دعت جماعة الإخوان المسلمين في
سوريا جميع فصائل المعارضة السورية المقاتلة لنظام الرئيس بشار الأسد، إلى الانضمام لـ"ميثاق شرف الثوري"، الذي وقعت عليه كبرى الفصائل المعارضة، السبت الماضي.
ونص الميثاق الذي أصدرته خمسة فصائل بارزة، بينها الجبهة الإسلامية وجيش الإسلام، على الالتزام بـ"إقامة دولة العدل والقانون والحرية بمعزل عن الضغوط والإملاءات"، دون إشارة إلى الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، أو الخلافة، وما شابه ذلك من مسميات.
ويُعد هذا الميثاق تطورا هاما في الساحة السورية -بحسب مراقبين-، لا سيما أن الكتائب الموقعة على الميثاق أعلنت استعدادها "للقاء والتعاون مع الأطراف الإقليمية والدولية".
ووصفت جماعة الإخوان المسلمين الميثاق الذي رفضته "جبهة
النصرة لأهل الشام"؛ بأنه "خطوة أخرى ومرحلة جديدة يدشنها ثوار سوريا في معركة الوعي ضد التشرذم والتفرقة، القائمة جنبا إلى جنب مع معركة السوريين ضد نظام الاستبداد والطغيان"، على حد قولها.
وجاء في بيان أصدره المكتب الإعلامي للجماعة -وصل "عربي21" نسخة منه- أن "
ميثاق الشرف الثوري الذي أصدرته كتائب ثورية سورية فاعلة على الأرض، تمهيد صادق للطريق نحو شراكات حقيقية، ورؤية وطنية لعمل دؤوب، لتحقيق الوحدة في السعي للإطاحة بنظام الأسد، الذي أهلك الحرث والنسل، وأفسد البلاد والعباد"، وفق البيان.
ودعت الحركة في بيانها "الإخوة الثائرين والمجاهدين جميعا، لتلافي أي قصور أو جانب لم تشمله هذه النقاط المهمة، ليلتقي الجميع في ساحة سورية ثائرة بمختلف أطياف الثائرين، استيفاء لعنوان الوحدة الحقيقية".
وفي المقابل، ذكّرت الجماعة "بميثاق الجماعة وعهدها، والذي أصدرناه في آذار عام 2012؛ حيث أكدنا فيه على وحدة الصف، ولمّ الشمل، وتوحيد الجهود، وهي المعاني التي أفاض فيها ميثاق شرف الثوري"،
وكانت الفصائل الموقعة على ميثاق الشرف، أكدت على أن من أهدافها "العمل على إسقاط النظام بعملية تشاركية بين مختلف القوى الثورية، وانطلاقا من وعي هذه القوى للبعد الإقليمي والدولي للأزمة السورية، فإننا بذلك نرحب باللقاء والتعاون مع الأطراف الإقليمية والدولية المتضامنة مع محنة الشعب السوري، بما يخدم مصالح الثورة".
كما تعهدت بـ"احترام حقوق الإنسان التي يحث عليها ديننا الحنيف"، مؤكدة "الالتزام بتحييد المدنيين عن دائرة الصراع".
وتعهدت الكتائب الموقعة بـ"الحفاظ على وحدة التراب السوري، ومنع أي مشروع تقسيمي بكل الوسائل المتاحة"، مؤكدة أن هذا الهدف "ثابت ثوري غير قابل للتفاوض".
وفي إشارة إلى المخاوف الدولية من تزايد أعداد المقاتلين الأجانب في سورية، أكد الميثاق على أن "قوانا الثورية تعتمد في عملها العسكري على العنصر السوري، وتؤمن بضرورة ان يكون القرار السياسي والعسكري في الثورة السورية خالصا رافضة أي تبعية للخارج".
من جهته، دعا أحد الوجوه البارزة في جماعة الإخوان المسلمين، الكاتب زهير سالم، كافة الفصائل للمبادرة والتوقيع على الميثاق "من أجل الدين والدولة".
