بورتريه

بورتريه: الجبير.. العقل المدبر للعلاقات السعودية الأمريكية

عادل الجبير بورتريه عربي21
عادل الجبير بورتريه عربي21
شخصية معروفة جيداً لدى الإدارة الأمريكية والإعلام الأمريكي. 

صعد نجمه بشكل كبير بعد تفجيرات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر عام 2001، حيث أوكلت له الرياض الرد على الانتقادات الحادة التي وجهها الأمريكيون، بعد أن ربطوا المملكة بما يسمى "الإرهاب" نتيجة اشتراك 15 سعودياً من بين 19، بالتفجيرات.

صعوده وفقا لصحيفة "واشنطن بوست" يمثل صعوداً بارزاً في الدبلوماسية السعودية.

تعابير وجهه توحي  بالهدوء والجدية، ويعد المنسق الحقيقي للسياسة الأمريكية في السعودية، وللسياسة السعودية في واشنطن.

الرافضون لدوره من السعوديين يرون فيه رجلاً عاش على الطريقة الأمريكية وأولع بها حتى أصبح أمريكيا، أكثر منه سعودياً.

المتصفح للسيرة الذاتية لهذا الدبلوماسي، يتأكد أن هذا الشاب هو أهم قناة اتصال سعودية مع واشنطن منذ نحو ثلاثين عاما.

وتشاء المصادفة أن يتسلم في عام 2006، منصب سفير السعودية في واشنطن من الخبير الأمير تركي الفيصل، وأن يتسلم منصب وزير الخارجية من شقيقه المخضرم الأمير سعود الفيصل بعد إعفائه من منصبه بناء على ظروفه الصحيّة.

عادل بن أحمد الجبير المولود في مدينة المجمعة شمال الرياض عام  1962، هو ثاني وزير من خارج العائلة الملكية يتسلم حقيبة الخارجية بعد إبراهيم السويل الذي عين عام 1961.

وسنحت له الفرصة بالمشاركة بالعمل الدبلوماسي واكتساب المعرفة بوجود ثلة من الدبلوماسيين المتمرسين بالعمل السياسي؛ فعمه هو الشيخ محمد بن إبراهيم بن جبير، الذي تقلد عدة مناصب وزارية منها رئيس ديوان المظالم ووزير العدل ورئيس مجلس الشورى.

وتلقى عادل الجبير تعليمه الأساسي في ألمانيا حينما كان برفقة والده الذي كان يعمل في الملحقية الثقافية في السفارة السعودية بألمانيا، والذي يقيم حاليا في الرياض بعد تقاعده.

حصل على درجة البكالوريوس من "جامعة شمال تكساس" في الاقتصاد والعلوم السياسية، ودرجة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من "جامعة جورج تاون" في واشنطن.

وفي عام 1986، تسلم أول مهمة دبلوماسية له عندما عينه السفير السابق للسعودية في أمريكا الأمير بندر بن سلطان كمتعاقد محلي في السفارة بسبب إجادته للغة الإنجليزية، وجعله مساعدا له لشؤون الكونغرس وفي الشؤون الإعلامية التابعة للسفارة.

وبعد أربعة أعوام فقط، كان الظهور الإعلامي الأول له أمام وسائل الإعلام، بصفته متحدثا باسم السفارة السعودية في واشنطن، وكان ذلك أثناء حرب الخليج الثانية عام 1990، وظل يشغل هذا المنصب حتى صيف عام 1994، عندما انضم إلى الوفد الدائم للسعودية في الأمم المتحدة. 

وبدا وكأن علاقته المتميزة بالأمير بندر ساعدته على الصعود الكبير نحو هرم الدبلوماسية السعودية، فقد عاش 20 عاماً في الولايات المتحدة، ودرس في جامعاتها إلى أن تعرف على الأمير بندر بن سلطان واستطاع أن يكسب ثقةته حتى عينه مساعداً خاصا له، وظل الجبير مقرباً جداً منه ما جعل بندر يزيد من صلاحياته، حتى كاد أن يصبح الجبير هو المسير الفعلي للسفارة السعودية في واشنطن.

