ركز المحرر الدبلوماسي في صحيفة "الغارديان" جوليان بورغر على قرار حكومة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، بالمشاركة في
تسليح الأكراد بعد قرار الولايات المتحدة وفرنسا في محاولة من هذه الدول لتعزيز وضع كردستان كجبهة ضد تقدم الدولة الإسلامية في
العراق والشام (
داعش) حيث أجبر مقاتلو التنظيم الأقليات المسيحية واليزيدية على الفرار من بيوتهم.
وقال بورغر: "مع أن هذه السياسات تقتضي تدفقا في السلاح لمحور الحرب إلا أنها تأتي بمخاطر وأعباء، فمثل الترسانة التي زود بها الجيش العراقي عبر السنين فقد تنتهي هذه الأسلحة بيد داعش، مع أن هذا الخيار يظل أقل بالنسبة لقوات البيشمركة التي تعتبر أكثر تماسكا وكبدت داعش هزائم في الأيام الأخيرة بعد الغارة الأمريكية على مواقع داعش".
ويرى الكاتب أن "تسليح الأكراد بدون مرور المساعدات عبر بغداد أولا سيعزز من ميول الأكراد الانفصالية التي حاول الغرب احتواءها خوفا من تفكك العراق وما سيخلفه على المنطقة خاصة تركيا وإيران اللتين تعيش فيهما أقليات كردية كبيرة".
ويقول إن "هذه المخاوف الاستراتيجية تغلبت عليها الظروف الحالية الماسة والتي تستدعي وقف تقدم داعش، والحفاظ على كردستان كمنطقة آمنة لعشرات الآلاف من المشردين العراقيين والسوريين، مع أن الدول الثلاث ستركز في دعمها العسكري على تقديم الأسلحة الخفيفة بطريقة لا تغير توازن القوة بين إربيل وبغداد".
ونقل عن ريتشارد غوان، مدير المركز الدولي للتعاون في جامعة نيويورك قوله، إن "هناك لحظات في أزمات تتطور سريعا تحتاج لوقف تقدمها وخروجها عن السيطرة والتفكير في آثارها فيما بعد، وهذه واحدة من اللحظات، فتسليح الأكراد قد تكون واحدة من الخطوات الأخيرة باتجاه تفكيك العراق بآثار مثيرة للقلق على كل من تركيا وإيران. ولكن إن كان البديل عن تسليحهم هو خسارة مناطق جديدة لداعش ومجازر جديدة فإن هذا الخيار يظل واحدا من الخيارات ذات الأثر القصير المدى".
ويشير لما كتبه شانشك جوشي الباحث في المعهد الملكي للدراسات المتحدة في لندن: "من الواضح أن المقاتلين الأكراد لعبوا دورا مهما في جهود الإغاثة الإنسانية، وساعدوا الإيزيديين وأوقفوا تقدم داعش، ولكن لا دور لهم في قرار
تسليح المعارضة السورية أو عدمه، وخسارة الجيش العراقي أسلحته لداعش".
وواصل قائلا: "وعلينا أن نتذكر أن الأكراد لن يقاتلوا أبعد من حدود مناطق حكومة إقليم كردستان، ما يعني أن هذا لن يتصدى للمشكلة الكبرى التي تحدث الآن في الأنبار والرمادي وأماكن أخرى".
وبالعودة للقرار البريطاني يقول الكاتب إنه ينهي سياسة بريطانية غير واضحة من نقل أسلحة الدول للأكراد وتزويدهم بأسلحة بريطانية، وجاء القرار قبل اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي.
وتساءل بادي أشداون، الرئيس السابق لحزب الليبراليين الأحرار عن غرابة الموقف البريطاني الذي كان يسمح بنقل أسلحة الآخرين ويمتنع عن نقل أسلحة بريطانية. هل هناك فرق؟ تساءل أشداون.
وعلى خلاف المشاكل القانونية التي برزت عندما تعلق الأمر بتسليح المعارضة السورية والليبية، فتسليح الأكراد لا يواجه هذه العقبات لأنهم يديرون منطقة معترفا بها، وعمليات نقل الأسلحة لهم من المتوقع المصادقة عليها من قبل الرئيس العراقي الكردي، فؤاد معصوم.
ويرى غوان أن الأمريكيين والبريطانيين وجدوا أنفسهم في وضع أحسن نهاية الأسبوع من بدايته. فقد انتهت الأزمة الإنسانية في جبل سنجار، وهناك أمل في تشكيل حكومة في بغداد، وهناك دعم دولي للضربة العسكرية المحدودة، حتى من دول تعارض التدخلات مثل ألمانيا. وتظل هذه الحملة بدون نتائج واضحة، والسؤال هو: كيف نهزم داعش؟