رغم أن الثوار تمكنوا حتى الآن من صد الهجوم الجديد لقوات النظام السوري على أحياء
حمص القديمة، إلا أن انسحابهم من حي
جب الجندلي الذي تمكنوا من الدخول إليه بشكل مفاجئ مطلع الأسبوع؛ أثار تساؤلات عن المغزى من هذا الانسحاب.
وكانت قوات النظام السوري قد شددت هجومها على الأحياء المحاصرة في حمص، والتي تخضع لسيطرة الثوار، وذلك بما ينقض الهدنة التي أبرمت الشهر الماضي بوساطة الأمم المتحدة، وخرج بموجبها مئات من السكان المدنيين الذين كانوا محاصرين منذ أكثر من عامين.
وتأتي الحملة على حمص في سياق سعي النظام السوري بمشاركة ميلشيات حزب الله اللبناني وميلشيات شيعية عراقية، للسيطرة على مناطق حمص والقلمون بحجة السعي لقطع الطريق مع الحدود اللبنانية. لكن الكثيرين يعتقدون يشيرون إلى البعد الطائفي للحملة، وأن الأسد يحاول السيطرة على هذه المناطق بوصفها امتدادا لمعاقله في الساحل السوري.
وبالتزامن مع الاشتباكات العنيفة على أطراف أحياء القصور والقرابيص وباب هود وجورة الشياح ووادي السايح، تتعرض هذه المناطق لقصف جوي ومدفعي عنيف.
وأحياء حمص القديمة مدمرة بالكامل بسبب قصف النظام السوري على مدى ثلاث سنوات، وهي الآن خالية من السكان تقريبا باستثناء بضع مئات من المدنيين رفضوا المغادرة.
وكان الثوار قد نسفوا حواجز لقوات النظام السوري على مدخل جب الجندلي المجاور لحي الزهراء الذي تقطنه أغلبية موالية للأسد ويستخدم كقواعد للمدفعية التي تقصف المناطق المحاصرة، ثم سيطروا على عدد من المباني والنقاط الاستراتيجية داخل الحي الذي يخضع لسيطرة قوات بشار الأسد، حيث باغتوا النظام الذي كان يخوض معارك تستهدف أحياء حمص القديمة المحاصرة والخاضعة لسيطرة الثوار.
وفي تبرير للانسحاب من الحي، كتب ناشط من حمص على صفحته على الفيسبوك أن الانسحاب جاء بالاتفاق بين الكتائب المقاتلة بعد مرور ثلاثة أيام على دخول الحي، "وذلك بعد أن نجحت أهداف العملية وتم تحقيقها وهي الإثخان في العدو الأسدي وإرسال رسالة مفادها أن ثوار حمص الأبطال ومجاهديها لديهم القدرة في أي لحظة على اختراق الخطوط الأولى لدفاعات النظام وشبيحته والدخول إلى أحيائه وإحداث حالة من الرعب والارتباك"، مشيرا إلى مقتل ما لا يقل عن 100 من قوات الأسد والميلشيات المتحالفة معها.
وفي كناية إلى التندر على حال المناطق المحاصرة وما تعانيه من نقص حاد في المواد الغذائية، قال الناشط إن الثوار غنموا بعض الذخائر "كما تناولوا الخبز والأرز والبرغل خلال الأيام الثلاثة". وعبر آخر عن سعادته بعدما تناول "المجدرة" (الأرز مع العدس) في جب الجندلي. كما نشر المقاتلون صورا لأنفسهم وهم يتناولون بمرح الطعام الذي حرموا منه لفترة طويلة.
وتقول مصادر في الكتائب المقاتلة إن الأسلوب الذي باتوا يعتمدونه هو الكر والفر وفقا للإمكانيات المتوفرة وطبيعة المنطقة.
لكن ناشطا آخر، اعتبر أن الانسحاب من جب الجندلي جاء بسبب نقص الذخيرة، مشبها ما جرى بـ"تجميد" معركة الساحل بسبب نقص الدعم والإمداد.
واعتبر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة
السورية أن "ما تقوم به قوات نظام الأسد في حمص يعتبر خرقاً واضحاً لقرار مجلس الأمن الأخير رقم 2139" الذي يطلب رفع الحصار.
أما جماعة الإخوان المسلمين في سورية فقد أكدت أن حمص "تواجه مؤامرة متعددة الأطراف"، وقالت إن "الأبطال يرفضون هذه المؤامرة الحاقدة، برفضهم تسليم المدينة والخروج منها رفضا لتقسيم سورية وحفظا لها من أن يقضمها الطائفيون بلدة بلدة ومدينة مدينة".
وحذرت جماعة الإخوان المسلمين "من هذا التخاذل الدولي تجاه قضية الشعب السوري"، ورأت فيما يجري "تدميرا للمنطقة برمتها وامتدادا لنيران الخلاف والفوضى إلى أبعد مما كان يتوقعه القريب والبعيد"، معبرة عن تخوفها "من أن تكون قرارات مجلس الأمن وسيلة لتجويع الشعب عوضا عن تخفيف المعاناة عنه، أو ذريعة إلى المقايضة بين الجوع والحرية!".
والأربعاء، دارت معارك في ريف حمص الشمالي، حيث اشتبك الثوار مع قوات النظام السوري والميلشيات الموالية لها في قرية الغاصبية شرقي تلبيسة. وذكرت وكالة "مسار" الإخبارية أن المقاتلين تمكنوا من السيطرة على على عدة حواجز داخل القرية وغنموا دبابة وكمية من الأسلحة والذخائر، كما قتل نحو 10 من قوات الأسد، وسط قصف مدفعي من جانب قوات النظام السوري على القرية، بالتزامن مع قصف بلدات تلبيسة والرستن والحولة والغنطو والدار الكبيرة.
داريا:
من جهة أخرى، تعرضت مدينة
داريا في ريف دمشق الثلاثاء لهجوم بغاز
الكلور السام، وأدى إلى إصابة عدد كبير من المواطنين بحالات اختناق.
ووسع النظام السوري نطاق استخدامه لغاز الكلور خلال الأسابيع الماضية في ظل تجاهل كامل من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والقوى الدولية التي أشرفت على اتفاق تدمير السلاح الكيماوي في سورية.
وفي المقابل، قام الثوار بتفجير نفق كانت تستخدمه قوات الأسد في مدينة داريا، بحسب وكالة "مسار".
على صعيد آخر، تقوم كتائب الثوار في قرية عين الفيجة بقطع مياه الشرب الواصلة إلى دمشق لساعتين يوميا بعد قصف قوات الأسد للقرية عدة مرات، ويهدد الثوار بقطع المياه عن دمشق بشكل كامل في حال استمر القصف عليهم، وفق المصدر ذاته.