فتح تمارس مشروعا منظما لاستئصال حركة حماس بالضفة، وبما يخدم حاجات الاحتلال الأمنية".