سعي لإصلاح العلاقة بين أنقرة وموسكو.. وأكراد صوّتوا بالقوة

ناقشت الصحف التركية في عددها الصادر الاثنين قضايا عدة، جاء أبرزها لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الأذرية "باكو"، التي يزورها معظم قادة وزعماء العالم للمشاركة في حفل افتتاح دورة الألعاب الأوروبية الأولى. 

وبحسب الصحف، فعلى ما يبدو أن المسؤولين الروس سعوا كثيرا لإصلاح العلاقة بين أنقرة وموسكو عقب هذه التصريحات. 

ولا تزال قضية نتائج الانتخابات البرلمانية التركية تهيمن على ما يرد في الصحافة التركية من أخبار ومقالات رأي للصحفيين والكتاب الأتراك، لما لها من أهمية في تشكيل مستقبل البلاد، وفق ما يراه متابعون للشأن التركي. 

إصلاح العلاقة بين أنقرة وموسكو

أفادت الصحفية "سيفيل نوري ياوا" في تقرير لها في صحيفة "ستار" بأن انضمام بوتين للحفل المقام في العاصمة الأرمنية يريفان، واستخدامه لمصطلح "الإبادة الجماعية" بما يخص أحداث 1915، المتعلقة بالسياسية العثمانية تجاه الأرمن، أزعج أنقرة بشكل ملحوظ. 

ويبدو أن المسؤولين الروس سعوا كثيرا لإصلاح العلاقة بين أنقرة وموسكو عقب هذه التصريحات. وأوضح المسؤولون الروس، من ضمنهم الرئيس الروسي بوتين، أن الأمر شأن داخلي.

وبحسب الصحيفة، فإن اللقاء استحوذ على أهمية بالغة، لا سيما أنّها أتت بعد المشاحنات الكلامية بين قيادات الدولتين إثر إقرار بوتين بأحداث عام 1915 على أنها مجزرة بحق الشعب الأرمني.

وأكد التقرير أن تقرب روسيا لأرمينيا على حسب السياسة التركية وشروطها أمر صعب جدا، لأن تقرب روسيا لتركيا بهذا الشكل يعني قيام روسيا بالتنازل عن مصالحها الموجودة فوق أراضيي الأرمن وهذا أمر صعب. 

ويبدو أنه، مهما حدث ومهما انزعج جيران روسيا، فإن روسيا لن تقدم بأي خطوة تقطع خط تواصلها مع أرمينيا في الوقت الحالي.

وبحسب الصحيفة، فإن روسيا تعي جدا تأثير تركيا في المجتمعات الإسلامية الروسية والعلاقة الأخوية بينها وبين أذربيجان في القوقاز، وتأثيرها القوي على جورجيا، وسياستها، وتعرف جيدا كيف أن لتركيا علاقات جيدة جدا مع أوكرانيا في الوقت الحالي. 

كما أن روسيا تعي جيدا أن القائد التركي الذي يقف أمام بوتين ليس بالقائد العادي أو الهين، لذا فقد سعى الرئيس الروسي الذي يعرف جيدا أن حجم العلاقات التركية الروسية السياسية والاقتصادية قد تطورت بشكل كبير في عهد أردوغان، إلى بذل قصارى جهده لتقييم فرصة التقائه بأردوغان في العاصمة الأذربيجانية باكو.

وبحسب الصحفية، فإن بوتين سعى، من خلال هذا اللقاء، بكل جهده، إلى أن يزيل حالة الانزعاج التي سببتها زيارته الأخيرة للعاصمة الأرمنية يريفيان.

وعلى صعيد آخر، أورد التقرير أن العلاقات الجيدة مع روسيا من جانب تركيا مهمة جدا، لأن هناك الكثير من المواضيع السياسية والاقتصادية المشتركة بين الطرفين مثل: القضية السورية، وتتار القرم الذين تعود أصولهم إلى التركية، ومملكة الجبل الأسود العليا التي يتمركز فيها بعض الأتراك، إضافة الى قضايا وملفات أخرى. 

وترى الصحيفة أنه في حال استطاعت تركيا إقناع روسيا بالحياد عن التدخل في القضية السورية، فإن هذا يعد تقدما دبلوماسيا عظيما بالنسبة لتركيا. 

ولكن في الوضع الحالي، فإن من الصعب قبول روسيا لوقف التدخل في القضية السورية، ولكن الصحيفة ذكرت أن بوتين قائد له عدة خلافات مع أمريكا وأوروبا، وهو يواجه مقاطعة سياسية واقتصادية مُطبقة من طرفهم، لذا فهو قائد يعطي اهتماما كبيرا للعلاقات الجيدة مع أردوغان.

