أكدت صحيفة "التايمز" البريطانية، أن "النجاح" الذي حققه النظام السوري بإخراج مقاتلي المعارضة من البلدة القديمة في
حمص، لن يؤدي إلا لتعزيز مسلسل التقسيم الفعلي لسوريا، ويصبح فيه النظام مسيطرا على غرب
سوريا فيما يسيطر مقاتلو المعارضة على شرق وشمال البلاد.
وجاء في التقرير الذي كتبه نيكولاس بلانفورد تحت عنوان "تراجع في حمص:
الأسد يفتح مهد الثورة"، أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد حقق نجاحا مهما في المدينة، وجاء قبل أقل من شهر من الانتخابات الرئاسية، وذلك عندما "أجبر مقاتلي المعارضة على الخروج من البلدة القديمة في حمص التي ظلت تحمل اسم "معقل الثورة" التي مضى عليها عليها ثلاث سنوات.
ويعلق الكاتب أن الانسحاب من حمص التي تعد ثالث كبريات المدن السورية يعتبر "تتويجا لحملة الرئيس بشار الاسد لتعزيز واستعادة سيطرته على البلاد"، حيث يقوم الأسد من خلال هذا الإنجاز بربط العاصمة دمشق مع المدن الساحلية على البحر المتوسط وسلسلة الجبال التي تعتبر معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد.
وأشارت الصحيفة إلى عملية إجلاء المقاتلين أو من تبقى منهم في المدينة، حيث راقب العملية موظفوا الأمم المتحدة والشرطة السورية، وسمح لكل مقاتل الخروج محملين بالأسلحة الخفيفة، أما عتادهم وخنادقهم فقد أشعلت فيها النار قبل نشر القوات السورية في البلدة القديمة.
ونقلت الصحيفة عن وائل، وهو ناشط من شمال حمص قوله إنه استقبل بعض المقاتلين الذين خرجوا من حمص والذين كانوا يشعرون بالحزن الشديد "سألت أحد أصدقائي الذي يرتاح الآن في بيتي، وقال لي إنه يشعر بالجوع والألم، ويبكي على مغادرة حمص"، ويقول الناشط "قال لي إنه روحه نزعت من جسده عندما غادر".
وتشير الصحيفة لشروط العقد الذي سمح لـ 1200 مقاتل مغادرة حمص مقابل السماح بوصول المواد الغذائية والمساعدات لقريتي نبل والزهراء اللتان يسكنها شيعة، والإفراج عن معتقلين لدى المعارضة منهم إيرانيون وأفراد من حزب الله والميليشيات الشيعية العراقية. ولهذا السبب لعبت إيران دورا مهما في المحادثات التي أدت لتحقيق الاتفاق حسبما يقول دبلوماسيون غربيون في بيروت نقل عنهم بلانفورد.
ويذكر التقرير بأن حمص كانت أول مدينة سورية تحاول الإطاحة بنظام الأسد في عام 2011 عندما نظم السكان مظاهرات سليمة ما لبثت أن تحولت إلي انتفاضة مسلحة. وكان رد القوات الحكومية قاسيا حيث فرضت حصارا على حمص منذ بداية عام 2012 وسط مقاومة شديدة من قبل المعارضة المسلحة.
ويقول التقرير إن سقوط حمص يعزز نجاحات النظام التي بدأت بالقصير عندما ساعد حزب الله النظام في شهر حزيران/ يونيو على استعادة المدينة والقرى ما بين حمص والحدود مع لبنان.
كما ولعب حزب الله دورا في حملة القلمون في تشرين أول/ نوفمبر الماضي، حيث تم استعادة القرى في سلسلة جبال القلمون الواقعة في المنطقة ما بين دمشق وحمص من مقاتلي المعارضة منها. لكن هذه النجاحات ظلت قاصرة عن تحقيق انتصار حاسم للنظام. وتنبع أهمية انسحاب المقاتلين من حمص أنه سيعطي دفعة كبيرة لمساعي الأسد الفوز مجددا في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في الثالث من حزيران/ يونيو المقبل.