تلك الكلمات ليست موقفا بتأييد هذا المرشح، وهي ليست مشاركة في
انتخابات تجرى على مقعد الرئيس الذي أتى به الشعب إلى كرسي الرئاسة عبر صناديق الانتخابات، فأطيح به وتم الانقلاب عليه وعزله.
تلك نظرة تحليلية تتعلق بما يعنيه ترشيح الفريق سامي
عنان، على صعيد التوازنات الكلية داخل النخبة
المصرية وخلفية هذا الترشيح على الصعيد الإقليمي والدولي، وهي محاولة للنظر في النتائج المتوقعة لوصوله إلى سدة الحكم. هل يمثل مرحلة جديدة؟ هل تهدأ البلاد؟ أو هل ينتهي الانقسام الحاد الخطر الراهن؟
الفريق عنان في التقدير العام لمؤيديه ومسانديه في
الترشح، من النخب العليا في المجتمع والخارج، ليس مجرد مرشح لكرسي الرئاسة، بل يمثل وصوله للحكم حلا وطريقة يفضلونها لحل الأزمة الطاحنة الراهنة ووسيلة لإدارتها. وهو يمثل من وجهة نظرهم الحل الوسط دون تفاوض بين أطراف الصراع الجاري في مصر منذ انقلاب يوليو وحتى الآن، أو هو "بشخصه" البديل للتفاوض بعد أن صار طريقه مسدودا .هؤلاء يتحركون وفق رؤية أن الفريق عنان، هو الحل الوسط دون تفاوض. وهو مرشح يراه داعموه شخصا وسطا في الأزمة الراهنة، باعتباره لم ينغمس في دوامة الصراع المتفاقم الجاري حاليا .هو عسكري لكنه سابق، كما هو مرشح لمنافسة عسكري آخر أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بيانا بشأن ترشحه فهم منه أنه تأييد ودعم له، ويرى داعمو عنان أن وصوله للحكم سيحافظ على استمرار المؤسسة العسكرية في الحكم، دون أن يكون الرئيس منها بشكل مباشر، فتخرج بذلك من وضع المواجهة والمجابهة الحالية، دون أن تترك الحكم، ولا حتى لصباحي الذي كان مكونا من مكونات الأزمة الراهنة ضمن حلف 30 يونيو.
وهو مرشح، سيجري تقديمه كرجل شغل الموقع الثاني في السلطة الانتقالية التي قادها المشير حسين طنطاوي، التي سلمت الحكم للرئيس المنتخب، ويرون أن بإمكانهم القول للمجتمع إنه كان مشاركا في حدث ديمقراطي كبير، وإن كانت السلطة الانتقالية قد ارتكبت الكثير من الأخطاء بما جرى فيها من اضطرابات سياسية وأحداث عنف وقتل راح ضحيتها الكثير من الأبرياء في مختلف أنحاء البلاد، فهم يردون بأن ما جرى لا يمكن أن يرتقي إلى تلك الحالة التي تعيشها البلاد الآن، لا على صعيد الاضطراب ولا أعداد الضحايا .
داعموه يقدمونه كحل وسط بين حدثين كبيرين، ويرون أن فوزه سيفكك حالة الاحتقان السياسي والنفسي عند طرفي الصراع، على اعتبار أن ليس لأي طرف أن يقول إن خسارته جاءت صفرية كاملة بنفس الحدة التي يمكن الحديث بها عند فوز الفريق السيسي أو حتى صباحي.
والأغلب أن هناك رؤية داخلية وإقليمية بأن يكون حكم سامي عنان، هو إعادة إنتاج لنظام مبارك بصورة هادئة توقف مفاعيل الصراع الجارية المتطورة إلى ثورة كاملة، وأن يكون وصوله للحكم محاولة للخروج من المأزق الذي وصلت إليه الدولة التي باتت داخلة في صراعات عنف متنوعة أو متدرجة وتيرتها في مختلف أنحاء البلاد، ويسعون لكي يكون سامي عنان مشروعا للتفاوض والحوار السياسي بديلا من العنف المفتوح، للوصول بالبلاد إلى حالة من التهدئة أو لتغيير أساليب واتجاهات حركة الصراع. من يفكرون به ويدعمونه، يرونه حلا وسطا يسمح بإعادة ترتيب الأوراق ويمنع أو يقلص احتمالات دخول البلاد في حالة ثورة قادمة، يتخوف منها الكثيرون بحكم الأبعاد الاجتماعية لها.
والأغلب أيضاً أن داعميه سيستفيدون من هؤلاء الذين يهاجمونه بضراوة، باعتبارهم متورطين فيما جرى في مصر ويجري . سيقول داعموه أرأيتم كيف أن الرجل مختلف مع ما يجري.
والسؤال الجوهري الآن، هو، هل يفيد تبديل الجياد فيما العربة لا تستطيع السير أصلا؟ وهل يتصور هؤلاء أن ما جرى قد نجح في تحطيم إرادة ثورة يناير، إلى درجة الإقبال على حل يبقي الحال على ما هو عليه؟
(بوابة الشرق)