أكدت منظمة
العفو الدولية أن تسعة من النشطاء "السلميين" في
الإمارات يعانون من سوء المعاملة في أحد سجون أبو ظبي، وذلك بعد مرور عام على "محاكمة غير عادلة انتهت بالحكم بسجنهم". وطالبت المنظمة بإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين.
وقالت المنظمة في تقرير بمناسبة الذكرى الأولى لصدور الأحكم بسجن هؤلاء النشطاء: "إن السبب الوحيد للإلقاء بهؤلاء الأشخاص وراء القضبان هو أنهم تجرأوا على المطالبة بالإصلاح الديمقراطي السلمي، وهو ما يبدو أنه يتجاوز الحدود المسموحة في الإمارات".
وقال سعيد بوميدوحة، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة: "إنهم معتقلو رأي، ويجب إطلاق سراحهم فورا ودون شروط".
وقالت المنظمة: "إن على قادة العالم ألا يجعلوا المصالح التجارية أولوية على
حقوق الإنسان، عبر تجاهل
الانتهاكات الجسيمة في الإمارات. يجب عليهم أن يستخدموا نفوذهم مع السلطات (الإماراتية) لضمان إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي، والتأكد من احترام حقوقهم في حرية التعبير عن الرأي وحرية التجمع وتشكيل الجمعيات".
وكان النشطاء التسعة، وبينهم محامون ومدرسون وطلاب إضافة إلى قاض وشخصيات بارزة أخرى في الإمارات، قد حكم عليهم بالسجن في 2 تموز/ يوليو 2013، ضمن سلسلة من
المحاكمات الجماعية بحق "منتقدي الحكومة". وقد وجهت إليهم تهمة "تشكيل منظمة بغرض الإطاحة بالحكم".
والتسعة هم: محاميا حقوق الإنسان الدكتور محمد الركن والدكتور محمد المنصوري، والمعلم السابق صالح محمد الظفيري، والمعلم إحسين علي النجار الحمادي، والقاضي السابق أحمد الزعابي، ومؤسس جامعة الاتحاد ورئيس جمعية الإصلاح الشيخ الدكتور سلطان كايد محمد القاسمي (ابن عم حاكم إمارة رأس الخيمة)، والطالبان الجامعيان خليفة النعيمي وعبدالله الهاجري، والدكتور علي حسين الحمادي.
وفي المجموع، فإن 94 ناشطا قد حوكموا أمام المحكمة الاتحادية العليا في سلسلة محاكمات، في حدث غير مسبوق في الإمارات. ووصفت منظمة العفو الدولة هذه المحاكمات بأنها "غير عادلة".
ومؤخرا حكم على 69 ناشطا بالسجن لفترات تراوحت بين سبعة و15 عاما. وبين هؤلاء ثمانية نشطاء حوكموا غيابيا. وفي وقت لاحق، بدأت محاكمة عشرة مواطنين إماراتيين حكم عليهم سابقا؛ في قضية أخرى.
وقالت المنظمة: "هذه المحاكمات غير عادلة بشكل فاضح. فالقضاة يقبلون باعترافات انتزعت تحت التعذيب، والمتهمون لا يسمح لهم بالاتصال بمحامين، وبعضهم أبلغ عن تزوير توقيعه على أوراق الاعترافات".
وخلال المحاكمات وصف المتهمون تعرضهم للضرب المبرح، وكيف تم تعليقهم من أرجلهم ورؤوسهم للأسفل، كما أنهم تعرضوا لنتف شعر اللحية والصدر، واقتلعت أظافرهم. كما تحدث المعتقلون عن تعريضهم للإضاءة القوية خلال الليل والنهار، وتهديدهم بالصعقات الكهربائية والاغتصاب، وحتى الموت، هذا بالإضافة إلى الاعتقال الانفرادي لفترات طويلة مع الحرمان من النوم.
وأكدت العفو الدولية أن المحكمة "تجاهلت كل هذه المزاعم وفشلت في التحقيق في التقارير حول التعذيب وأشكال أخرى من سوء المعاملة".
و"حيث أن المحاكمات عقدت في المحكمة الاتحادية العليا، فإن المتهمين لم يكن لديهم الحق في استئناف الأحكام، في انتهاك فاضح لالتزامات دولة الإمارات بموجب القانون الدولي لحقوق
الإنسان"، وفقا للعدل الدولية.
وضمن سلسلة المحاكمات ذاتها، صدرت في 23 حزيران/ يونيو الماضي أحكام بسجن تسعة أجانب بتهم تتعلق بالإرهاب وجرائم الإنترنت. "ومثلما هو حال المحاكمات السابقة، اشتكى المتهمون من سوء المعاملة خلال احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي قبل المحاكمة"، حسب ما أوردته العفو الدولية.
وفي اليوم التالي (24 حزيران/ يونيو) انطلقت المحاكمة الجماعية الرابعة، وشملت 17 شخصا. وتقول المنظمة: "المعلومات شحيحة جدا عن هذه المحاكمة في الوقت الحالي.. لكن بالاستناد إلى سجل الإمارات، فإن منظمة العفو الدولية قلقة من أن المحاكمة الأخيرة ستكون حافلة بانتهاكات حقوق الإنسان، كسابقاتها من المحاكمات الجماعية الأخرى".
وقال بوميدوحة: "آن الأوان بالنسبة للإمارات لكي توفق بين حماسها للنمو الاقتصادي والتقدم في حقوق الإنسان". وأضاف: "إن إطلاق سراح منتقدي الحكومة السلميين (..) والتحقيق في جميع تقارير التعذيب والأشكال الأخرى من سوء المعاملة في السجن يمكن أن تكون خطوة أولى مهمة".
وكانت مجموعة العمل الخاصة بالاعتقال التعسفي، التابعة للأمم المتحدة، قد أصدرت في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013 تقريرا أكدت فيه أن الاعتقالات المشار إليها "تعسفية"، وأنها جاءت بسبب ممارسة النشطاء حقهم في حرية الرأي والتعبير، وحقهم في حرية التجمع وتشكيل الجمعيات. ورأت المجموعة أيضا أن محاكم الإمارات "ليست مستقلة عن السلطة التنفيذية، وهذا أدى إلى حرمان المتهمين من حقهم في محاكمة عادلة".
وفي شباط/ فبراير الماضي، قامت المقررة الخاصة للأمم المتحدة لاستقلال القضاة والمحامين، غابرييلا كانول، بزيارة إلى الإمارات، وعبرت بعدها عن قلقها من بقاء النظام القضاء الإماراتي خاضعا "للسيطرة الفعلية" للحكومة.