وصلت المفاوضات بين الفصائل المقاتلة في جبل الشيخ من جهة والنظام السوري من جهة أخرى إلى مرحلة متقدمة قبل توقفها بسبب عدم قبول النظام بتسليم جميع
المعتقلات من المنطقة المحتجزات لديه، إضافة إلى المعارك الأخيرة في القنيطرة، بحسب ناشطين.
وقال الناشط من جبل الشيخ، معاذ الخطيب، لـ"عربي21" إن "الشبيحة اعتقلوا مؤخرا نساء من بلدة سعسع في ريف دمشق الغربي للضغط على فصائل الثوار في جبل الشيخ، فيما رد الثوار باقتحام بلدة سعسع واعتقال عناصر من الشبيحة مسؤولين عن اعتقال النساء اللواتي ينتمين إلى عائلة الأخرس المؤيدة (للنظام) والتي يقاتل أبناؤها في صفوف الشبيحة".
وأوضح المصدر أن النظام لم يقبل في بداية الأمر التفاوض مع الثوار لإطلاق سراح الأسرى من عناصر الشبيحة مقابل إطلاق سراح المعتقلات، ما زاد الأمور تعقيدا، حيث بدأ النظام بحصار المنطقة والتضييق عليها.
وتابع الناشط حديثه عن المستجدات التي أرغمت النظام على تغيير سياسته، قائلا: "أصابت قذائف النظام أثناء القصف العشوائي اليومي الذي تتعرض له المنطقة خطوط الكهرباء الرئيسية التي تغذي محافظة القنيطرة بأكملها، ما اضطر النظام إلى إرسال سيارات الطوارئ وورشات الصيانة التابعة لوازرة الكهرباء إلى مناطق جبل الشيخ لإصلاح الأعطال، واحتجزت فصائل المعارضة المسلحة موظفي وزارة الكهرباء مع سياراتهم ومعداتهم، لتكون الرسالة المرسلة للنظام هي: عودة الكهرباء إلى القنيطرة مع طاقم الصيانة مرهونة بإطلاق سراح الأسيرات من جبل الشيخ".
ونوه المصدر إلى أهمية الكهرباء في محافظة القنيطرة التي يقاتل النظام بشراسة للحفاظ على مواقعه القليلة فيها، فالمحافظة مهددة بالسقوط بأكملها في يد الثوار في حال سقطت مراكز النظام فيها، وأهمها مدينتا البعث وخان أرنبة.
وبين المصدر أن النظام كانت له ردة فعل متوقعة حيال احتجاز طاقم الصيانة، من خلال الانتقام من الأهالي والثوار على حد سواء. فقد قام بقطع الكهرباء عن بلدات وقرى جبل الشيخ ليشمل الحرمان في البداية القرى المؤيدة للنظام والمعارضة له، لكنه ما لبث أن أعاد الكهرباء إلى القرى الموالية ليحافظ على موقفها المؤيد له.
وبدأت المفاوضات بعدها بشكل جدي ووصلت لمستوى متقدم، ولكن النظام رفض تسليم جميع المعتقلات لديه، حيث أنه قبل بتسليم أربع نساء مقابل الأسرى والجثث التي بحوزة الثوار، وتحفظ على اثنتين من المختطفات، لتتوقف بعدها المفاوضات، حيث أن "أزلام النظام لا عهد لهم ولا ميثاق"، على حد وصف الناشط معاذ.
يشار إلى أن قرى جبل الشيخ تعيش تنوعا طائفيا أدى إلى صراع بسبب اتهام الدروز في المنطقة بتأييد النظام السوري، في حين يتحدث الثوار عن سعيهم للابتعاد عن الصدام مع الدروز الذين شاركوا النظام في جميع معاركه في المنطقة، وكانوا عنصر حسم لصالحه في بعض المعارك، كمعركة التلول الحمر في عام 2012 ومعركة تل حربون في عام 2013، وذلك بسبب خبرتهم في مناطق جبل الشيخ وقدرتهم على القتال فيها، وفق ما يقوله ناشطون في المنطقة.
لكن في المقابل، يتهم الدروز، وخصوصا في محافظة السويداء المجاورة، النظام السوري بالسعي للزج بهم بالمعركة إلى جانبه و"توريطهم" بمعركة طائفية مع السكان السنة في المناطق المجاورة. وخرجت في الأشهر الماضية مظاهرات احتجاجا على اعتقال بعض شيوخ الطائفة تطورت إلى اشتباكات مع الأمن. كما طرد السكان السياسي اللبناني الموالي للنظام السوري، وئام وهاب، من محافظتهم.