نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريراً للصحفيين توم فن وأروى إبراهيم وألكس ماكدونالد، حول قضية "
الجهادي جون"، المتطرف الملثم، الذي قام بقطع رؤوس وتعذيب الرهائن لدى
تنظيم الدولة، وقد أثار الكشف عن هويته بأنه البريطاني محمد
موازي، جدلاً واسعاً حول حياته وهويته وطريقه إلى التطرف.
ويبين الموقع أن المراقبين يشيرون إلى أن موازي نشأ في عائلة غنية في غرب لندن، وتخرج من الجامعة بعد نيله شهادة برمجة الحاسوب، وقالت "واشنطن بوست" إن هذا كله يدل على أن تطرفه ليس نتيجة الفقر.
ويشير التقرير إلى أن الكثيرين لم يأبهوا بالتفاعل المزعوم بين موازي والمخابرات البريطانية، وكيف قد يكون تأثير هذا التفاعل على الشاب المتطرف.
ويقول الموقع إن البريد الإلكتروني المتبادل بين موازي وعاصم قرشي، مدير مؤسسة "كيج"، التي تدافع عن المحتجزين بتهم الإرهاب، يشير إلى أنه وقبل سفره عام 2012 إلى سوريا، كانت له عدة لقاءات مع السلطات البريطانية.
ويكشف التقرير عن أن عميلاً من
المخابرات العسكرية البريطانية الداخلية "إم آي 5" قام بمحاولة تجنيده عام 2009 في أمستردام، بعد أن اتهمه واثنين معه بمحاولة الوصول إلى الصومال، حيث توجد حركة الشباب المسلم، بحسب بريد إلكتروني أرسله إلى قرشي.
ويقول موازي في بريد إلكتروني أرسله إلى قرشي في شهر حزيران/ يونيو 2010، إن ضابط المخابرات في أمستردام قال له: "اسمع يا محمد: لديك العالم كله أمامك، وقد أنهيت دراستك الجامعية قريباً، فلماذا لا تعمل معنا؟".
ويذكر الموقع أن مؤسسة "كيج" تواجه الاتهام بالتعاطف مع بعض المقاتلين الأجانب الذين تتصل بهم بانتظام، مشيراً إلى أن قرشي المتخرج من "لندن سكول أوف إكونومكس"، قد شارك في مظاهرات نظمتها مجموعات إسلامية في المملكة المتحدة، وكانت المظاهرات تدعو للجهاد في الشيشان والعراق.
وينقل "ميدل إيست آي" عن قرشي قوله إنه التقى بموازي خريف عام 2009، بعد عودته إلى المملكة المتحدة لمناقشة ما حدث. ويقول قرشي: "كان محمد غاضباً نتيجة للطريقة التي تم التعامل معه بها، فقد شعر أن الـ (إم آي 5) قد أخافته وأهانته".
ويفيد التقرير بأنه في عام 2010 قام المسؤولون البريطانيون في قسم مكافحة الإرهاب باحتجاز موازي مرة أخرى، وأخذ بصماته وتفتيش أمتعته، وبعدها منع من السفر إلى مسقط رأسه الكويت، حيث حصل على وظيفة في شركة للحاسوب.
ويكشف الموقع عن أنه في بريد إلكتروني أرسله موازي إلى قرشي في شهر حزيران/ يونيو 2010، كتب موازي: "كان عندي وظيفة تنتظرني، وزواج أكون من خلاله عائلة.. أشعر أنني سجين في لندن، وإن لم أكن في قفص، فأنا شخص سجين يتحكم به رجال الأمن، إنهم يمنعونني من عيش حياتي الجديدة في مسقط رأسي وبلدي الكويت".
وقال قرشي إن آخر ما سمعه من موازي كان في كانون الثاني/ يناير 2012. ويضيف: "تمت مضايقة محمد باستمرار من الـ (إم آي 5) في صيف عام 2010، حتى عام 2013، وأخبرني بأن أحد الضباط خنقه، بينما كان يحقق معه في مطار هيثرو"، بحسب الموقع.
وأضاف قرشي أن موازي، الذي يصفه من عرفه بأنه "مهذب ويميل لارتداء الملابس الأنيقة، وهو ملتزم بتعاليم الإسلام"، استخدم الوسائل الممكنة كلها ليغير من وضعه الشخصي.
ويتابع قرشي: "السياسات الداخلية الخانقة التي تهدف إلى تحويل الشخص إلى مخبر، والتي تمنع الشخص من تحقيق احتياجاته الأساسية للحياة، تركت حتماً أثراً على موازي". وتساءل: "متى سنتعلم أنه عندما نتعامل مع الناس على أنهم غرباء، فإنهم سيبحثون عن مكان آخر ليشعروا بالانتماء؟"، بحسب الموقع.
ويلفت الموقع إلى أن المحللين رفضوا أطروحة مؤسسة "كيج"، التي تفيد بأن المخابرات أدت دوراً في إحداث التطرف لدى موازي.
ويورد التقرير أن كبير الباحثين في المركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي في صحيفة "التلغراف" شيراز ماهر، قال: "من المبالغ فيه أن نظن بأن الجهادي جون قرر أن يذهب إلى سوريا للمشاركة في الصراع بسبب بعض التفاعل مع المخابرات، وكأنه لا يتحمل مسؤولية أبداً، وكأنه شخص لا يستطيع أن يتخذ قراراته الخاصة".
ويردف الموقع أن المدير التنفيذي لمؤسسة "كويليام" ضد التطرف، حارس رفيق، وصف الادعاء بمسؤولية
بريطانيا بأي شكل من الأشكال عن تطرف موازي بأنه "هراء"، وقال: "ليس الخطأ خطأ البريطانيين ولا الكويتيين، بل هو خطأ الناس الذين تسببوا بتطرفه. الجهادي جون قاتل ليس في قلبه رحمة".
ويذكر التقرير أن الباكستاني البريطاني معظم بيغ، الذي كان محتجزاً في غوانتانامو، يرى أن قوات الأمن البريطانية ليست هي المسؤولة، ولكن استراتيجياتها التي أدت إلى تنامي التدخل، ساعدت على إيجاد "جو من الخوف والعزلة" بين المسلمين في بريطانيا.
وأضاف بيغ: "إن هذا ليس عذراً، ولكنه جزء من تفسير السبب وراء شعور هذا الرجل بالعزلة الكبيرة.. أعداد كبيرة تتم مضايقتهم وإيقافهم كلما سافروا وتتصل بهم المخابرات. هناك أناس يشعرون بأنهم في مأزق، ولا يعرفون إلى أين يتجهون، ومن الضروري إيصال هذا الشعور، فبعضنا دمرت حياته تماماً".
ويختم "ديلي بيست" بالإشارة إلى أن بيغ يجد أن الحكومة البريطانية لا تزال ترفض التفاعل مع فكرة أن السياسات الخارجية والداخلية البريطانية قد تؤثر على الجهاديين المحتملين، ويقول: "عندما يشعر الناس بالغربة، يشعرون أنه غير مرحب بهم ويكونون خائفين. أشعر بذلك طيلة الوقت، فقد اعتقلت وعبث بمحتويات بيتي، وتمت محاكمتي، وشعرت بأن هذه ليست بلدي، ولكن إن سافرت في الغد إلى سوريا، فهل من الصحيح أن أقول إن المخابرات هي التي دفعتني نحو ذلك؟".