وفي عام 1999 عاد إلى السفارة السعودية في واشنطن للإشراف على إدارة المكتب الإعلامي في السفارة، وبعدها بعام أصدر ولي العهد السعودي حينها، عبد الله بن عبد العزيز، قرارا يقضي بتعيينه مستشارا له.

وفي أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001، ظهر الجبير بشكل مكثف في وسائل الإعلام الأمريكية للدفاع عن بلاده بعد الهجمات الإعلامية التي استهدفت المملكة.

وفي عام 2005، عُين مستشارا في الديوان الملكي برتبة وزير، وفي أوائل عام 2007 صدر قرار بتعيينه سفيرا لبلاده في واشنطن، خلفا للأمير تركي الفيصل الذي قدم استقالته بعد 15 شهرا من تعيينه.

وكان قرار تعيين الجبير سفيرا لدى واشنطن مفاجئا للعديد من المتابعين؛ فهو لم يعرف عنه ضلوعه بالعمل السياسي أو مفاوضات ذات طابع دولي أو حتى ثنائي بين بلاده وواشنطن.

أثناء وجوده بواشنطن اقترب الجبير من تفاصيل العالم الخفي للدبلوماسية الدولية، حتى بات رقما صعبا في عالم كواليس واشنطن ودهاليزها.

وربما هذا ما دفع بجهات لمحاولة اغتياله بواشنطن ففي تشرين الأول/ أكتوبر 2011، ذكرت وثائق قضائية أن السلطات الأمريكية أحبطت مؤامرة نسبت إلى إيران لتفجير السفارة السعودية في واشنطن واغتيال الجبير.

وحددت المحكمة الاتحادية في نيويورك اسم الشخصين الضالعين في المؤامرة، وهما منصور أربابسيار وغلام شكوري.

وقالت المستندات إن الرجلين من أصل إيراني في حين يحمل أربابسيار الجنسية الأمريكية. أربابسيار نفسه اعترف بأنه خطط لاغتيال السفير السعودي لدى واشنطن عادل الجبير، بتخطيط وتمويل من الحكومة الإيرانية، ونفت إيران أي علاقة لها بالأمر.

وعاد الجبير من جديد إلى دائرة الضوء مع الساعات الأولى لإطلاق حملة "عاصفة الحزم" على "الحوثيين" وفلول المخلوع على عبدالله صالح في آذار/ مارس الماضي، فاحتل الرجل شاشات التلفزيون لشرح تفاصيل هذه الحملة ومبرراتها.

ومع التغييرات التي أحدثها الملك سلمان في السعودية، فقد كان الجبير جزءا من العهد الجديد الذي يضم قيادات شابة تقريبا.. ففي نيسان/ أبريل الماضي  عين وزيرا للخارجية خلفا للأمير سعود الفيصل.

ولا يتوقع أن يحدث الجبير ثورة في السياسة الخارجية السعودية؛ فالاحتمال الأكثر واقعية هو أن تسير هذه السياسة في الاتجاه نفسه؛ فهو لم يكن بعيدا عن جميع تفاصيل هذه السياسة منذ ثلاثين عاما تقريبا، ووصفت وسائل إعلام أمريكية مرارا الجبير بأنه "العقل المدبر للاتصال" لدى العربية السعودية.

لذلك، فإنه سيعمد الجبير إلى لعب دور هام في إعادة بناء العلاقة بين واشنطن والسعودية بعد توقيع الغرب للاتفاق النووي مع إيران ونتائج القتال الدائر في اليمن وسوريا، وهي ملفات تريد الرياض حسمها حتى لا تسمح لإيران بتوسيع دورها في دول المنطقة، وربما جلب إيران أيضا إلى بيت الطاعة الدولي بعد تخليها عن حلم"الإمبراطورية الفارسية".
التعليقات (0)