هل انتخب أكراد تركيا بإرادتهم؟

قال نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، ياسين أكتاي، في مقال له في صحيفة "يني شفق": "في مقالتي الأخيرة أكدت أنه يجب علينا ألا نسأل لماذا لم يعط قسم كبير من الأكراد، في شرق وجنوب شرق الأناضول، أصواتهم لحزب العدالة والتنمية، بل يجب علينا أن نسأل لماذا لم يستطع هؤلاء أن يدلوا بأصواتهم لحزب العدالة والتنمية. العملية الانتخابية التي حدثت في ظل السلاح والتهديد لا تعبر أبدا عن الإرادة الحقيقة للمواطنين الأكراد"، على حد قوله.

وعبر أكتاي عن أسفه قائلا: "للأسف، فقد استطاع حزب الشعوب الديموقراطي، عن طريق استخدام السلاح والتهديد فرض نفسه على الناخبين الأكراد وجعلهم يدلون بأصواتهم له، لتخطي السقف الانتخابي. هذه التهديدات والضغوطات يمكن استسقاؤها عن طريق شهادات المواطنين المقيمين في تلك المناطق".

وقال أكتاي: "لو أن حزبا آخر فعل هذا الفعل لقامت الدنيا ولم تقعد، ولبدأت الحملات الداخلية والدولية تندد بهذا الفعل، ولكن استخدام حزب الشعوب الديموقراطي لجميع أنواع الإرهاب والتهديد والضغط كان أمرا عاديا جدا، حتى إن الكثيرين من مفكرينا، الذين كانوا ضد حزب الشعوب الديموقراطي وأصبحوا بجانبه من أجل ضمان خسارة حزب العدالة والتنمية، لم نسمع منهم أي انتقاد بخصوص الإرهاب والتهديد الذي يمارسه حزب الشعوب الديموقراطي، من قتل وخطف للمواطنين المعارضين له، ومن جمع الأصوات تحت تهديد السلاح، والكثير من الأعمال الإرهابية التي قام بها هذا الحزب خلال الفترة الانتخابية"، وفق زعمه.

وتابع أكتاي: "بالنسبة لحزب الشعوب الديموقراطي، فإن الوضع كانت له أبعاد أخرى مختلفة تماما، بحيث إنه حتى لو لم يكن هناك ضغط للسقف الانتخابي، فقد كان على استعداد تام لتنظيف المنطقة من أي اختلاف إيدولوجي يخالف أهدافه، والنتيجة التي حصل عليها من الانتخابات تبين مدى تقارب مفهومه الديموقراطي من نظرة حزب البعث للديموقراطية".

وذكر أكتاي أنه في جميع الأنظمة البعثية نتيجة الانتخابات معروفة قبل أن تتم، فجميع نتائج الانتخابات تكون 95% لصالح الرئيس أو الدكتاتور، وتضمن هذه الأنظمة من خلال نتائج الانتخابات إعطاء صورة "خيالية" توحي بأن الشعب بأكمله من غير أي اختلاف إيدولوجي يقف خلف الحاكم.

ويرى أكتاي أن "حزب الشعوب الديموقراطي أيضا، أراد من خلال نتائج الانتخابات الأخيرة أن يبين لنا أن جميع الأكراد خلفه، وأنهم جميعهم يسبحون بحمده ويريدونه حزبا حاكما في المنطقة، وأن المنطقة الكردية لا تريد أي صورة أو صوت ينقل أفكار الأحزاب السياسية الأخرى".

اتحاد ضد "العدالة والتنمية"

قال الكاتب عبد الله شانلي داغ، في مقال له بصحيفة "يني عقد"، إنه يجب "قراءة نتائج الانتخابات جيدا، ويجب النظر إلى صورتها بشكل شامل". 

وأوضح أن "هناك الكثير من العوامل التي ساعدت على خفض نقاط حزب العدالة والتنمية في الانتخابات، منها تغيير القائد، وشرط الدورات الثلاث، والسياسة المتبعة تجاه القضية السورية، وتغيير الدستور، وعدم حل المشكلة العلوية والكردية لغاية الآن، وتعب حزب العدالة والتنمية وإهماله للحملات الانتخابية.. جميع هذه العوامل جعلت حزب العدالة والتنمية في حاجة للتحالف مع أحزاب تركيا القديمة".

وقال الكاتب إنه في حقيقة الأمر أن قرار حزب العدالة والتنمية للتحالف مع الأحزاب الأخرى قرار يخص الحزب نفسه، و"لكن أنا كمواطن لم أعط صوتي لحزب العدالة والتنمية ليتحد مع الأحزاب الأخرى ويشكل حكومة ائتلافية، وفي الأساس أعتقد بأن حزب العدالة والتنمية لم يهدف إطلاقا إلى النجاح بمستوى يجعله يؤسس حكومة ائتلافية، ولكن هذا قدر ويجب قبوله".

