الرسالة الخطيرة التي ترسلها دولة الإمارات إلى الشباب المسلم

كتبت زينب شودري: مهما كنت مبدئياً وصادقاً ومجتهداً في الدفاع عن حقوق المسلمين، سوف تساوى بالجماعات الإرهابية الحقيقية مثل داعش والقاعدة.
 
مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير"، الذي يعدُّ أكبر منظمة إسلامية للدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، ليس غريباً عن محاولات التشويه وحملات الإساءة التي تستهدف النيل من سمعته ومكانته.
 
يدرك ممثلو كير حجم التحديات التي تواجههم بينما يعملون على زيادة الفهم للإسلام، وتقوية المسلمين الأمريكان وحماية حرياتهم المدنية والمطالبة بالعدالة لهم في مناخ سياسي تطغى فيه مشاعر الخوف والكراهية تجاه المسلمين. إلا أن كير تتعرض عادة لهجمات مصدرها كيانات متوقعة ومعروفة، ألا وهي التيارات اليمينية الكارهة للإسلام بكافة أنواعها وبمختلف تجلياتها.
 
ولذلك، بإمكانكم تصور رد فعلنا على الأخبار المستهجنة، التي تفيد بأن بلداً عربياً أغلبية مواطنيه من المسلمين قرر تصنيف كير ومنظمة إسلامية أمريكية أخرى أنهما منظمتان إرهابيتان.
 
مثل هذا التصنيف لا يستند على أي أساس منطقي.
 
مجرد فكرة أن كير لديها ارتباطات بمنظمات إرهابية أو أنها تقدم دعماً مادياً للجماعات الإرهابية يتعارض تماماً مع جوهر رسالتها.
 
من المحير فعلاً أن يحدث ذلك رغم أن مسؤولين رفيعين من دولة الإمارات وقعوا مؤخراً على خطاب مفتوح تقدمت به كير، ووقع عليه 120 عالماً مسلماً على مستوى العالم بأسره يدين المجموعة الإرهابية التي تدعى "الدولة الإسلامية"، ويعتبر أن الإسلام براء مما تقوم به من أفعال. كان المدير التنفيذي لكير أحد الموقعين على الخطاب، وكلفت منظمتنا بتنسيق نشر الخطاب في العالم الغربي.
 
نعيش الآن في زمن بات الانطباع الشعبي عن الإسلام والمسلمين في أدنى مستوياته، أدنى حتى مما كان عليه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
 
تؤدي كير دوراً حيوياً في تصحيح وتحسين مثل هذه الانطباعات، وتكافح ضد التصوير النمطي الخاطئ، تسعى لصياغة خطاب إسلامي متوازن. وخلال العقدين الماضيين نمت كير لتصبح مصدراً ذا مصداقية يعتمد عليه للحصول على معلومات صحيحة عن الإسلام والمسلمين في أمريكا وحول العالم.
 
يقع المقر الرئيسي لمنظمة كير في "كابيتول هيل" في واشنطن العاصمة، حيث ينشط ممثلوها في السعي للتأثير على صناع القرار السياسي بشأن القضايا ذات العلاقة بالمسلمين الأمريكان في كافة مستويات الحكومة. كما تقدم منظمتنا تدريبات لضمان سلامة أفراد الجالية المسلمة، وطالما تصدرت للدفاع عن المساجد والمراكز الإسلامية التي تعرضت للاعتداء والتخريب في كافة أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية. كما لم تتردد كير للحظة في التنديد بالعديد جداً من الأعمال الإرهابية – سواء على المستوى المحلي أو المستوى العالمي – وتعمل في الوقت نفسه على تحذير الشباب المسلم من مغبة العنف والتطرف، كما أثبتت قدرتها على أن تكون أداة فعالة في إقامة جسور التواصل بين الأمريكيين من مختلف الأديان.
 
من خلال إضافة اسم أكبر منظمة أمريكية للدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين في الولايات المتحدة، فإن الإمارات العربية المتحدة ترسل رسالة في غاية الخطورة إلى الشباب المسلم في أمريكا مفادها: "مهما كنتم مبدئيين وصادقين ومجتهدين في الدفاع عن حقوق المسلمين، سوف توضعون في سلة واحدة مع الجماعات الإرهابية الحقيقية مثل داعش والقاعدة".
 
مثل هذه الرسالة لا تهدد المصالح القومية الأمنية فحسب، بل تتسبب في إثارة الغضب والإحباط. بل لقد سلمت الإمارات العربية المتحدة من خلالها أداة تجنيد فعالة لكل من تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة. نحن فخورون في كير بسجل إنجازاتنا، ويكمن نجاحنا إلى حد كبير في التزامنا بخدمة مجتمعاتنا المسلمة، ودفع الظلم عنها، وحمايتها من خطر تأكل المبادئ الدستورية التي يعزى إليها تميز أمريكا عن غيرها من دول العالم.
 
لقد تحدث مؤخراً عدد من العلماء وزعماء الجالية وممثلو المنظمات الأمريكية الإسلامية، الذين يحظون باحترام واسع ويتمتعون بمكانة رفيعة، دفاعاً عن كير، وعبروا عن استهجانهم لإقدام حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على هذه الخطوة غير المبررة على الإطلاق. كما أكدت وزارة الخارجية الأمريكية حقيقة أن كير والجمعية الإسلامية الأمريكية لا تعتبران في نظرها منظمتين إرهابيتين.
 
تسعى كير للحصول على توضيحات من حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، ونحن نحث المسؤولين في تلك الدولة على التوقف عن الإضرار بمصالح أمتنا القومية، وعلى الإسراع بمعالجة هذا الموضوع، وإعادة الاعتبار للشخصيات والزعامات الإسلامية السياسية والعلمية، ورفع اسم الجمعية الإسلامية الأمريكية وكير من هذه القائمة.
 
·  زينت شودري: متحدثة باسم مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية.

· كير هي أكبر منظمة للدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، ومهمتها هي تحسين فهم الناس للإسلام، وتشجيع الحوار، وحماية الحريات المدنية، وتقوية المسلمين الأمريكان، وبناء علاقات من شأنها أن تنشر العدل والتفاهم المشترك.

(عن صحيفة ميدل إيست أي، مترجم لـ"عربي21"، 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014)

لمطالعة المقال الأصلي باللغة الإنجليزية اضغط هنا