يستقبل الرئيس الأميركي باراك
أوباما نظيره الفلسطيني محمود عباس الاثنين في واشنطن، في مسعى لإنقاذ جهود السلام الأميركية وذلك بعد أسبوعين من دعوة الجانب الإسرائيلي إلى الموافقة على تمديد مهلة مفاوضات السلام.
ويلتقي أوباما عباس بعد أسبوعين على استقباله رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وإبلاغه بدنو انتهاء مهلة مفاوضات السلام في نهاية نيسان/ إبريل، وهي المهلة المحددة للتوصل إلى
اتفاق إطار يحدد الخطوط العريضة لاتفاق سلام، ما يحتم اتخاذ قرارات صعبة.
ومن ناحية أخرى، فإن واشنطن تبدو أكثر ميلا نحو تمديد مهلة المفاوضات من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني اللذين يتبادلان الاتهامات، ما ينبئ بتدهور المحادثات أكثر، ما يشير إلى التمهيد لتسويات في المستقبل.
وقال أوباما لنتانياهو عندما استقبله في البيت الأبيض في الثالث من آذار/ مارس، إن اتفاق الإطار لا يمكن أن يكون اتفاقا يتم التوصل إليه بين
الولايات المتحدة وإسرائيل، ثم يعرض على الفلسطينيين ليقبلوا به أو يرفضونه.
ويقول مسؤولون رفضوا الكشف عن هويتهم إن أوباما سيطلب من الفلسطينيين تقديم تنازلات حول قضايا مثل عودة اللاجئين والحدود، إذا أرادوا الحصول على اعتراف بدولة لهم.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني، إن الرسالة التي سيوجهها أوباما إلى عباس شبيهة بالتي وجهها إلى الجانب الإسرائيلي.
وأضاف كارني: "سيثني على عباس كما فعل مع نتانياهو حول القرارات الصعبة التي اتخذها كل جانب لدفع عملية السلام قدما".
وتابع: "سيتحدث أيضا عن الحاجة لتحديد إطار لضمان تقدم المفاوضات والحاجة لاتخاذ المزيد من القرارات الصعبة... نأمل بتحقيق تقدم".
وكان عباس صرح الأسبوع الماضي بأن القيادة الفلسطينية لم تتسلم حتى الآن الاتفاق-الإطار لاتفاق السلام.
وقال عباس: "حتى الآن، لم نتسلم الاتفاق الإطار الذي وعدنا به، وعندما يصلنا سنقول رأينا فيه، فنحن نريد اتفاقا منسجما مع الشرعية الدولية".
وفي ما يتعلق بتمديد المفاوضات، أكد الرئيس الفلسطيني: "نحن اتفقنا على تسعة أشهر للمفاوضات ولدينا أمل كبير بأن نكون قد وصلنا إلى شيء ملموس محسوس في هذه الفترة،" مضيفا: "لم نناقش مسألة التمديد ولم تطرح علينا".
وكان عباس التقى
كيري الأحد قبل الاجتماع مع أوباما الذي كرس نهاية الأسبوع لإجراء مشاورات مع كبار المسؤولين الأميركيين حول قضية الاستفتاء في القرم من أجل إلحاقها بروسيا، والأزمة التي تسببت لها في العلاقات مع موسكو.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية، إن اللقاء بين كيري وعباس كان "صريحا وبناء".
وأضاف المسؤول رافضا الكشف عن هويته، إن "المفاوضات دخلت مرحلة بالغة الأهمية، ومع أن بعض هذه المسائل يعود إلى عشرات السنين، إلا أن أيا من الفريقين يجب أن يدع قرارات سياسية صعبة يحول دون تحقيق سلام دائم".
ومن ضمن المسائل الشائكة التي لا تزال عالقة حدود دولة فلسطينية مقبلة ومصير القدس واللاجئين الفلسطينيين والمستوطنات الإسرائيلية والأمن والاعتراف المتبادل بالدولتين.
ويريد المفاوضون الفلسطينيون أن تكون حدود دولتهم حدود 1967 قبل أن تحتل "إسرائيل" الضفة الغربية وتضمها. كما يصرون على عدم وجود جنود إسرائيليين في دولتهم المستقبلية.
