كشف موقع "المونيتور" في تقرير أعده مات دافي، عن أن
الإمارات العربية المتحدة قامت بخلق مناخ أصبح فيه
النقد الداخلي للنظام غير موجود بشكل عملي، فيما يتم فيه استهداف أي نقد خارجي للنظام.
ويقول الكاتب إن المواطن الإماراتي العادي يعرف القوى
الأمنية، حتى وإن كانت تعبر عن مؤسسة غامضة. وينقل عن إماراتي قوله: "لو قلت الشيء الخطأ هنا لأتوا وأخذوك وجعلوك تختفي".
ويضيف دافي أن المؤسسة الأمنية القوية الغامضة تعمل خارج النظام القضائي، وتقوم باعتقال مواطني البلد، وتضعهم في السجون دون توجيه اتهامات لهم، ولا تقدم معلومات للعائلات عن مكان وجودهم ولمدد طويلة.
ويشير التقرير إلى أن الإماراتي عبيد يوسف الزعابي اختفى بعد أن أجرت قناة "سي أن أن" الأمريكية مقابلة معه، وبعد عام على اختفائه، أمرت محكمة بإطلاق سراحه؛ نظرا لوضعه الصحي. ومع ذلك لا يزال الزعابي معتقلا لدى الأجهزة الأمنية في مكان ما من البلاد.
وينقل الموقع عن إماراتي آخر قوله إنه يتذكر محاميا إماراتيا اشتكى وبشكل علني من الطريقة التي تتم فيها معاملة العمال الهنود، وانتهاك حقوقهم، وقد"اختفى دون وجود أي أثر له"، ولم تعلم عائلته لأشهر عن مكان احتجازه، ولكنه ظهر من جديد وقد غير نبرته.
ويستدرك الكاتب بأنه رغم هذه الممارسات كلها، فإن الشخص الإماراتي، الذي نقل عنه الموقع، يقول إن القوى الأمنية تتمتع باحترام واسع من الإماراتيين؛ لأنها تحافظ على أمن وسلامة دولة الإمارات، وقد عرف الناس الخطوط التي عليهم ألا يخترقوها.
ويبدو، كما يقول الموقع، أن هذا الإماراتي لم يسمع بالقضية التي تم فيها اختطاف ثلاث شقيقات إماراتيات. ويعلق الإماراتي هذا بالقول: "طبعا هناك عامل جهل موجود".
ويلفت التقرير إلى أنه بسبب عدم نشر الإعلام المحلي أخبارا عن ممارسات الأجهزة الأمنية، فلا مجال للحديث عنها، إلا من خلال "تويتر" وتطبيقات الهواتف الذكية مثل "واتساب"، ومن لا يتعامل مع هذه التطبيقات من الإماراتيين فلن يعرف عن تلك الممارسات.
ويذكر دافي أن اختفاء الشقيقات الثلاث جاء الشهر الماضي بعد أن تم استدعاؤهن إلى مركز الأمن للتحقيق معهن. والسبب هو كتابة الشقيقات تغريدات على "تويتر" تحدثن فيها عن الحكم غير العادل الذي صدر بحق شقيقهن. وكتبت إحداهن: "افتقد أخي"، بحسب الناشط في حقوق الإنسان، أحمد منصور. وأكدت أن شقيقها ليس مذنبا بعد أن قرأت نص الحكم. وكان هذا النقد اللين مدعاة للاعتقال ومن ثم الاختفاء.
ويبين الموقع أنه بعد ثلاثة أشهر من التعتيم على مكان وجودهن، أفرج عنهن دون توجيه اتهامات لهن أو ظهورهن أمام محكمة.
ويعلق الكاتب بأن الاعتقالات العشوائية تخرق عددا من المعاهدات والمواثيق الدولية، بما فيها البند 14 من ميثاق جامعة الدول العربية لحقوق الإنسان. ولم يتطرق الإعلام المحلي لقضية الشقيقات الثلاث، فيما أعلنت منظمة العفو الدولية "أمنستي" عن حملة لمتابعة قضيتهن.
