كشف قيادي في هيئة أركان الجيش السوري الحر أن قائدين عسكريين بارزين من جبهة
حمص (وسط) سلّما نفسيهما مؤخراً لقوات النظام، بعد اعتقال الأخيرة لعائلتيهما وتهديدهما باغتصاب
النساء وقتل
الأطفال.
ويأتي هذا بينما قال المبعوث الدولي إلى
سورية الأخضر الإبراهيمي الخميس إن الاتفاق الذي أبرم بين المقاتلين والمدنيين المحاصرين في مدينة حمص مع النظام السوري "انهار"، مضيفا: "إنه لأمر مقلق أن تتحول حمص -التي عانى سكانها كثيرا على مدى السنوات الثلاث المنصرمة - من جديد إلى مسرح للموت والدمار".
ولا يزال المئات محاصرين في المنطقة القديمة من المدينة تحاصرهم قوات الأسد والميليشات الموالية له. كان قد أبرم اتفاق خلال مفاوضات جنيف في شباط/ فبراير الماضي؛ أتاح لبعض المدنيين المغادرة لكن المفاوضات انهارت في أعقاب المعارك الضارية التي اندلعت هذا الأسبوع.
وقال الإبراهيمي في بيان: "إنه لأمر مؤسف للغاية أن تتوقف المفاوضات بهذا الشكل القاسي وان يستعر العنف مرة أخرى بينما كان اتفاق شامل يلوح في الأفق".
وبدلا من الاتفاق المشار إليه، طرح النظام السوري فكرة خروج المقاتلين مع أسلحتهم الفردية وتسليم أسلحتهم الثقيلة إلى خارج حمص، وتحديدا إلى شمال سورية. لكن لم يلق هذا العرض قبولا من المقاتلين، لا سيما أن ما اتفاقات هدنة سابقة أبرمها النظام السوري مع الأهالي في بعض مناطق ريف دمشق تتضمن تسليم الأسلحة الثقيلة ورفع العلم الذي يعتمده النظام السوري في هذه المناطق مقابل رفع
الحصار والسماح بإدخال الطعام والمواد الغذائية؛ لم يلتزم بها النظام.
وكثفت قوات النظام السوري في الأيام الأخيرة حملتها العسكرية على مناطق حمص القديمة التي يسيطر عليها الجيش الحر وتخضع لحصار خانق منذ أكثر سنتين. وفي الشهور الأخيرة تمكنت قوات النظام من استعادة السيطرة على مناطق وبلدات حدودية كان يسيطر عليها المقاتلون لتغلق طرق الامدادات للمقاتلين من لبنان وتؤمن الطريق السريع الرئيسي الذي يمتد شمالا من دمشق حتى وسط سورية وحمص والبحر المتوسط.
وحذر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية؛ من وقوع مذبحة إذا دخلت قوات الأسد الجزء الذي يسيطر عليه المسلحون في حمص.
وقال الائتلاف في بيان: "نحذر المجتمع الدولي من احتمال وقوع مجزرة في حمص. تقع المدينة القديمة تحت الحصار من قوات النظام منذ 676 يوما".
وقال منذر أقبيق المتحدث باسم الائتلاف إن ???"???من الضروري أن يبقى العالم عينه على حمص في هذه المرحلة الحرجة. النظام حول (المدينة) التي كانت روح الثورة إلى أنقاض وخراب".
تهديد باغتصاب النساء وقتل الأطفال:
من جهته، كشف العقيد فاتح حسون، قائد جبهة حمص التابعة لهيئة أركان الجيش الحر، إن قائدين عسكريين تابعين للهيئة في ريف حمص الغربي (استعادت قوات النظام السيطرة على مناطق فيه مؤخراً)، ويحملان رتبة عقيد، سلّما نفسيهما مؤخراً، بعد اعتقال قوات النظام السوري لنسائهما وأطفالهما وتهديدهما باغتصاب النساء.
وقالت وكالة الأناضول إنها تملك بيانات العقيدين كاملة والجبهات التي كانا يقودانها ضد قوات النظام، "إلا أنها تتحفظ عليها بناء على طلب المصدر".
وكانت فضائية "سما" الموالية للنظام السوري قد أوردت قبل يومين خبراً عاجلاً، نقلاً عن ما أسمته بـ"المصادر الخاصة"، بأن "أحد أعضاء هيئة الأركان المشتركة في ما يسمى الجيش الحر وضع نفسه بتصرف السلطات المعنية في دمشق"، دون ذكر تفاصيل.
وأضاف حسون أن العقيدين قد يجبرهما النظام على الإدلاء بتصريحات و"اعترافات" تفيد بأنهما "عادا إلى حصن الوطن" وأخرى "تنال من المعارضة".
وأشار حسون إلى أن القائدين كان مشهودا لهما بالكفاءة والسمعة الحسنة، إلا أنه - وكما يقال - تم مسكهما من "اليد التي توجعهما" وهو النيل من "العرض والشرف"، الأمر الذي "يرضخ له أبرز القادة وأعتاهم". ولفت إلى أن النظام استخدم هذا "السلاح" عشرات المرات ضد معارضيه منذ اندلاع الثورة التي دخلت عامها الرابع.
ومنذ بداية الثورة السورية مارس/آذار 2011، بثّ الإعلام السوري التابع للنظام مقابلات متلفزة متكررة مع معارضين بعد اعتقالهم من قبل قوات الأمن، تضمّنت ما يُطلِق عليه عادة "اعترافات" تنال من الثورة والثوار المناوئين للنظام، وتُظهر المعارضين على أنهم كانوا "مضلَّلين"، وتلك التصريحات والمواقف تكون مخالفة تماماً لتصريحاتهم ومواقفهم التي ذكروها قبل اعتقالهم.
وأفاد عدد منهم بعد إطلاق سراحهم لاحقاً من سجون النظام، بأنه تم تهديدهم من قبل قوات الأمن باغتصاب زوجاتهم وبناتهم أمام أعينهم أو تصفية عائلاتهم جسدياً، إذا لم يخرجوا على الإعلام ويدلون بتصريحات تُقدم لهم "جاهزة".
وكان من أبرز الذين أدلوا باعترافات على التلفزيون السوري الرسمي المقدم حسين هرموش مؤسس الجيش السوري الحر، الذي أدلى بـ"اعترافات" تدعم رواية النظام السوري حول "المؤامرة الكونية" التي يواجهها، وتلقّي المعارضين لدعم وتمويل خارجي لإسقاطه. وتم اختطاف هرموش من داخل الأراضي التركية.
وأشار ناشطون إلى أن الهرموش، الذي لا يعرف مصيره حتى اليوم، أدلى بتلك التصريحات تحت "التعذيب والضغط عليه باغتصاب نساء عائلته".