رفض الصحفيون في
مصر، استخدام السترات الواقية من الرصاص التي أعلنت نقابتهم عن توزيعها عليهم، لارتدائها أثناء تغطيتهم الميدانية للمظاهرات، التي غالبا ما يتخللها أعمال عنف من قبل أفراد قوات الأمن والجيش وأعوانهم، أثناء قمعهم المتظاهرين واشتباكهم معهم.
وأعلن نقيب
الصحفيين ضياء
رشوان، في مؤتمر صحفي الأربعاء، عن السترات الجديدة التي تسلمتها النقابة من الحكومة، لكنّ الصحفيين فوجئوا بأنها ليست باللون الأزرق المتعارف عليه عالميا، بل جاءت بنفس ألوان الزي المموه الذي يرتديه أفراد
الجيش المصري، ومكتوب عليها كلمة "صحافة" باللغتين العربية والإنجليزية.
وقال الصحفيون: "إن هذه السترات لن تحميهم من الاعتداءات، بل على العكس ستزيد من فرص استهدافهم، بسبب الاعتقاد الذي سيسود بأن مرتدييها هم أفراد في القوات المسلحة، وليسوا صحفيين محايدين".
الوصول السريع للآخرة
من خلال صفحاتهم على مواقع التواصل الإجتماعي، عبر الصحفيون عن رفضهم وسخريتهم من السترات، حيث قال أحمد منعم: "دي مش
سترة واقية، دي سترة الوصول السريع للآخرة". ورد عليه مصطفى السيد قائلا: "على جثتي ألبسها، ياريت توصلوا لضياء رشوان نقيبنا المطبلاتي الكبير، إن احنا مش عيبد زيك، وإذا كان هو عايز يطبل للسيسي، ياريت يخرجنا احنا بره حساباته أكرم له، وأخيرا رسالة يبلغها لأسياده، يسقط يسقط حكم العسكر".
وتساءل عبد الرحمن الشافعي: "إيه الإنحطاط بتاع النقابة ده، جيش السيسي بيستغل الموقف وبيعمل دعاية لنفسه وخلاص، هل يوجد صحفيون في أي بلد في العالم يرتدون زي الجيش، الصحفي بيلبس واقي من الرصاص لونه أزرق ومكتوب عليه صحافة، مش لبس مموه".
وقال محمد ثروت: "الصحفيين كانوا بيتضربوا من الطرفين، المتظاهرين بيضربوهم عشان فاكرينهم مع الأمن سواء جيش أو شرطة، والشرطة بتضربهم عشان فاكرينهم بيفضحوا عنفهم ضد المتظاهرين، الفكرة هنا بقى إنك لما تلبس السترة الواقية دى، هتتضرب من طرف واحد بس هو المتظاهرين، بص لنص الكباية المليان"
وعلق أحمد جبريل قائلا: "السترة الجديدة المموهة اللي هيلبسها الصحفيين الميدانيين، بتقول وبشكل صريح إحنا صحفيين تبع الجيش تعالوا اقتلونا، النقابة العجوزة المغيبة لا تفهم في قواعد السلامة المهنية، تفكير عقيم وتصرف غبي".
وتهكم إبراهيم صبري من السترات الجديدة قائلا: "أهم حاجة قبل ما تلبس السترة الواقية، لازم تكون متوضي ومصلي، واقرأ الشهادة قبل ما تنزل وقول لأي حد انت مزعله يسامحك، ضياء رشوان? بيميز الصحفيين عشان يبقوا سهل إن أي طرف يصطادهم، البقاء لله مقدما".
أوضاع مزرية
ويعاني الصحفيون المصريون من أوضاع مزرية، حيث يعمل عدد كبير منهم، وخاصة الصحفيون الميدانيون، بدون عقود تثبت انتماءهم لصحفهم، ويتقاضون رواتب هزيلة، بل إن بعضهم يعمل دون أجر تماما، أملا في التعيين مستقبلا في تلك الصحف.
ويتعرض الصحفيون لمخاطر متعددة منذ انقلاب تموز/ يوليو، حيث قتل أكثر من عشرة، وأصيب واعتقل العشرات.
وخلال عملهم في ظل ظروف أمنية مضطربة، خاصة أثناء تغطية مظاهرات أنصار الرئيس محمد مرسي، يتعرضون لانتهاكات وتعديات عليهم، سواء بالضرب أو القتل أو الاعتقال.
ويقول صحفيون: "إن المؤسسات الصحفية تدفع بالصحفيين الميدانيين غير النقابيين في قلب الأحداث الخطيرة، بالرغم من صغر سنهم، وعدم تدريبهم على التعمل مع تلك الأحداث".
وأكثر الفئات التي تعاني من أوضاع مزرية، هي فئة الصحفيين غير المقيدين بنقابة الصحفيين، وغالبيتهم من الصحفيين الشبان الذي يسعون إلى الحصول على عضوية النقابة، ويكون جزاء الضحايا منهم هو الحصول على العضوية الشرفية لنقابة الصحفيين، بعد قتلهم خلال الأحداث الدامية بالميادين والجامعات.
وكان آخر الضحايا من الصحفيين الذي تعرضوا للاستهداف برصاص الشرطة أثناء ممارسة عملهم الصحفي، ميادة أشرف التي قتلت من نحو شهر في عين شمس، وخالد حسين الذي أعلن عبر صفحته على فيسبوك، أن الداخلية أطلقت عليه النار داخل جامعة القاهرة لكنه نجا من الموت بأعجوبة.
لا شيء بالمجان
وكان نقيب الصحفيين ضياء رشوان، أعلن أن النقابة ستتسلم من وزارة الداخلية والقوات المسلحة، سترات واقية من الرصاص، في إطار إجراءات اتخذتها النقابة لحماية الصحفيين الميدانيين، بعد تزايد إصابات الصحفيين خلال تغطيتهم الميدانية للأحداث.
وعقد رشوان اجتماعا مساء الأربعاء، مع عشرات رؤساء تحرير الصحف المصرية، وتوصل معهم لقرار بأن يتم تمييز الصحفيين الذين يقومون بتغطية الأحداث الميدانية، بارتدائهم شارات مميزة وسترات واقية من الرصاص، وعدم خلعها إلا في حالات الضرورة القصوى، على أن يقوم الصحفي بإبلاغ النقابة والصحيفة التي يتبع لها لها قبل خلعها.
وأكد أنه قابل النائب العام الثلاثاء، لمطالبته بمتابعة التحقيقات في قضايا قتل الصحفيين والإفراج عن المعتقلين منهم، بضمان نقابة الصحفيين بدون أي كفالة.
وأوضح نقيب الصحفيين، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده عقب الاجتماع، أن سعر السترة الواحدة يتراوح بين ثلاثة آلاف جنيه واثنا عشر ألف جنيه، وفاجأ الصحفيين حينما أعلن أن مجالس إدارات الصحف يجب أن تقوم بشراء تلك السترات، وأن الحكومة لن توفرها لهم مجانا، بما يخالف تصريحات سابقة له.