الاتفاقية الأمنية لدول
مجلس التعاون كما ذكرنا وذكر الكثيرون غيرنا، أنها تتعارض مع
الدستور وتخالفه، ورغم خطورة هذا الا أن هناك ما هو أخطر، ما جاء في المادة الأولى منها: «تتعاون الدول الأطراف في إطار هذه الاتفاقية، وفقا لتشريعاتها الوطنية والتزاماتها الدولية»، هذه المادة سوقها البعض على أنها ضمانة لعدم مخالفة دستور وقوانين
الكويت، وهذا غير صحيح على الإطلاق خصوصا بعد إضافة «والتزاماتها الدولية» التي منها واهمها اتفاقية فيينا التي اعتمدت من قبل مؤتمر الأمم المتحدة بشأن قانون المعاهدات الذي عقد بموجب قرارين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي التي تنظم الاتفاقيات والمعاهدات التي توقع بين الدول..
أي أنها اتفاقية الاتفاقيات، والكويت وقعت عليها وهي ملزمة لها وليس لها أن تخرج عليها، ووفقا لنص المادة 1 من الاتفاقية الأمنية أحالت كل من يوقع عليها لاتفاقية فيينا التي تقول في مادتها 27: «لا يجوز لطرف في معاهدة أن يحتج بنصوص قانونه الداخلي كمبرر لإخفاقه في تنفيذ المعاهدة»، أي أن كل ما يخالف الدستور والقانون الكويتي في الاتفاقية الأمنية يجب أن يعدل بما يؤدي لتنفيذ لنصوص هذه الاتفاقية الأمنية؟ وهذا بالواقع هو المنطق السليم فالاتفاقية هي عقد بين الموقعين عليها والعقد هو شريعة المتعاقدين فإن كان في هذا العقد ما يتعارض مع دستورك او قوانينك فإنك غير ملزم بالتوقيع، اما أن توقع وبعد ذلك تحتج بدستورك وقوانينك فهذا لن يقبل منك..
كما ان هناك ما أخشاه وهو الأخطر على الإطلاق «وهو مجرد هاجس لم ابحث مدى قانونيته» فتعديل الدستور يتطلب موافقة صاحب السمو الأمير وثلثي أعضاء مجلس الأمة.. والموافقة على الاتفاقية الأمنية بما فيها من مخالفات للدستور تتطلب أيضا موافقة صاحب السمو الأمير، وواضح أن هناك أكثر من ثلثي الأعضاء موافقون عليها وبالتالي نكون قمنا بتنقيح الدستور من حيث لا نشعر..؟ المهم والحمد لله قررت الأغلبية بالأمس التريث في إقرار الاتفاقية وتأجيل النظر فيها لدور الانعقاد القادم..
وهذا الأمر وان كان مريحا مؤقتا، ولكنني أخشى أن يكون تكتيكا حكوميا، يهدف للتخلص من معارضي الاتفاقية الأمنية في لجنة الشؤون الخارجية وهم الأغلبية في هذه اللجنة الآن واستبدالهم بنواب مقربين لتمريرها في دور الانعقاد المقبل؟ لذلك فإنني أناشد أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة إصدار قرارهم في هذه الاتفاقية والمقرر صدوره في 3/3 المقبل واحالة التقرير للمجلس ليبحثه في الوقت الذي يراه مناسبا.
حتى نستبعد فرضية التكتيك الحكومي ونطمئن لهذا التأجيل للمزيد من الدراسة وليس لضمان ان يكون تقرير اللجنة مؤيدا لإقرار الاتفاقية.
وحفظ الله الكويت وأميرها وشعبها ومتعهم بما وفر لهم دستورهم من ضمانات السيادة والاستقلال والحريات.
(الأنباء الكويتية)