في أول وأضخم وأسرع حكم بالإعدام في مصر، قضت محكمة "جنايات المنيا"، وسط مصر الاثنين بإحالة أوراق 529 متهما من أنصار الرئيس المنتخب محمد مرسي، إلى المفتي، تمهيدا لإعدامهم، وبراءة 16 آخرين من التهم المنسوبة إليهم، على أن يكون النطق بالحكم النهائي للمحكمة في 28 من نيسان/ إبريل القادم في اتهامهم بالهجوم على أقسام شرطة.
وقال طارق فوده نقيب المحامين بالمنيا إن "جلسة النطق بالحكم اليوم عقدت بدون حضور متهمين أو محامين عنهم".
وهذا أول حكم يصدر بالإعدام بحق أنصار مرسي منذ عزله في تموز/ يوليو الماضي.
واعتبرت جماعة الإخوان المسلمين بمصر، مساء الاثنين، أن الحكم بإعدام 528 متظاهرا من معارضي
الانقلاب "عملية إبادة جماعية جديدة"، مشيرة إلى أن مثل هذه الأحكام الهدف منها "إخراج الثورة عن سلميتها".
وفي بيان لها، قالت الجماعة تعقيبا على الحكم، إن "الانقلاب العسكري استخدم مؤسسات الدولة بشكل خاطئ، فاستخدم الإعلام لتضليل الناس، واستخدم الجيش والشرطة في قتل الشعب (....)، ويستخدم
القضاء ليرتكب عملية إبادة جماعية جديدة فاقت في بشاعتها وجرمها مذبحة دنشواى والتي كانت سببا في فضيحته على مستوى العالم".
وأضافت أن "الغرض من مثل هذه الأحكام هو إخراج الثورة
المصرية عن سلميتها المبدعة ولكن هذا لن يكون، وستبقى ثورتنا سلمية".
ومن بين المتهمين 397 يحاكمون غيابيا بقضية اقتحام قسم الشرطة في مدينتي سمالوط ومطاي بمحافظة المنيا، خلال أحداث عنف شهدتها المحافظة، عقب فض اعتصامي مؤيدي مرسي في ميداني رابعة والنهضة في 14 آب/ أغسطس الماضي.
من جهته قال المستشار أحمد رضوان القاضي بمحكمة الجيزة الابتدائية وعضو حركة قضاة من أجل مصر إن هذا الحكم جائر بكل المقاييس وإن هذا الحكم والأحكام المشابهة ستذهب إلى مزبلة التاريخ هي ومن أصدرها.
وأشار في حديث لـ"عربي 21" إلى أن الأحكام الغيابية بحق المتهمين هي إجراء تهديدي وأنه سيتم إعادة محاكمة الغائبين منهم عند القبض عليهم.
ولفت إلى أنه لا ينبغي للقضاء المصري التصرف بهذا الشكل الذي وصل به ليكون أسوأ من القضاء العسكري.
وأكد رضوان أن هذه الأحكام جاهزة مسبقا ويتم إملاؤها على القضاة من قبل السلطات الحاكمة حاليا في ظل الانقلاب العسكري.
وعن إحالة أوراق المتهمين للمفتي أشار رضوان إلى أن المفتي سيصادق عليها لتعود إلى المحكمة ثم ينطق بالحكم، غير أن أحكام الإعدام في القانون المصري تنقض مباشرة إن لم يكن من جانب المتهم فمن جانب النيابة العامة لتعود القضية مرة أخرى إلى محكمة الجنايات، غير أنه في ظل غياب القانون يكون كل شيء جائزا بحسب تعبيره.
الأمين العام السابق لحزب مصر القوية أحمد عبدالجواد وصف الأحكام بالسياسية التي لا تمتلك سندا قانونيا، مشيرا إلى أن أدلة الاتهام غير واضحة.
وقال في حديث لـ"عربي 21" إن هذه الأحكام انتقائية وغير شفافة في ظل محاكمة تفتقد لأدنى درجات العدالة.
وأضاف أن القضاء والسلطة الحاكمة التي قتلت الآلاف لا تلقي بالا لأرواح الناس ناهيك عن المتهمين في هذه القضية.
وتعليقا على الحكم، قال مصدر بالتحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب المؤيد لمرسي، بالمنيا إن "الحكم الصادر صادم وغير متوقع في ظل إجراءات غير قانونية".
وأضاف: "الشارع بالمنيا سيشتعل، خاصة أن المتهمين المحكوم عليهم ليسوا جميعا من الإخوان المسلمين، ومنهم من شارك في المظاهرات التي طالبت بالإطاحة بمرسي".
"أحكام الإعدام بمثابة دعوة للعنف"
وفي السياق ذاته، حذر وزير العدل إبان حكم الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، أحمد مكي، من أن الحكم بإعدام 528 متظاهرا، الصادر الاثنين، بمثابة "دعوة للعنف".
وحذر مكي من استمرار مثل هذه الأحكام، مضيفا: "ستكون بمثابة (دعوة للعنف)، لأن أبواب العدل إذا أوصدت في المحاكم سيحصل كل إنسان على حقه بيده".
وحول الأسانيد القانونية، التي ارتكز إليها القاضي في حكمه، قال مكي إن " الحكم به استخفاف بالحرمات والإجراءات ووقار القضاء"، وفق قوله، مشيرا إلى أن هذا الحكم لا يعبر عن الاتجاه العام داخل القضاء.
وربط وزير العدل الأسبق بين حكم الأحد وحكم سابق بالسجن 11 عاما على فتيات حركة "7 الصبح"، المؤيدة لمرسي، قبل أن تقضي محكمة أخرى ببراءتهن.
فرنسا ترفض أحكام الإعدام
ومن جهتها، رفضت فرنسا الحكم الذي قضت به محكمة مصرية الاثنين بإعدام 528 من رافضي الانقلاب العسكري بتهمة التحريض على العنف.
وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال إن "فرنسا تابعت باهتمام إلحاق العقوبة القصوى بحق 528 شخصا في مصر".
وأضاف "نؤكد معارضتنا الصارمة لعقوبة الموت في أي مكان ومهما اختلفت الظروف"، مستطردا أن "عقوبة الموت لا يمكن أن تكون شكلا من أشكال العدالة".
واستدرك بالقول إن "فرنسا تؤكد دعمها للعملية الانتقالية الجارية في مصر، إلى حين تعزيز المؤسسات الديمقراطية الضامنة لحقوق الانسان والحريات العامة، بما يتلاءم مع الدستور والالتزامات الدولية".
وفي القضية ذاتها، تنظر محكمة جنايات المنيا الثلاثاء 25 آذار/ مارس، محاكمة 683 شخصا - بينهم 610 يحاكمون غيابيا - من عناصر الإخوان من بينهم المرشد العام للجماعة محمد بديع المحبوس احتياطيا على ذمة قضايا أخرى وسعد الكتاتني الرئيس السابق لمجلس الشعب رئيس حزب الحرية والعدالة في أحداث العنف التي شهدتها مدينتا مغاغة والعدوة بمحافظة المنيا.