نشرت صحيفة "هافنغتون بوست" الناطقة بالفرنسية، مقالا حول
مبادرة لحوالي 50 شابا وشابة من مسلمي
بريطانيا، تتمثل في تنظيم دروس في مكافحة ما يوصف بـ"التشدد الديني"، بهدف حماية الشباب الأوروبي من غسيل الدماغ الذي يقوم به
تنظيم الدولة على الإنترنت لتجنيد المقاتلين الأوروبيين.
وقالت الصحيفة، في هذا المقال الذي ترجمته "
عربي21"، إن هؤلاء الشباب يتطلعون إلى الخروج للشارع، واستعمال شبكات التواصل الاجتماعي، واقتحام المساجد والمدارس بعد نهاية هذا التدريب، بهدف مواجهة أنشطة تنظيم الدولة بـ"الكلمة والحجة".
وأشارت إلى أنه منذ أسبوعين؛ اجتمع حوالي 50 شابا وشابة من مسلمي بريطانيا في منطقة كيدرمينستر، بهدف تلقي التدريب والتكوين في كيفية مقاومة "الإرهاب"، وذلك عبر قطع الطريق أمام ما يوصف بـ"التطرف الديني"، ومكافحة ظاهرة "غسل الأدمغة التي يتعرض لها الشباب الناشئ، والتي تدفعهم إلى الالتحاق بالتنظيمات المسلحة في سوريا والعراق".
وأضافت أن "عملية غسيل الدماغ تعتمد على اللعب بمشاعر الشباب، وذلك عبر التركيز على الأوضاع الصعبة التي يعيشها المسلمون في جميع أنحاء العالم، وتقديم فكرة الالتحاق بالتنظيمات المسلحة كحل للتخلص من المعاناة، والعيش في كرامة ورفاهية، وكذلك بالترويج لعدة أفكار عنيفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والتباهي بالعمليات الدموية التي ترتكب باسم الإسلام".
واعتبرت الصحيفة أن ما تقوم به الدولة البريطانية وعدة منظمات مسلمة "لم يكن كافيا لمجابهة ظاهرة التحاق الشباب بساحات القتال، في ظل تواصل نفس السياسة التي تعتمد الحلول الأمنية، وتزيد من فرض الرقابة وتقييد الحريات، وهو ما يؤدي غالبا لنتائج عكسية".
وأوضحت أن "مشاعر الغضب التي تعتري
الشباب المسلم، وتجعله يقع فريسة للتنظيمات المسلحة؛ سببها تصرفات الغرب إزاء العالم الإسلامي، التي تتراوح بين الحضور العسكري في عدة دول إسلامية، ودعم الأنظمة الدكتاتورية في دول أخرى".
وقالت إن "العديد من المسلمين وغير المسلمين؛ غير قادرين على التمييز بين المتطرف وبين المسلم العادي، إذ يسري اعتقاد لدى كثير من غير المسلمين بأن الرجل الذي يعفي لحيته، أو المرأة التي ترتدي الحجاب، ومن يتجنب الكحول؛ هو شخص يحمل علامات التطرف".
وفي السياق ذاته؛ أكدت "هافنغتون بوست" أن "التطرف الديني أكثر من مجرد مظهر خارجي، بل هو مسار فكري معقد، يمر عبر نشر أفكار تدعو إلى العنف، وإقصاء كل من يحمل فكرا مختلفا، لينتهي الأمر بالعزلة والنقمة على المجتمع، والاستعداد لارتكاب أعمال مسلحة ضد كل من يوصف بأنه العدو".
وأشارت إلى أن المشاركين في هذه الدورة التدريبية؛ يعملون على اتباع ومعاينة منهج "برنامج من أجل السلام ومكافحة الإرهاب"، الذي وضعه الباحث محمد الطاهر القادري، ويحتوى هذا البرنامج الشامل على كل الوثائق الدينية التي "تدحض التشدد والعنف، وهي مأخوذة من مصادر معروفة وموثوق بها، ولا تقبل الطعن أو الجدل فيها"، على حد تعبير الصحيفة.
وأضافت أن هذه الوثائق "تدحض الأفكار التي يروج لها تنظيم الدولة، والتي من بينها مسألة شرعية تأسيس دولة باعتماد العنف والفوضى، وقانونية رفع السلاح على الدولة والنظام الجماعي الإسلامي، كما تبين المفهوم الحقيقي للجهاد بالاستناد إلى آيات قرآنية".
وأكدت أن هذا البرنامج يسعى إلى تأطير هؤلاء الشباب، ودعمهم لاكتساب المهارات المعرفية اللازمة لمواجهة هذا المشكل المتنامي؛ باعتماد الحجة والدليل، لتكون هذه المبادرة هي الأولى من نوعها في المملكة المتحدة وأوروبا، التي تسعى إلى محاربة هذه الظاهرة فكريا لا عسكريا.