ذكر صحيفة "أوبزرفر" نقلا عن مراسلها في بيروت مارتن شولوف، أن الهاربين الفلسطينيين من جحيم
مخيم اليرموك الفلسطيني في
سوريا يواجهون منفى جديدا، ومأساة تجعلهم غرباء.
وأشارت الصحيفة إلى أن السلطات اللبنانية تمنح
اللاجئين تأشيرة لمدة أسبوع، وأن عليهم مراجعة السلطات، وكل من يتخلف يكون عرضة لدفع غرامة قيمتها 200 دولار أمريكي وهو مبلغ كبير لمن فقد كل شيء مثل أم سمير التي فرت من اليرموك مع عائلتها وأحفادها العشرة، وتعيش الآن في غرفة أرضية بمخيم صبرا وشاتيلا.
وأوضحت أن أم سمير "حملت ما قدرت على حمله من أكياس بلاستيكية، وما تمكنت من العثور عليه من بقايا طعام، وتركت بيتها المدمر وخرجت في عتمة ما قبل الفجر لكي تبدأ رحلتها الثانية في مسيرة المنفى التي مضى عليها 68 عاما".
وأضافت أنه وبعد وصول أم سمير لبيروت واجهت أياما صعبة جديدة، حيث واجهت "حقيقة تحولها مرة أخرى للاجئة وأصبح حلمها بالعودة لمكان ميلادها أبعد مما كان عليه".
وتنقل عن أم سمير، أنها "غالبا ما فكرت في أن المرة الوحيدة التي سأنتقل فيها من اليرموك ستكون لفلسطين"، ولكنها انتهت في مخيم صبرا وشاتيلا الفلسطيني في بيروت الذي أصبح مقصد الكثير من العائلات الفلسطينية الهاربة من الحرب السورية.
وتابعت أم سمير: "لم أكن اتوقع أن يفعل النظام السوري هذا مع شعبنا، لقد سقط القناع ونرى الآن بطريقة أوضح مما كنا في السابق".
وكانت صحيفة أبزيرفر قد كشفت الأسبوع الماضي في تقرير، عن حجم المعاناة في المخيم، وقالت إن الطعام نفد ولم يعد لدى من بقوا فيه أي شيء يأكلوه.
ويضيف التقرير أن قرار عائلة "أبو سمير" الخروج من المخيم كان انتحاريا، وبخاصة أن الجيش السوري يشدد الحصار على كل منافذه، ولكنها فضلت الخروج على العيش فيه ومواصلة البحث عن بقايا الطعام في البيوت المدمرة والأماكن العامة.
ويصف التقرير نقلا عن "أبو سمير" الطريقة التي خرجوا فيها بقوله: "خرجنا كجماعات صغيرة، وبقي خمسة من أبنائنا داخل المخيم"، مضيفا أن الوضع كان خطيرا "واعتقدنا أننا سنموت" ولكن "لم يكن أمامنا أي خيار".
وبحسب "أبزيرفر"، فقد كان الأمين العام العام للأمم المتحدة بان كي مون، طالب الأسبوع الماضي بإدخال المساعدات الإنسانية للمخيم.
ونقلت عن منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أن النظام سمح بدخول 700 طرد
غذائي يمكن أن يطعم كل واحد منها ما بين 5 و8 أشخاص. ومع أن وصول مساعدات كهذه يخفف من المعاناة إلا أنه لا يتصدى للوضع الكارثي الذي سببته أشهر من تأخير وعرقلة دخول المساعدات الغذائية. كما أن المعونات الإنسانية لم تصل إلى أؤلئك الذين هم بحاجة إليها.
واتصل شولوف بأحد سكان المخيم الذي رفض ذكر اسمه وبدا التعب من صوته حيث تحدث بصوت خافت واصفا الوضع بالكابوس، قائلا: "نحن نعيش ولأشهر على الأعشاب والأرز والفجل والخضار".
وعندما سئل عن السبب الذي يمنعه من الخروج من المخيم أجاب: "لو تم القبض علينا فسيتم
تحويلنا مباشرة لفرع فلسطين- في المخابرات- ومن يدخل هناك لا يخرج".
وينقل شولوف عن الكثير من سكان اليرموك المنفيين الآن قولهم إن اسم مخيمهم سيدخل تاريخ العار مثل صبرا وشاتيلا قبل 32 عاما، اللذين تعرضا لمجزرة قتل فيها أكثر من ألف فلسطيني على يد الميليشيات المسيحية المدعومة من الجيش الإسرائيلي.
وتؤكد الصحيفة أنها لا تزال كوابيس عام 1982، وهو عام المجزرة، علامة على المعاناة الفلسطينية. ولكن القادمين من اليرموك يقولون إن حجم ومستوى الرعب الذي عاشوه سيتفوق على مجزرة صبرا وشاتيلا.
ويشير شولوف، لحالة من السخط التي تعتري الهاربين من المخيم، حيث قالت أم إبراهيم التي
وصلت مؤخرا إن إيران وسوريا تتظاهران بكونهما ضد "إسرائيل"، وهذا "خداع فجبهة الجولان هادئة منذ وقت طويل، وكانت المقاومة الفلسطينية تحضر للبنان لمواجهة (إسرائيل)، ولم يكن يسمح لها باستخدام الأراضي السورية، حتى الطير لم يكن يسمح له باختراق الحدود" مع الجولان.
وتلفت الصحيفة إلى أن هناك شعورا بأن أحدا لا يهتم باللاجئين الفلسطينيين من سوريا، و"أونروا" وبقية المنطمات الأخرى تقدم بعض المساعدات مثل الطعام وحاجيات أخرى، لكن الأوضاع في لبنان هي أسوأ من تلك التي واجهها اللاجئون في سوريا.
وتنقل عن أم سمير: "اعتقدت أنني لن أغادر بيتي مرة أخرى قبل وفاتي إلا لوطني فلسطين".
وتشير إلى تصريحات لمسؤول في سفارة فلسطين في بيروت، هو قاسم عباس المسؤول عن استقبال الجدد من مخيم اليرموك، حاول فيها التقليل من حجم الأزمة.
وقال عباس: "تحسنت الأمور في الأسابيع القليلة الماضية"، و"لم تتدهور، وقررت القيادة الفلسطينية تبني موقف الحياد في الأزمة السورية، وهو ما قربنا للنظام السوري, ورغم ما حدث، فقد كان قرارا صعبا، ولكنه جعلنا أقل تحيزا".
وأضاف، بحسب ما نقلت عنه الصحيفة: "هذه لعبة شطرنج تلعب في المنطقة"، وهناك عقل مدبر واحد لها، أمريكا، وهي تخدم مصالحهم- أي الأمريكيين- كي يظلوا في المنطقة".
وتخلص إلى أن الهاربين يرفضون التصريحات، وتروي عن أم سمير قولها: "ما يطلق عليها القيادة الفلسطينية لديها أسبابها للتقارب مع النظام السوري، وهذا لاعلاقة له بنا"، معلقة بالقول: "الخزي والعار على صمتهم".