واعتبر سالم أن الميثاق يمثل "مبادرة دعوية وسياسية مشكورة ومقدرة"، واصفا إياه بأنه "حيوي مفعم بروح الإسلام وعنوانينه الكبرى.. باللغة التي اختارها أبناء العصر الذي نعيش، للتعبير عن مقاصدهم في الدين والدولة والثورة والحكم والقضاء".
ولفت سالم إلى أن "الكثير من "الحَصِرين" سيبادرون للاستنكار على القادة الذين وقعوا الميثاق، بل وسيعملون على التشنيع عليهم باسم الإسلام تارة، وباسم الثورة والوطنية والوفاء لدماء الشهداء تارة أخرى؛ "ولكن ولما كان الحق أحق أن يتبع فإن مبادرة الموقعين على الميثاق، والذي جاء متأخرا جدا في سياق الثورة السورية، أولى بالتأسي والاتباع".
ورأى سالم أن "الميثاق في كل بند من بنوده وفي كل عنوان من عناوينه وفي كل كلمة من كلماته ما هو إلا تعبير معاصر ومبشر عن مقاصد الشريعة الإسلامية، وعن ضمير السواد العام من أبناء سورية الذين يصرون على الانتماء إلى الحياة وإلى العصر وإلى المجتمع الإنساني بكل ما فيه من معطيات أنجزتها الإرادة الخيرة لبني الإنسان"، على حد قوله.
وأضاف: "علينا اليوم أن نخاطب بهذا الميثاق دولا وحكومات وشعوبا ومجتمعا سوريا، لا يعرف من حقائق المصطلحات التاريخية التي يصر البعض على الوقوف عندها إلا القليل، بل والقليل الشائك الذي حمّلته قرون الصراع من المعاني ما لن تجد ثورتنا فرصة لشرحه وتوضيحه والجدل عليه ولاستدراك على الذين يسيؤون فهمه أو إليه".
جبهة النصرة:
ويبدو أن سالم كان يعلق على موقف فصائل من مثل جبهة "النصرة" التي رفضت الميثاق ودعت إلى التراجع عنه لإعادة صياغته، وقالت إن لها مآخذ عليه، على رأسها إغفال حكم الشريعة وإقامة الدولة الإسلامية.
لكن مصدرا في الجبهة الإسلامية، استبعد حصول صدام أو صراع مسلح مع حليفتها الاستراتيجية جبهة "النصرة"، على خلفية هذا الخلاف.
وتعتبر جبهة "النصرة" إحدى الفصائل المتحالفة مع القوى الموقعة على الميثاق، حيث تشترك هذه الفصائل جميعا في غرف مشتركة للتنسيق بينها في مواجهة النظام في مناطق عدة.
كما تشترك هذه الفصائل في مواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش).
وفي تصريح لوكالة "الأناضول"، قال المصدر في الجبهة الإسلامية، إن رفض "النصرة" للميثاق لا يعني حصول خلاف أو مواجهة عسكرية بينهما شبيهة بالمواجهة المندلعة منذ أشهر مع "الدولة الإسلامية في العراق والشام" المعروفة بـ"داعش".
ورأى المصدر أن الحديث عن خلاف أو صدام محتمل مع النصرة "أمر سابق لأوانه"، وكذلك هو الحال بالنسبة للخلاف على شكل وتفاصيل الدولة المستقبلية.
وأشار إلى أن العمل حاليا يتجه نحو توحيد الصفوف في مواجهة قوات النظام، وليس شحن الثوار وزجهم في صدامات جانبية، ليست في مصلحتهم.
واعتبر المصدر أن الاختلاف حول ميثاق الشرق هو اختلاف بالآراء، ويُحل بالشورى والعمل المشترك، ولا يرجح الوصول إلى مرحلة الصدام، في حال تم اتباع هذه الطرق التي يتفق عليها الطرفين.