في صحيفة "الغارديان"، تطرق محرر شؤون الشرق الأوسط في الصحيفة، الكاتب المعروف إيان بلاك، لقضية دور بشار الأسد في المعركة ضد "داعش"، وما إذا كان الغرب سيتحالف معه ضدها - بالطبع - في ظل دعوات من طرف النظام للتعاون، وردت صراحة على لسان وزير الخارجية السوري وليد المعلم.
ويرى بلاك، أن الأسد لن يكون حليفا للغرب كما أمل. ويقول: "في العام الرابع من الحرب لا يرغب بشار الأسد أكثر من أن يقترب من الغرب وأن يصبح شريكا لا يستغنى عنه في الحرب على الإرهاب التي أصبحت محلا للنقاش الكثيف بعد التقدم الذي حققه (
تنظيم الدولة – داعش)، في شمال العراق، وذبح الصحافيين الأمريكيين، وعلى ما يبدو فلن يحدث هذا".
ويعلق بلاك على تصريحات كاميرون في قمة دول الناتو التي انعقدت في ويلز والتي اقترح فيها ضرب مواقع "داعش" في داخل
سوريا بدون التعاون مع الأسد، وهو ما يظهر اتجاه التفكير في كل من واشنطن ولندن. ففي بريطانيا يرى رئيس الوزراء أن الأسد هو جزء من المشكلة لا الحل، فسجل الأسد في جرائم الحرب يمنع من استشارته. فيما طالبت بريطانيا وأمريكا ومنذ اندلاع الحرب الأهلية بتنحيه عن السلطة.
ورغم أن الأسد ناقش ومنذ بداية الحرب الأهلية أنه يعتبر حصن الغرب للاستقرار وحاجزا أمام سيطرة القاعدة على السلطة، فإن تركيز الإعلام السوري على الدعم الخليجي للمقاتلين صور هؤلاء بأنهم مجموعة من الجهاديين المتطرفين حتى عندما كانت التظاهرات سلمية الطابع.
وفي الوقت نفسه قامت السلطات السورية بالإفراج عن السجناء الإسلاميين لتعزيز فكرة الدولة عن طبيعة الانتفاضة، ولتقسيم المعارضة.
وامتنع الجيش السوري عن ضرب "داعش"، خاصة في معقله بمدينة الرقة، واستمر في هذه السياسة حتى سقوط مدينة الموصل بيد التنظيم بداية حزيران/ يونيو، كما وتدخل النظام لمساعدة "داعش" في حروبه ضد جماعات الجيش الحر.
وحين شعر النظام بأن فرصة لاحت له بعد مقتل الصحافي جيمس فولي، قام وليد المعلم، وزير الخارجية بالحديث صراحة عن "استعداد سوريا للتعاون والتنسيق على المستوى الإقليمي والدولي في الحرب على الإرهاب".. وهو عرض مغر كما يقول الكاتب، لاسيما وأن أجهزة الأمن السورية معروفة بقدرتها على اختراق الجماعات الجهادية والتلاعب بها، خاصة أن سوريا ساعدتها في عبور
الحدود مع سوريا للعراق كي تقاتل الأمريكيين بعد الغزو عام 2003.
ولهذا السبب قامت الحكومات الغربية ومنذ أشهر بإرسال مسؤولين سريين لدمشق للحصول على معلومات أمنية، بعد زيادة أعداد المقاتلين الأجانب في صفوف الجماعات الجهادية. وأكد هذا نائب وزير الخارجية فيصل مقداد في حديث مع "الغارديان" في تموز/ يوليو، حيث قال إن "القضايا الأمنية غير منفصلة عن التعاون السياسي".
ويعتقد بلاك بأن هناك داعيا براغماتيا يدفع الغرب للتعاون مع الأسد، وهو أن الحرب في سوريا دخلت مرحلة انسداد، والتعاون معه ضروري لمواجهة شرور "داعش".
وأشار لما كتبه مالكوم ريفكند، وزير الخارجية البريطاني السابق: "أحيانا تحتاج لتطوير علاقات مع أشخاص سيئين للتخلص من آخرين أسوأ منهم"، وهو نفس ما قاله مسؤول أمريكي بارز: "عدو عدوك يمكن أن يصبح صديقك".
وهذا الكلام ليس مقنعا لا لباراك أوباما أو كاميرون لأن التعاون مع الأسد قد يؤدي لإضعاف موقف الحرب ويهمش السنة في العراق وسوريا ويمنعهم من قتال "داعش".
وتخشى المعارضة السورية المتشظية من تعاون الغرب مع نظام الأسد الذي يعتبرونه مع "داعش"، عدوا ولهذا فإنها تدعو الغرب لتقديم السلاح لها.
ويرى بلاك أن التركيز في الوقت الحالي، سيكون على أهداف قصيرة الأمد، والإشارات القادمة من واشنطن تقترح أن
الولايات المتحدة بمساعدة من الناتو أو دول عربية قد تواجه مشاكل كبيرة في شن غارات على "داعش" في سوريا. ويقول الخبراء إن الحديث عن نظام الدفاع الجوي السوري مبالغ فيه، فقدرة القوات الخاصة على الدخول للأراضي السورية في تموز/ يوليو في عملية فشلت لتحرير الرهائن تقترح أنه ليس قويا. يضاف هذا إلى أن "إسرائيل" لديها معلومات عنه وستكون مستعدة لمشاركة أمريكا فيها. وسجلّ النظام السوري في الرد طويل فهو يفكر طويلا قبل الانتقام.
وعليه، فإنه لن يرحب الأسد بالغارات الجوية الأمريكية على الحدود التي لم تعد مهمة بين العراق وسوريا، إلا إذا كانت جزءا من
التقارب معه. وستعزز الهجمات المعارضة السورية لأن الجهاديين يسيطرون على مناطق كانت تابعة للمعارضة.