وأشار الكاتب إلى أنه وفي هذه الحالة دعوني أحلل الأمر بهذا الشكل: "هذه الانتخابات لها وجهان، وجه لنا ووجه للآخرين، فالوجه الناظر لنا يريد أ، يعطينا درسا خاصا هو: يا حزب العدالة والتنمية، جعلتك حزب الأغلبية مرة أخرى، ولم أتخل عنك بعد، ولكن لجعلك تستنتج أخطاءك وتعدلها، جعلتك هذه المرة تحتاج للآخرين لتأسيس حكومة ائتلافية".

وتساءل الكاتب: "هل الناخب أعطى الصلاحية التي لم يعطها لحزب العدالة والتنمية إلى الأحزاب الأخرى؟". 

وأجاب: "لا، بهذا الخصوص يمكن أن نقول إن هناك ظلما في نظام الانتخابات، وذلك بأن حزب العدالة والتنمية الذي استطاع تأسيس حكومة بمفرده بعد أخذه نسبة أصوات بـ 34% اليوم وبعد أخذه أكثر من 40% لا يستطيع تأسيس حكومة بمفرده، ما هذه الحصة التي تريد 276 نائبا لتأسيس الحكومة". 

وبحسب الكاتب، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: "لماذا حزب العدالة والتنمية على مدى فترة حكمه، التي استمرت لثلاثة عشر عاما، لم يعدل هذه الحصة؟ ولماذا لغاية الآن هناك سقف انتخابي يحدد بـ 10%؟ ولماذا لغاية الآن دستور إيفرين العسكري (الرئيس الأسبق) يحكمنا؟".
 
وتابع الكاتب: "دعمنا عملية سلام أو مصالحة وطنية، ومددنا يدنا لحزب الشعوب الديموقراطي ليتعاون معنا، ولكنه رد علينا بالسلاح والتهديد لمواطنينا في شرق وجنوب شرق تركيا، والآن هؤلاء الضعفاء أصبح لديهم نسبة 13% في المجلس".

ويرى الكاتب أن نتائج الانتخابات تفيد بأن "القومية الكردية اتحدت مع القومية التركية والقوى الخارجية، وأنها عملت بكل ما بوسعها لإنجاح هذا الاتحاد وتقويته كله، فقط من أجل قطع طريق التطور التي شرع بها حزب العدالة والتنمية منذ تسلمه الحكم، وللأسف نجحوا".

نزوح عرب وتركمان بسوريا لتركيا

أوردت صحيفة "صباح" في خبر لها أن تصريحات أردوغان التي قال فيها إن "طائرات الغرب تقوم بضرب العرب والتركمان في تل العبياد في سوريا، بشكل يشبه ما تفعله المنظمات الإرهابية الكردية (بي بي كا) و(بي يي دي)، أدت إلى تطورات وحقائق مدهشة تحاك من خلف الكواليس".

وبحسب الصحيفة، فإن العرب والتركمان المتواجدون بين معسكرات المنظمات الإرهابية الكردية "بي بي كا" و"بي يي دي" يتم إجبارهم على الهجرة إلى تركيا، بحجة ضمان نجاح العمليات العسكرية ضد داعش، ويقوم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية متعمدا بقضف تل العبياد، الواقع ما بين كوباني والجزيرة المتمركزة فيها مليشيات "بي يي دي" الكردية. أما الهدف الثاني لقوات التحالف فهي المنطقة الواقعة بين كوباني وعفرين.

ولفتت الصحيفة إلى أن هذه الهجمات تهدف لضرب أهالي القرى العربية والتركمانية الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة لإجبار أهلها على الرحيل لتركيا..

كما أن حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي "بي يي دي" يسعى إلى جانب الهجمات الجوية إلى الهجوم على هذه القرى بشكل بري ليجبر أهلها على الرحيل إلى تركيا، والهدف من جميع هذه التطورات هو تغيير الوجه الديمغرافي للمنطقة.

وأفادت الصحيفة بأن حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، من المتوقع أن يقوم وبعد ضمه لأربع قرى عربية وتركمانية لسيطرته، بالتحرك والسيطرة على تل العبياد، وتفريغ سكانه العرب والتركمان، وتوطين تسعة آلاف شخص كردي مكانهم، يتم إحضارهم من شمال العراق وكوباني. 

وذكرت الصحيفة أن هجمات التحالف وضغوطات "بي يي دي" جعلت 28 قرية تركمانية تفرغ من أهلها، من بين هذه القرى التي سيطر عليها "بي يي دي": باب الهوى، وبلال شتاء، والدادا، وسرت، وغيرها الكثير من القرى التركمانية في سوريا. 

وتُعد هذه القرى، السابق ذكرها، أولى القرى التي استطاع حزب العمال الكردستاني "بي بي كا" السيطرة عليها، بعد بدء الأحداث في سوريا عام 2011. 

ويشار إلى أنه تم في الآونة الأخيرة، إجبار 12 ألف تركماني على الرحيل إلى تركيا، من قريتهم "حمام"، الواقعة في جنوب سوريا.