نجح
العلماء الصينيون في زرع جينات بشرية في مئات الأبقار، فصارت تنتج لبنا بنفس مواصفات لبن الأم، يحتوي بروتين الليزوزيم، وعناصر أخرى مضادة للباكتيريا، تقوي جهاز المناعة لدى الطفل الرضيع، ولأنني أعرف ان لبن المرأة له خاصيات عجيبة في تحسين الصحة، وتحصين الجسم ضد المرض، فقد فكرت في الحصول على واحدة من تلك الأبقار، وتربيتها في الحوش الخلفي في بيتي، لأحلب لبنها، وأتوجه كل صباح الى العمل حاملا زجاجة رضاعة بحلمة بلاستيكية، وكلما أحسست بالجوع وضعتها على فمي و"صصصصصص"، وأحصل على وجبة علاجية، ولكن العلماء الصينيين قالوا إن تلك النوعية من الأبقار لن تكون متوفرة بكميات تجارية قبل عشر سنوات، ولو مد الله في أيامي فسأكون عندها قد بلغت مرحلة الفطام والفصام والزهايمر.
هب أن جميع أبقار وأغنام الدنيا كانت تنتج لبناً بشريا مبتسرا منذ خمسين أو مائة سنة، هل كنت سأسمح لأم عيالي بأن تمتنع عن إرضاع العيال، لأن لدينا لبن بقر يقوم مقام لبن الأم؟ قطعا لا، ولكن لا بأس في ان تستخدمه أي أُم كبديل بين الحين والآخر كما يحدث مع اللبن الاصطناعي المجفف، وخطورة لبن الأبقار المعدل وراثيا ليحل محل لبن الأم، هو أنه قد يغري الأمهات بالتوقف التام عن إرضاع مواليدهم، لأن ذلك اللبن فيه جميع العناصر المتوفرة في لبن الأم، ولكن المسألة لا تتعلق فقط بتغذية الطفل "جسمانيا"، فالوليد الصغير بحاجة الى ملامسة ثدي أمه، وهو يستطيع وعمره بضع ساعات تمييز رائحة ثدي أمه، وهناك صغار يصرخون ويولولون بمجرد نزع الثدي من أفواههم، وهذه النوعية تريد ان تظل تشفط حتى يفقد جسم الأم كل السوائل الحيوية، وهم لا يفعلون ذلك لأنهم نهمون وشرهون لا يشبعون، بل لأنهم "يستأنسون" لخفقات قلب الأم التي تتردد خافتة على مسامعهم وهم يرضعون، أي ان
الرضاعة علاقة جسد حميمة، تعطي الطفل الإحساس بالأمان، ولهذا صار الأطباء ينصحون بإلصاق الأطفال الذين يهبطون الى الدنيا اضطراريا قبل إكمال 9 أشهر، ببطون أمهاتهم لأن الاحساس بالدفء في منطقة البطن يسهم في تسريع واكتمال نموهم.
هناك ملايين النساء اللواتي لا يرضعن أطفالهن بتاتا أو يرضعنهم ليومين أو ثلاثة فقط، لأنهن لا يردن لصدورهن أن تتهدل. طفلك يتبهدل؟ نو بروبليم!! ولكن صدرك يتهدل؟ ياي مش ممكن. وهؤلاء ومن على شاكلتهن من سيكنّ زبائن البقرة الصينية، ومن عادتي أن أطرح ملاحظات وأسئلة "بريئة": هل ترضين يا سيدتي أن يكون للطفل أم بديلة من حقه ان يسميها ماما كاو؟ (استخدمت كاو الإنجليزية التي تعني "بقرة" لأن ماما ومامي أيضا كلمتان مستوردتان فنحن ينبغي أن ننادي الأم: يمة.. أو أمي).. وهل تقبلين ان يكون لوليدك أخ في الرضاع "عجل" يتحول لاحقا إلى "ثور"؟.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فإنني ما زلت في حيرة من أمري منذ أن سمعت في مايو/ أيار من عام 2007، فتوى عزت عطية الذي كان رئيس قسم الحديث في الأزهر، حول تفادي الخلوة المحرمة في مواقع العمل، بأن يقوم كل رجل بـ"التقام ثدي زميلته مباشرة" (كذا والله العظيم)، ويفوز برضعة مشبعة، فتصبح محرمة عليه، وكي يسبك الفتوى ويحبكها دعا عطية إلى تسجيل الرضعة وتوثيقها رسميا! والسؤال الذي يحيرني: هل ما زال الرجل يدرس في الأزهر؟ وإذا كانت الإجابة بـ"نعم"، تبقى مصيبة، ولكن لعلي أفوز منه ببضعة إيضاحات: لو معي عشرون زميلة هل أرضع منهن جميعا؟ وكيف أحصل على رشفة – دعك من رضعة مشبعة – من زميلة غير متزوجة؟ ثم أن ثدي المرأة ليست حنفية تصب اللبن على مدار العام والعمر، فامرأة فطمت آخر طفل لها قبل 4 سنوات مثلا، لن يدر ثديها لبناً! اتصرف مع ست هانم زي دي إزاي يا سي عطية؟ ثم هب أنني طلبت من زميلة ضرعها ممتلئ لبنا أن تمنحني وجبة سائلة، هل تضمن لي سلامتي يا شيخنا إذا أبلغت زوجها بالأمر؟
شخصيا أفضل أن تكون مامتي ومامات من أعرف كاوز (بقرات)، على أن تكون زميلتي في العمل سواء كانت أكبر أو أصغر مني سنا أمي بالرضاع.