نقل علماء دين لبنانيون، شاركوا في عدد من المؤتمرات الدينية في
مدينة قم الإيرانية المقدسة، معلومات ومعطيات تؤكد أن هناك اتجاهات فكرية ودينية واجتماعية جديدة تشهدها الحوزة الدينية والمرجعية الدينية في هذه المدينة، والتي تعتبر أحد المعاقل الأساسية لتدريس العلوم الدينية الشيعية إلى جانب مدينة النجف الأشرف وكربلاء في العراق ومناطق أخرى في العالم العربي والإسلامي.
ويعتبر هؤلاء العلماء أن المؤتمر الأخير الذي عقد في مدينة قم، بإشراف المرجعين الدينين آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي وآية الله العظمى الشيخ جعفر السبحاني، وبدعم قوي من مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي، شكل تطورا مهما في الأداء الفكري والفقهي والمرجعي على صعيد دور المرجعية الدينية الشيعية، وخصوصا لجهة إطلاق خطاب وحدوي وإنساني وعالمي يتجاوز كل خطابات الغلو والتكفير والقطيعة، ويؤكد على أهمية العمل الإسلامي والدولي في سبيل رفع مكانة الأمة الإسلامية على الصعيد الدولي، والبحث عن حلول جدية وسريعة للازمات التي تواجهها الدول العربية والإسلامية اليوم من جراء انتشار العنف والتطرف.
وسجّل هؤلاء العلماء الملاحظات والنتائج التالية، من وحي مشاهداتهم ومشاركاتهم في المؤتمرات الدينية في مدينة قم:
1- ان المراجع الدينية الأساسية وجهوا رسائل إيجابية لقادة العالم الإسلامي، في سبيل العمل المشترك لمواجهة التطرف.
2- تلاقت مواقف علماء قم مع مواقف الشيخ هاشمي رفسنجاني في إدانة كل مظاهر الغلو والتطرف ورفض الإساءة للصحابة والشخصيات المقدسة لدى المذاهب والطوائف الإسلامية.
3- التلاقي مع المبادرات التركية والمصرية والسعودية؛ من اجل الحوار الديني والسياسي لمعالجة الأزمات القائمة.
4- الاستعداد لإرسال مجموعات النوايا الحسنة إلى الدول العربية والإسلامية؛ لبحث كل القضايا المشتركة.
5- الدعوة لضبط وسائل الإعلام التي تروّج للغلو والتطرف، والبدء باتخاذ إجراءات عملية لإقفال عدد من الفضائيات التي تبث برامج مسيئة للوحدة الإسلامية.
6- وجود تعاون وتنسيق بين المرجعيات الدينية في ايران والقيادة السياسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ كي تكون الجهود منسّقة ومتكاملة في سبيل البحث عن حلول حقيقية للازمات القائمة.
7- بروز تغير مهم في أداء المرجعيات الدينية على الصعيد البروتوكولي والإعلامي، من خلال المشاركة الشخصية والمباشرة لعدد من المرجعيات الدينية في أعمال المؤتمرات والاستماع لكل وجهات النظر، ومناقشة مختلف الآراء والأفكار والتوصيات.
8- وضع خطط عملية لمتابعة أعمال المؤتمرات، وتشكيل لجان عملية تتابع كل التفاصيل.
9- وجود معطيات جديدة على الصعيد الاجتماعي والعمراني وآليات الدراسة والبحث، وعلى صعيد أداء الحوزة الدينية في مدينة قم مما يعني أننا أمام تغيرات مؤثرة في الواقع المرجعي الديني.
هذه بعض الملاحظات التي نقلها هؤلاء العلماء والتي تؤكد أن هناك شعورا بالخطر لدى مراجع الدين
الشيعة؛ من جراء ظواهر التطرف والعنف والتكفير والغلو، والتي تنتشر في العالم العربي والإسلامي، مما يتطلب أداء جديدا ان على مستوى المرجعية الدينية أو القيادات السياسية أو الأحزاب والقوى والحركات الإسلامية أو وسائل الإعلام المختلفة.
ومن الواضح أن تصريحات الشيخ هاشمي رفسنجاني حول تحميل مسؤولية بروز مظاهر التطرف في الساحة الإسلامية؛ لوجود بعض مظاهر الغلو عند الشيعة، لم تأت من فراغ وليست مجرد زوبعة في فنجان، بل إن هناك مراجعات شاملة لدى القيادات الدينية والسياسية في ايران، وفي الأوساط الإسلامية الشيعية، وهذا يتطلب أيضا أن تتم ملاقاة هذه المراجعات من قبل بقية القيادات الإسلامية، للجلوس والبحث بشكل مشترك في كيفية مواجهة كافة المخاطر الفكرية والسياسية والاجتماعية والأمنية التي يواجهها العالم العربي والإسلامي، ولا يكفي ان يحمّل كل طرف الطرف الآخر مسؤولية ما وصلنا إليه، فالجميع مسؤول وعلى الجميع المبادرة وتحمل المسؤولية.