ويورد التقرير أن قوات الأمن الإماراتية عادة ما تعتقل الإماراتيين الذين يتجرأون على نقد الدولة لعدة
أشهر قبل تقديمهم إلى المحاكمة بتهم تتراوح من إهانة الدولة إلى نشر الأخبار الكاذبة.
ويشير الموقع إلى المحرر في صحيفة "الغارديان" البريطانية براين ويتكر، الذي كتب عددا من الكتب، وله مدونة، وكتب كثيرا عن وضع حقوق الإنسان في الإمارات والجماعات التي "تصفق" لها، مثل "الشبكة الدولية للحقوق والتنمية". وأشار ويتكر إلى أن "مفوضها الأعلى" له سجل جنائي في بلجيكا، وأن مؤسسها أنشأ في السابق جامعة وهمية، وتحدث عن مصادر تمويل الشبكة المثيرة للشك، ورغبتها الدائمة لتبييض صفحة الإمارات في مجال حقوق الإنسان.
ويوضح دافي أنه بعد نشره سلسلة مقالات عن الشبكة بداية هذا العام، قال إن "هاكرز" حاولوا أكثر من مرة الدخول إلى حساباته، وتم وضع معلومات "بروفايل" مزيفة عنه، كما نشرت حسابات على "تويتر" معلومات غير صحيحة عنه، واتهمه شريط فيديو، لم يعرف مصدره، بأنه دفع مالا لرجل كي يمارس معه الجنس.
وأخبر ويتكر موقع "المونيتور" أن الهجمات عليه توقفت منذ ستة أسابيع، ومع أنه لم يوجه اتهامات للجهة التي تقف وراء الحملة عليه، إلا أن النتيجة المنطقية تفيد بأنها جاءت ودبرت من الأمن الإماراتي، بحسب الكاتب.
وينوه التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن صحيفة "نيويورك تايمز" تلقت هجوما شنيعا عليها من مؤسسة أمنية مجهولة، وذلك بعد نشرها تقريرا ناقدا كشفت فيه عن الأوضاع المزرية للعمال الأجانب في فرع جامعة نيويورك في أبو ظبي. وأثناء القيام بالتحقيق وجد مراسل الصحيفة ومساعده نفسيهما عرضة للمساءلة من محقق خاص، وحاول الأخير البحث عن معلومات سلبية عن المراسل الذي قام بدراسة أوضاع العمالة الأجنبية في فرع جامعة نيويورك في أبو ظبي أندرو روس، ورفضت سلطات مطار أبو ظبي السماح له بالعودة مرة ثانية لاستكمال تحقيقه "لأسباب أمنية"، وتم طرد مساعده من البلاد.
ويذهب الكاتب إلى أن المحكمة العليا في الإمارات حكمت بالطريقة ذاتها على خمسة قطريين بتهمة "إهانة الدولة"، عبر نشر الأخبار من خلال "تويتر" و"إنستغرام"، وقد أطلق سراح القطريين اللذين كانا في الإمارات بعفو رئاسي.
ويفيد التقرير بأن هناك طريقة أخرى لمنع وصول النقد للإمارات، وهي عدم السماح للأشخاص الذين يطرحون أسئلة غير مريحة عن البلد بالدخول إليها، فبالإضافة إلى مراسل "نيويورك تايمز"، فقد منعت باحثا في منظمة العفو الدولية وخبيرا أكاديميا انتقد البحرين من دخول البلاد. وفي عام 2012 طلبت من "غالوب أبو ظبي" ومنظمتين غير حكوميتين مغادرة البلاد.
ويختم "المونيتور" تقريره بالقول إن الهجمات الإلكترونية مجهولة المصدر، والتحقيقات الغامضة، والاعتقال السري ومنع النقد، خلقت جوا أصبح فيه النقد للدولة غير موجود، ويقول الكاتب: "إن عشت في الإمارات العربية المتحدة فإنك ستستمع بالراحة والجو الغربي، ولكن ليس بحرية التعبير المرتبط بالغرب وبقية أنحاء العالم"، مشيرا إلى أن سلطات الأمن بمحاولتها الحفاظ على الأمن تقوم بالسيطرة على الأصوات الناقدة داخل البلاد كلها، ولا تخضع لأي سلطة إلا سلطة الشيوخ غير المنتخبين الذين يحكمون البلاد.