كشف تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية عن حجم الاختراق الذي قامت به منظمة "حزمت" التي يقودها رجل الدين التركي المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية فتح الله
غولن في صفوف قوات الأمن التركية، وقالت الصحيفة إن رئيس الوزراء التركي أخبر وزراء في الاتحاد الأوروبي أنه يخوض معركة "وجودية" مع جماعة غولن.
ونقل التقرير عن مسؤول في الاتحاد الأوروبي قوله إن
أردوغان "مهووس" بالقضاء على نفوذ الحركة في الشرطة، وفي الوقت الذي تحدث فيه السفير الأمريكي السابق جيمس جيفري عن صعوبة إثبات نفوذ الحركة داخل قوات الأمن، إلا أن الحديث عن هذا النفوذ معروف.
طريقة التجنيد
وتشير شهادة تيركر يلماظ إلى الدور الذي يلعبه أتباع غولن في الشرطة، حيث قال إنه "لم يكد وقت طويل يمضي عليه في التدريب داخل أكاديمية الشرطة حتى اكتشف آلية العمل والنظام في داخلها، فالوظيفة الجيدة والراتب الكبير والترفيعات تعتمد كلها على الالتزام مع جماعة الظل التي تتخذ من بنسلفانيا مقرا لها".
ويقول يلماظ إنهم "ظلوا يراقبون كل متدرب جديد، ولديهم نظام درجات من (0-5)، موضحا أن "كل شيء يبدأ من مدارس الشرطة (..) جاؤوا لي مرة وطلبوا مني الانضمام، وقلت لهم لا، ولكن بطريقة مؤدبة".
وتحدث عن أساليب التجنيد التي يستخدمها أتباع غولن "في يوم يدعوك أحدهم لتناول الإفطار في بيت صديق معين وقراءة كتاب محدد، أو تدعى لتناول العشاء، وتصبح هذه المواعيد منتظمة، وعندما تكون في المدرسة، يكون لديك القليل من المال، فيقومون بتنظيم بعض الأشياء بسهولة، مثل وجبات مجانية مثلا، أو سكن مجاني، وفي اللحظة التي تنضم فيها إليهم يقومون بتنظيم كل شيء، ويتم استيعابك في نظامهم، وعندما تنهي تدريبك تختار أي وحدة من وحدات الشرطة تريد العمل فيها".
المواجهة
وتقول الصحيفة إن قوة ونفوذ رجل الدين تعتبر عاملا محددا في السياسة التركية، فقد أعلن أردوغان الحرب على غولن الذي كان حليفه السياسي، وسبباً هاما في انتصار حزبه السياسي، وجاءت الحرب بعد فضيحة الفساد التي طالت أعضاء في النخبة الحاكمة المقربة من أردوغان.
ورد رئيس الوزراء التركي بقوة مفرطة، وقام بعزل آلاف من ضباط الشرطة، ونقل عددا كبيرا من القضاة الذين لهم علاقة بالتحقيق، وقام بتأكيد سلطته على القضاء، ونقل مسؤول في بروكسل عن أردوغان قوله قبل أسبوعين لقادة الاتحاد الأوروبي إن نجاته تعتمد على الصراع مع غولن.
ويقول مسؤول في الاتحاد الأوروبي "لقد أصبح مسكونا بهوس القضاء على الدولة الموازية كما يطلق عليها".
سر مفتوح
وتعلق الصحيفة بالقول إن هناك افتراضا في
تركيا يقول إن شبكة غولن تمارس نفوذا لا حدود له داخل أجهزة القضاء والأمن، وقد تم اعتقال وسجن المحقق الصحافي أحمد سيك عندما أعد كتابا عنها، ونفس الأمر حدث مع حنفي أفيشي، والذي كان قائد وحدة شرطة سابق، حدث ذلك عندما كان أردوغان وغولن حليفان.
