تتحول مدينة
مكة المكرمة بمشاريع الإعمار الضخمة إلى مدينة حديثة تملؤها ناطحات السحاب، لا تختلف عن مدن أخرى مثل لاس فيغاس، فبعد ساعة مكة تأتي "
أبراج كدي"، وتضم أكبر
فندق في العالم تحت الإنشاء، فهو مكون من عشرة آلاف غرفة، و45 طابقا، و70 مطعما، فيما خصصت خمسة طوابق للعائلة المالكة.
ويشير تقرير أوليفر ويينرايت في صحيفة "الغارديان"، إلى أن كلفة الفندق تبلغ 2.3 مليار دولار، حيث يعد مدينة في السماء عندما سيتم افتتاحه رسميا في عام 2017. والفندق خمس نجوم يوفر الخدمات والرفاهية للحجاج الأُثرياء القادمين من الخليج إلى مكة، وتم تصميمه على شكل "قلعة تقليدية صحراوية"، ولكن المصمم كان يفكر في طابع "ديزني لاند" مع إضفاء الكلاسيكية، ويتكون المشروع من 12 برجا تتمايل فوق منصة من عشرة طوابق، فيها محطة باصات ومراكز تسوق وأقسام للمطاعم وقاعات مؤتمرات وحفلات.
وتبين الصحيفة أن الفندق يقع في منطقة المنافية، التي تبعد ميلا واحدا عن الحرم المكي، وتمول إنشاءه وزارة المالية
السعودية، وصممت المشروع "مجموعة دار الهندسة"، وهي مجموعة من سبعة آلاف شركة إعمار دولية متخصصة في كل شيء، من تصميم المدن في كازاخستان إلى مطار دبي.
ويلفت التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إلى أنه في أبراج كدي اتبعت الشركة المصممة أسلوبا يشبه كعكة زواج ضخمة مزينة ومكونة من طبقة فوق طبقة، حيث زينت الشبابيك بإطارات زهرية اللون، فيما حملت بعض الأقواس تأثيرات عثمانية. وتبدو الأبراج القريبة من بعضها البعض كأنها تعطي الضيوف فرصة للنظر إلى غرف بعضهم البعض.
وتنقل الصحيفة عن مدير مؤسسة أبحاث التراث الإسلامي في لندن، عرفان علوي، قوله: "تتحول المدينة إلى مكة- هاتن". ويبين علوي، الذي يدعو إلى حماية تراث المدينة المقدسة، أن كل شيء قد جرى محوه لبناء فنادق فارهة تدمر قدسية المكان.
ويذكر التقرير أن "أبراج كدي" تطل على ثاني أكبر بناية في العالم، وهي "أبراج الساعة"، التي تحتوي على آلاف الفنادق، ويصل سعر الغرفة في بعضها إلى أربعة آلاف جنيه إسترليني في الليلة، حيث تمنح أفضل المناظر للكعبة، ويرتفع البرج الجديد مسافة 600 متر في الهواء، ويعكس أشعة ليزر في الليل. وأقيم مكان القلعة التركية، التي دمرت مع التلة التي أقيمت عليها.
وينوه الكاتب إلى موقف الدعوة الوهابية من المزارات الدينية، التي ترفض تحولها إلى مكان للعبادة والشرك، ولهذا يقوم أتباعها بتدمير أي مكان يفتح الباب أمام طقوس وشعائر مخالفة للدين. ففي مكة المكرمة والمدينة المنورة دمرت الكثير من البيوت والمعالم التاريخية، منها بيت زوجة الرسول خديجة بنت خويلد، وبيت خليفة المسلمين أبي بكر، الذي أقيم عليه فندق هيلتون اليوم. ويقول علوي: "هذه الأيام الأخيرة لمكة، فمن المفترض أن يتسم الحج بالتقشف والبساطة، لكنه تحول لتجربة تقترب من لاس فيغاس، ولم يعد الكثير من الناس يتحملون تكاليفه".
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن مدينة مكة تستقبل سنويا مليوني حاج، ويزورها خلال العام أكثر من 20 مليون شخص، لأداء مناسك العمرة، وللمشاركة في المؤتمرات وعقد حفلات الزفاف، ما يدر على المدينة ستة مليارات دولار في السنة.
وتورد الصحيفة أن المدينة تمتلئ بالرافعات والمشاريع الإنشائية، التي تحاول من خلالها استيعاب ضيوف الحرم المكي. وفي الجانب الغربي من المدينة في منطقة جبل عمر، هناك مشاريع إنشائية قائمة، وستكون قادرة على استيعاب مئة ألف زائر حال اكتمالها، وستتكون من 26 فندقا راقيا مع أربعة آلاف محل و 500 مطعم.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن التوسع لا يقتصر على المدينة فقط، بل على الحرم المكي أيضا، الذي تجري فيه توسعة بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني؛ لزيادة استيعاب قاعات الصلاة فيه من ثلاثة ملايين مصل إلى سبعة ملايين بحلول عام 2040.