قرر رئيس وزراء
الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إطلاق حملة إعلامية ضد
المحكمة الجنائية الدولية والمدعية العامة في المحكمة فاتو
بنسودا، بعد قرار فتح دراسة أولية للحالة في فلسطين، بحسب ما نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية اليوم الاثنين.
وكانت بنسودا أعلنت الجمعة الماضي، فتح دراسة أوّلية للحالة في فلسطين، لجمع أدلة حول
جرائم حرب وقعت في الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي أثار تساؤلات عن إمكانية وقوف قادة الاحتلال الإسرائيلي أمام القضاء الدولي لمحاكمتهم، انطلاقا من مبدأ "لا أحد فوق القانون".
خطوة غير كافية
يقول وزير العدل الأسبق، النائب الحالي محمد الغول، إن قرار المحكمة الجنائية الدولية "خطوة إيجابية رغم أنها متأخرة، ولكنها غير كافية".
وأضاف لـ"عربي21" أن هذه الخطوة "جاءت بعد فترة طويلة جدا من المطالبات"، متمنيا أن يرى "قادة الاحتلال الصهيوني القتلة في قفص الاتهام، كي يعود الحق لأصحابه".
وأبدى الغول، الذي يرأس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي الفلسطيني، استعداده الكامل لـ"التعاون مع الجميع من أجل إظهار هذه الجرائم التي تم توثيقها من خلال المؤسسات الحقوقية المختلفة"، مؤكدا وجود ما يزيد على 2000 جريمة حرب تم رصدها حتى هذه اللحظة.
وقال إن "جرائم الاحتلال لا تخفى على أحد، ولا تحتاج إلى دليل، ومع ذلك فالأدلة متوفرة وموثقة في ملفات وفق المعايير الدولية".
وحول الخطوات التي يجب على
السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس القيام بها من أجل استكمال هذا الملف، أشار الغول إلى ضرورة "تشكيل لجنة مختصة بمتابعة هذا الموضوع، بالتنسيق مع المؤسسات الحقوقية، من أجل جمع الملفات ودراستها وإعدادها وإعادة تقييمها، ليتم بعد ذلك رفعها لمحكمة الجنائيات الدولية".
وتابع: "يجب على السلطة الفلسطينية أيضا أن تدفع تكاليف وصول هذه الملفات إلى محكمة الجنايات الدولية، حتى لا يكون الجانب المادي عائقا أمام تحصيل الحقوق ورفع الدعاوى".
وعبّر الغول عن خشيته من قيام الرئيس عباس بـ"سحب توقيعه على ميثاق روما جراء الضغوط الأمريكية والصهيونية"، مطالبا إياه بـ"بالثبات وعدم الخضوع لأي ضغوضات".
ليست "فرصة ذهبية"
من جانبه؛ أوضح رئيس الهيئة الفلسطينية المستقلة لملاحقة جرائم الاحتلال الصهيوني "
توثيق"، الدكتور محمد النحال، أن قرار المحكمة "لا يقضي بفتح تحقيق، وإنما بجمع أدلة أولية يمكن من خلالها أن يقرر المدعي العام إجراء تحقيق في جرائم حرب".
واستدرك لـ"عربي21"، بالقول إن خطوة "الجنايات الدولية" من الناحية القانونية "تدل على أن هناك نية لدى المحكمة بالشروع في التحقيق، وممارسة مهامها في ملاحقة مجرمي الحرب، وعدم السماح لهم بالإفلات".
ولكنه عاد وقال إنه "ليس من الحكمة المبالغة في إجراءات محكمة الجنايات الدولية، وأن نتخيل أننا سنرى قادة الاحتلال في قفص الاتهام بين عشية وضحاها"، مشيرا إلى أن "محكمة الجنايات لم تتمكن من تحقيق العدالة في كثير من الجرائم التي ارتكبت بحق مدنيين في دول كثيرة".
وأضاف أن "علينا أن لا نوهم الضحايا بأن هناك فرصة ذهبية، وإنما هو مسار ينبغي اتباعه لمحاصرة الاحتلال ومقاطعته"، مؤكدا أن الاحتلال "لن يستطيع الإفلات من العقاب إذا ما توفرت إرادة حقيقية لمحاسبته".
استعداد للتعاون
بدوره؛ رحب مدير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بغزة، الدكتور رامي عبدو، بقرار الجنائية الدولية، معتبرا إياه خطوة "لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب التي كانت سببا في استمرار تصاعد العنف بشكل لا إنساني".
وأعرب عبدو في حديثه لـ"عربي21"، عن استعداد المرصد "للتعاون مع المحكمة، وتزويدها بالأدلة التي تساعد في الوصول إلى نتائج ذات مصداقية"، مؤكدا أن ذلك "يعيد ثقة الأطراف في العدالة الدولية، ويمهد لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ويساهم في وقف دوامة العنف المستمرة".
وكانت "الخارجية" الفلسطينية قد اعتبرت قرار المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية فاتو بنسودا "خطوة إيجابية ومهمة نحو تحقيق العدالة، وضمان احترام القانون الدولي".
وفي المقابل، عارضت "الخارجية" الأمريكية القرار، معتبرة أن فلسطين "ليست دولة، وليس من حقها الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية"، كما أن حكومة الاحتلال رفضته، واصفة إياه بأنه "مثير للغضب".
وانضمت "فلسطين" للمحكمة الدولية في 13 حزيران/ يونيو 2014، بعد فشل المشروع العربي في مجلس الأمن بوضع جدول زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.