وعن هذه العلاقة كتب جيمس جيفري، والذي كان سفيرا في أنقرة عام 2009 برقية لوزارة الخارجية جاء فيها "إن النظريات التي تقول إن الشرطة الوطنية يسيطر عليها الغولونيون من الصعب تأكيدها لكنّ أحدا لا يخالفه".
وتشير الصحيفة إلى أن يلماظ وغيره من ضباط الشرطة الذين تحدثوا عن نفوذ غولن أكدوا المدى الذي قام به أتباعه باختراق مؤسسات الشرطة والقضاء والتعليم، وكذا السياسة.
جماعة غامضة
ويصف أغوز غان الذي عمل في شرطة إسطنبول لمدة سبعة أعوام الجماعة بأنها "غامضة"، و"خطيرة"، وهي "جماعة تقوم بالتمييز ضد من لا يشاركونها الرأي وطريقة الحياة، و لقد شاهدت كيف خلطوا بين ارتكاب الإثم والجريمة داخل وخارج قوات الشرطة".
وحاول غان الانتقال إلى وحدات أمن أخرى مثل مكافحة الإرهاب، أو الجريمة المنظمة، أو الاستخبارات، ولكن دون جدوى، وهذا بسبب عدم انتمائه للجماعة" وفي العديد من المرات طلبوا توصية، وبدونها لا فرصة أمامي".
ويضيف يلماظ "إذا سألت أحدهم كيف وصل للاستخبارات السرية، تكون الإجابة بدأت الصلاة ودخلت، وبينما لنا أصدقاء يتحدثون ست لغات وكانوا الأوائل في صفوفهم، لكنهم كانوا يقفون حراسا أمام مراكز الشرطة، فيما حصل البقية ممن هم أقل كفاءة وإنجازا على المراكز العليا؛ فقط لأنهم مرتبطون بالغولونيين".
وعن اتهامات الفساد، يقول التقرير إن الافتراض أنها جاءت من جماعة غولن، يعتبر صحيحا بسبب كفاءة المعلومات التي تم جمعها، وينظر لأردوغان على أنه لا يحاول تدمير رجل الدين، بل التغطية على الاتهامات.
ويرى سيك، الصحافي الذي سجن عام 2011 بسبب كتابه عن غولن وحركته، إن محاولات أردوغان تطهير المؤسسة من جماعة غولن لا تعني أنه على حق "فهناك عملية تصيّد تجري، لأن الفساد مستشرٍ، كما أن التحقيق ضده ينتهك المبادئ الديمقراطية والعدلية، والخيار على ما يبدو بين الصخرة ومكان صلب، وبين الآفة والكوليرا..".
ترحيب
ومن هنا يرحّب الضباط بالردة على جماعة غولن، لكنهم يصرون على أهمية أن لا تقوم بتشريع الفساد، وبحسب يلماظ "طبعا أريد أن يعاقب الفاسدون ولا أدافع عن الفساد أبدا، ولكن عمليات التطهير هذه جاءت متأخرة (..) وكانت الحكومة تعرف عنها في المقام الأول وساعدتهم على الوصول إلى السلطة، وبمساعدتهم ارتكبت الحكومة الخطأ الأكبر".
فيما تحدث غان عن حس من الارتياح بين زملائه في الشرطة وتطهير المؤسسة من أتباع غولن، لأن جو العمل كان مشحونا بالرهاب، "وحتى لو لم يكن من الممكن التنصت على كل هاتف من هواتف الضباط، إلا أننا كنا خائفين من التنصت علينا في كل الوقت".
وتقول الصحيفة إن حملة أردوغان تعتبر تغييرا في الاتجاه، فمن تجرأ في الماضي على انتقاد غولن كان يعاقب بالسجن مثل سيك الذي اتهم بعضوية حركة قومية وأطلق سراحه عام 2012.
ويرى سيك أن الحرب بين غولن وأردوغان لن تنتهي قريبا، مع أن عمليات التطهير مضى عليها وقت طويل، وتجري بهدوء قبل اندلاع المواجهة الأخيرة.