قال تقرير لمجموعة الأزمات الدولية، إن
حزب الله استثمر كل طاقاته في الدفاع عن نظام الأسد. وقد أظهر الحزب أنه سيدعم النظام السوري بكل الوسائل الضرورية.
وأشار التقرير الذي صدر أول أمس إلى أن الحزب حول بوصلته من الصراع ضد الاحتلال الإسرائيلي إلى الشرق (
سوريا)، ودخل بكل ثقله العسكري والاستخباراتي والأمني من أجل الدفاع عن النظام السوري في حربه ضد شعبه الأعزل المطالب بالحرية.
وقال التقرير، إن حزب الله استثمر كل طاقاته في الدفاع عن نظام الأسد. ودعم النظام بكل الوسائل الضرورية، رغم الشكوك في قدرة هذا الأخير على تحقيق نصر حاسم
وأشار إلى أن حزب الله خاطر بمكانته الأخلاقية وجاذبيته العابرة للطوائف. مع انغماسه بعمق أكبر في الحرب الأهلية في سورية، والتي يبدو أنها ستستمر بحسب تقدير التقرير لسنوات.
وبذلك، نوه التقرير إلى أن الحزب يجد نفسه منشغلاً على نحو متزايد عن محور تركيزه الأصلي المتمثل في محاربة إسرائيل ومُخاطراً بإحداث إعادة تشكيل عميقة لهويته.
وأضاف التقرير كانت الأهداف العسكرية الأصلية لحزب الله في سورية واضحة، وتتمثل في إنقاذ نظام يرى فيه حليفاً محورياً وإيقاف المد الشعبي المطالب بالحرية عن حدوده وأحيائه.
وأكدت "مجموعة الأزمات الدولية" أن مساهمة الحزب بالغة الأهمية؛ فقد تمكنت قواته من إعادة الزخم المتلاشي للنظام ومكّنته من تحقيق التقدم النسبي الذي يتمتع به اليوم.
وتابعت: "لقد عززت محاربته للمعارضة السورية، التي يُشخّصها بتعابير طائفية حادة، من قاعدة دعمه. غير أن الأكلاف بعيدة المدى ـ بالنسبة لحزب الله والمنطقة ـ والمتمثلة في الانخراط في حرب طائفية صفرية، تعني أن الثمن الذي سيدفعه مقابل ذلك قد يكون جسيماً بقدر أهمية المكاسب قصيرة الأمد التي يحققها".
وأشارت المجموعة إلى أن الحزب رحب بانتفاضات "الربيع العربي" الموجّه ضد أعدائه وخصومه. لكنه وضع حداً عند سورية؛ ومع تراخي قبضة بشار الأسد، بات يرى بقاءه هو مرتبطاً ببقاء حليفه. فقد كان سقوط الأسد سيحرمه من حليف محوري إضافة إلى ذلك، فإن سقوط النظام كان سيؤدي إلى تغيير في التوازن الإقليمي يصب في غير مصلحته، أخيراً، وبات يرى في الحرب الأهلية في سورية حرباً وجودية.
وأشار التقرير إلى أن ظهور دلائل بمشاركة حزب الله العسكرية في سورية في أواسط عام 2012، بعد تحقيق مجموعات المعارضة المسلحة مكاسب مهمّة جنوب وشرق سورية؛ وإحاطتها بدمشق، بشكل جعل النظام في خطر محدق. بعد شهور من ذلك، لعب الحزب، في أيار/ مايو 2013 وبشكل علني، دوراً قيادياً في إخراج الثوار من بلدة القصير الحدودية. عزز سقوط البلدة من قوة النظام وشجّع الحزب على توسيع معركته إلى جبال القلمون وما وراءها.
ولفتت مجموعة الأزمات الدولية أن الأحداث اللاحقة أكدت للحزب بأنه اتخذ القرار الصائب. فلقد كانت حملته العسكرية ناجحة، وعززت موقع الأسد؛ وقالت: "رغم مقتل عشرات من مؤيديه في
لبنان في موجة من التفجيرات غير المسبوقة، منذ معركة القصير، فإن الحزب مقتنع بأن عدداً أكبر كان سيُقتل لو إنه لم يُبعد الثوار عن الحدود اللبنانية".
وقال: "على المدى البعيد، فإن انخراط حزب الله في سورية يشكل تهديداً للحزب، كما أنه إشكالي بالنسبة للبنان والعالم العربي الأوسع. لقد عمّق هذا التدخل الانقسام الطائفي الإقليمي، وغذى التطرف نفسه وأدى إلى تلاشي شرعيته بين شرائح من المجتمع كانت تدعمه في السابق. من خلال تصوير معركته على أنها هجوم استباقي على التكفيريين، فإن حزب الله صبغ جميع شرائح المعارضة، وفي الواقع جميع السنة، بفرشاة التطرف السوداء. لقد بالغ في توصيف مذهبية المعارضة السورية كما خصومه المحليين، وبالتالي فاقم من هذه المذهبية. وأضاف أن حزب الله، الذي كان يحظى باحترام واسع لدى جميع شرائح الطيف السياسي والطائفي، بات يُشار إليه على نحو متكرر الآن بـ "حزب الشيطان". لقد تضاءلت الحاضنة الشعبية التي كان يعتبرها الحزب بمثابة عمق استراتيجي، وكذلك السمعة التي كان حققها لنزاهته الأخلاقية. تكمن المفارقة هنا في أن تعزيز حزب الله لجبهته الشرقية قد جعله أكثر هشاشة".
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن حزب الله يؤمن باستراتيجيته الحالية، و"طالما ظل الصراع في سورية ثقباً أسود، فإن حزب الله سيبقى عالقاً في نطاق جاذبية هذا الثقب، وهو ما سيُحدث فيه تحوّلاً لا يقلّ عن التحوّل الذي سيحدثه انخراطه في الصراع برمّته".