إلا أن "إسرائيل" تصر على إبقاء المستوطنات التي شيدتها طيلة عقود في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أنها تريد إبقاء جنود منتشرين في منطقة غور الأردن على الحدود بين الضفة الغربية والأردن.
وقبل لقاء أوباما وعباس الاثنين، وجه العديد من كبار المسؤولين الإسرائيليين انتقادات شديدة للفلسطينيين وكيري حول مسألة الاعتراف بإسرائيل دولة "يهودية" لقاء الاعتراف بدولة فلسطينية.
ويعارض الفلسطينيون الاعتراف بـ"يهودية" إسرائيل إذ يخشون أن يهدد ذلك حقوق العرب المقيمين فيها والذين يشكلون 20% من السكان وغيرهم من الأقليات الدينية الأخرى.
وقال وزير البيئة الإسرائيلي جلعاد أردان، إن كيري "مخطئ لنه يمارس ضغوطا على الجانب الخطأ".
وأضاف أردان: "يجب أن يطلب كيري من أبي مازن (عباس) لماذا يرفض بإصرار الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية؟".
أما وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون، فقد صرح خلال نهاية الأسبوع الماضي بأن عباس "ليس شريكا لاتفاق سلام نهائي".
وتشدد الولايات المتحدة لدى الجانين الإسرائيلي والفلسطيني على أهمية التوصل إلى اتفاق سريعا وإلا تبددت فرص إعلان دولة فلسطينية واتفاق سلام دائم.
وقال أوباما في مقابلة مع جيفري غولبرغ لبلومبورغ فيو، نشرت في وقت سابق من آذار/ مارس الحالي: "إذا لم يكن الآن فمتى؟ وإذا لم تكن أنت سيدي رئيس الوزراء (في إشارة إلى نتانياهو) فمن إذن؟".
كيري: مفاوضات السلام الإسرائيلية-الفلسطينية في مرحلة "بالغة الأهمية"
وفي سياق متصل، حض وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأحد، الرئيس الفلسطيني محمود عباس عشية لقائه الرئيس باراك أوباما، على تضييق الهوة التي تباعد بينه وبين الإسرائيليين في مفاوضات السلام، مؤكدا أن هذه المفاوضات دخلت مرحلة "بالغة الأهمية".
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن كيري أجرى مع عباس محادثات "صريحة وبناءة"، مضيفا أن "وزير الخارجية شكر للرئيس عباس قيادته الثابتة وشراكته خلال الأشهر الأخيرة وحضه على أخذ القرارات الصعبة التي ستكون ضرورية في الأسابيع المقبلة".
وأوضح المسؤول طالبا عدم ذكر اسمه أن كيري "جدد أيضا التأكيد على أننا حاليا في مرحلة بالغة الأهمية في هذه المفاوضات، وفي حين أن هذه المشاكل عمرها عشرات السنين، لا ينبغي على أي من الفريقين أن يدع أخذ قرارات سياسية صعبة يقف حائلا في طريق تحقيق سلام دائم".
وأضاف المسؤول أن الوزير الأميركي وفريقه سيعملان مع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني في الأيام المقبلة على "تضييق الفجوة" بينهما.
وستتناول محادثات عباس مع أوباما في المكتب البيضاوي الاثنين "اتفاق الإطار" الذي يحدد الخطوط العريضة للتسوية السلمية والذي يتفاوض عليه كيري مع الطرفين لإقناعهما بمواصلة المفاوضات بعد 29 نيسان/ إبريل.
وقد سبق عباس إلى البيت الأبيض قبل أسبوعين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي حضه أوباما يومها على أخذ "قرارات صعبة" بعدما حذره من "العواقب الدولية" الخطيرة على إسرائيل اذا ما فشلت مفاوضات السلام.
وكان كيري أقر الأربعاء بأن مستوى انعدام الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي هو "الأسوأ" وأن اتفاق السلام ما زال "ممكنا، لكنه صعب".
واستؤنفت مفاوضات السلام في تموز/ يوليو 2013 بعد انقطاع دام ثلاث سنوات، ويفترض أن تفضي حتى نهاية نيسان/ أبريل إلى "اتفاق إطار" يحدد الخطوط العريضة لحل نهائي للنقاط الأكثر حساسية وهي الحدود والمستوطنات والأمن ووضع القدس واللاجئين.