أفاد مسؤول رفيع بالجزائر، أن الرئيس
الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، سيقدم على إنهاء مهام مسؤولين كبار بالجيش، غضون شهر سبتمبر/ أيلول الجاري، استكمالا لقائمة تنحيات شرع بها بداية الأسبوع، وطالت مسؤولين بالجيش ومستشارين برئاسة الجمهورية.
وقال ذات المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، في تصريح مقتضب، لـ"عربي21"، الخميس، إن الرئيس بوتفليقة، سيعلن عن قرار "إنهاء مهام" عدد من قادة الجيش، وإحالة آخرين على التقاعد، هذا الشهر.
وقد أثارت موجة" الإقالات" التي اعتمدها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة على مستوى رئاسة الجمهورية، وعلى مستوى المؤسسة العسكرية، تساؤلات لم تجد لها إجابة محددة حول الأسباب الحقيقية التي دفعت ببوتفليقة مباشرتها بداية الأسبوع الجاري.
وأكد ذات المصدر أن الإجراءات التي باشرها بوتفليقة، كان أقرها مباشرة بعد انتخابه رئيسا للجمهورية لفترة رئاسية رابعة بموجب
انتخابات الرئاسة التي جرت يوم 17 نيسان/ أبريل الماضي.
وتابع: "أرجأ بوتفليقة تنفيذ قراراته نظرا للوضع الأمني المتردي على الحدود مع ليبيا ومالي، وتعاظم التهديدات الإرهابية"، وقال: "الأمر يتعلق أيضا بالبحث عن البدائل القيادية القادرة على أداء الدور اللازم لحماية الحدود ومحاربة الإرهاب".
وكان الرئيس الجزائري أنهى مهام عدد من مستشاريه بصورة مفاجأة، وصدرت قرارات التنحية بالجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية، في الأول من شهر أيلول/ سبتمبر الجاري، بعد أن أنهى مهام مستشاره عبد العزيز بلخادم قبل أربعة أيام من ذلك.
وتردد أن السبب المباشر لتنحية بلخادم يتعلق بمشاركته بنشاط نظمته "جبهة التغيير" نهاية آب/ أغسطس، ودعت إليه وجوه
معارضة لتولي الرئيس بوتفليقة ولاية رئاسية رابعة ووقفت ضده بالانتخابات. لكن الرئاسة تكتمت عن أسباب تنحية عدد من مستشاري الرئيس، وكذلك القادة العسكريين.
وأنهيت مهام كل من العميد عبد القادر بن زخروفة بصفته رئيسا لأركان الناحية العسكرية الأولى وقد عين بدلا منه العميد نور الدين حداد، كما أنهيت مهام العميد السعيد زياد بصفته رئيسا لأركان الناحية العسكرية الخامسة وعين بدله العميد خليفة غوار.
أما المستشارين المعنيين بالتنحية، فكان أبرزهم اللواء محمد تواتي مستشار شؤون الدفاع لدى رئيس الجمهورية، ويكنى الجنرال تواتي في الوسط السياسي و الإعلامي بـ"المخ".
وكان الرئيس الجزائري أنهى مهام مستشاره القانوني السعيد بوالشعير وكذلك وضع حد لمهام أحمد أمين خربي وهو مستشار لدى رئيس الجمهورية ، و كذلك علي دريس "المكلف بمهمة برئاسة الجمهورية". وطالت العملية أيضا مدراء بالرئاسة.
ولم تعلن أسباب تنحية هؤلاء المستشارين بالرئاسة وقادة النواحي العسكرية.
ويقول محمد دخوش، الباحث بالعلوم السياسية و المختص بالقضايا المدنية و العسكرية لـ"عربي21": "إن التغييرات التي جرت في المؤسسة العسكرية والتي مست عدد من العمداء على غرار العميد عبد القادر بن زخروفة رئيس أركان الناحية العسكرية الأولى والعميد السعيد زياد رئيس أركان الناحية العسكرية الخامسة والعميد عبد القادر عوالي، رئيس أركان الحرس الجمهوري، في اعتقادي هو إجراء روتيني، يندرج ضمن سلسلة التغييرات الدورية في أعلى هرم القيادة العسكرية من أجل إفساح المجال أمام جيل جديد لتبوأ المراكز القيادية في القيادة العملياتية للجيش الوطني الشعبي".
وكان قائد أركان الجيش الشعبي الوطني، الفريق قايد صالح، أكد أن استراتيجيته على رأس الجيش تعتمد على "الاحترافية" وإيلاء الشباب مناصب "قيادية عليا".
ويعتقد دخوش أن "هذه التغييرات لن يكون لها تأثير كبير على موازين القوى داخل المؤسسة العسكرية، ذلك أن التغييرات لم تمس لحد الآن قادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة الذين يشغل بعضهم مهامه منذ سنوات طويلة على غرار اللواء أحمد بوسطيلة الذي مازال يتولى قيادة الدرك الوطني منذ 2001 وكذا اللواء أحسن طافر الذي لا يزال يمارس مهامه كقائد للقوات البرية".
ويرى دخوش أن اللواء أحسن طافر هو المرشح الأوفر حظا لخلافة الفريق أحمد قايد صالح في رئاسة الأركان العامة للجيش الوطني الشعبي بالجزائر، ونفس الأمر ينطبق على اللواء رشيد زوين الذي كان يشغل مدير ديوان الوزير المنتدب للدفاع وكذا اللواء يوسف مدكور الذي كان يشغل منصب مكلف بمهام لدى وزارة الدفاع، وكلاهما يقارب عمرهما من الــ 70 عاما".
ويوضح المتحدث أن هذا "يعني أن تغييرهم لن يكون له تأثير ملموس على مختلف مراكز القوى داخل المؤسسة العسكرية. أما بالنسبة للواء محمد تواتي المعروف بـ"المخ" والذي يعتبر أحد مهندسي حركة 11 جانفي 1992 وأهم الوجوه النافذة في الجيش في حقبة التسعينات فإنه عمليا خارج الخدمة منذ ما قبل مجيء الرئيس بوتفليقة للحكم، وهو من أعاده للواجهة السياسية بتعيينه مستشارا أمنيا له".
كما يرى دخوش أنه ".. وإن كان تعيين تواتي وكذلك الفريق الراحل عباس بن غزيل كمستشارين أمنيين في الرئاسة يندرج ضمن مناورات الرئيس لتطويع المؤسسة العسكرية له، (..) بالنسبة للرئاسة فإذا استثنينا اللواء تواتي و الدكتور سعيد بوشعير الخبير المعروف المستشار القانوني للرئاسة والذي أنهيت مهامهما فإن أغلب من مستهم حركة إنهاء المهام في الرئاسة هم موظفين بدرجة نائب مدير ومكلف بمهام ولن يكون لها كبير أثر".
رغم ذلك، فإن التغييرات التي أجراها الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة قد أعادت الجدل حول "أين يكمن مصدر القرار -بين الرئاسة و الجيش- إلى الواجهة، بعد جدال دار خلال الأشهر الأخيرة حول مدى تدخل الجيش في الحياة السياسية بالبلاد.