توفي في لندن السياسي والناشط اليساري توني بن عن 88 عاما، وعرف "بن" بدفاعه عن حقوق
الفلسطينيين وموافقه المؤيدة لقضيتهم ومعارضة الغزو الأنجلو- أمريكي للعراق عام 2003.
وظل توني بن في الحياة العامة مدة 60 عاما كناشط ونائب في حزب العمال ووزير، وتحول في أخريات حياته لدرة وطنية ثمينة حيث عكف على إعداد أكثر من كتاب عن حياته السياسية ويومياته التي سجل فيها للحياة السياسية في
بريطانيا.
وكان "بن" شخصية سياسية محبوبة من الجميع وفرضت حضورها، وعرف بتدخينه الغليون الذي أصبح جزءا منه، وكأي سياسي كان هناك من كرهه.
ولد أنتوني نيل ويدجوود بن، عام 1925 ودرس في جامعة أكسفورد. ودخل البرلمان لأول مرة عام 1950 وعمل في الحكومة في عهد هارولد ويلسون وجيمس كالاهان، وخسر بفارق ضئيل في انتخابات لزعامة حزب العمال عام 1981 وكان شخصية بارزة في وضع "مانفستو" أو برنامج حزب العمال.
وفي عام 2001 قرر "بن" الاستقالة من البرلمان من أجل "تمضية وقت اكثر في السياسة" على حد قوله. وظل ناشطا في السياسة وعضوا عاملا في حزب العمال، ولكنه أصبح في الأعوام الأخيرة قبل وفاته شخصية بارز في حركة ضد الحرب.
وقضى أيامه الأخيرة في منزل للعجزة بعد أن أصيب بجلطة دماغية في العام الماضي. ونقل في الشهر الماضي للمستشفى بعد تدهور حالته الصحية، وكان آخر ظهور له في كانون الأول/ ديسمبر عندما تحدث في مناسبة لتذكر نلسون مانديلا الزعيم الجنوب أفريقي.
ويعتبر "بن" من الشخصيات السياسية النادرة في بريطانيا والذي أضاف كلمات جديدة لقاموس اللغة الإنكليزية ففي ذرة شهرته ونشاطه السياسية ظهر مصطلحا "البني والبنية" نسبة لاسمه والتي أصبحت جزءا من اللغة السياسية اليومية.
واعتبره زعيم حزب العمال الحالي إيد ميليباند "شخصية أيقونة لعصرنا"، وأن البريطانيين سيتذكرونه كمنافح عن الضعفاء وكبرلماني وسياسي "تحدث بما يدور في ذهنه من قيم وسواء وافقته أم لم توافق، ولكن الجميع عرفوا أين كان يقف وعن ماذا كان يدافع". وقال إنه كان يؤمن بالحركة وحشد الناس وراءه لدعم القضايا التي اهتم بها.
ووصفه رئيس الوزراء السابق غوردون براون بانه شخصية قوية، جريئة ومدافع دائم عن العدل الاجتماعي وحقوق الناس". وقال إن خطابات توني بن سيظل أثرها العميق على الناس وعلى أجيال قادمة.
ويعتبر "بن" الذي كان له أعداء كثر بعضهم من داخل حزبه من أعظم الخطباء في عصر كانت التجمعات السياسية جزء من الحياة السياسية
.
وكان "بن" نجل وزير عمالي سابق وهو أول من رفض رتبة لورد الوراثية قبل 60 عاما. وكان شخصية محركة وراء أول استفتاء يعقد في تاريخ بريطانيا وذلك حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. وتحول لرمز مهم في اليسار البريطاني حيث تعرض لشيطنة من اليمين المحافظ لدرجة قادت جريدة "صن" الشعبية حملة ضده وتساءلت إن كان "أخطر رجل في بريطانيا؟"، ولكنه برز كأهم نائب بريطاني يحظى باحترام منذ نصف قرن.
وكان "بن" من أهم الراعين لحملة التضامن مع الشعب الفلسطيني. وقال في لقاء أجراه مركز مراقبة الشرق الأوسط "ميمو" في آب/أغسطس 2013 أنه عايش الإمبريالية وعرفهاـ فقد خدم في مصر أثناء الاحتلال البريطاني - " لقد شاهدت القوة الإمبريالية، وكان فظة ووحشية ولهذا انخرطت في الحركات المعادية للإمبريالية في أفريقيا والشرق الأوسط. وعن مشاركته في حملة "أوقفوا الحرب" قال "كنت دائما معارضا للحرب" مضيفا "كنت معارضا للحرب العالمية الثانية، وفقدت شقيقا وقتل عدد من أصدقائي فيها، وطوال عمري كنت مؤيدا لحركات السلام".
ومع ذلك عبر بن عن اهتمام بالصراع العربي- الإسرائيلي. ففي عام 2009 عندما منعت هيئة الإذاعة البريطانية بث إعلان للجنة الكوارث والطوارئ البريطانية من أجل إغاثة غزة التي تعرضت لهجوم إسرائيلي. ولكن بن ظهر على شاشة بي بي سي وقرأ الإعلان "الممنوع" والمعلومات حول كيفية إرسال المال والمساعدات على الرغم من احتجاج المذيع. واتهم بن المحطة بالإذعان لمطالب الحكومة الإسرائيلية.
وبسبب مواقفه المؤيدة للفلسطينيين فقد اتهم من الجماعات المؤيدة لإسرائيل بمعاداة السامية التي قال عنها إنها "حيلة" ولكنها "يستخدمونها لإسكات الناس، ولكن إن كنت تريد التغيير فعليك أن تكون مستعدا لمواجهة خطر يتم فيه إساءة تفسير افكارك، وهذا جزء من الثمن الذي تدفعه عندما تدافع عما تعتقد".