تحت عنوان "العدالة المتبادلة" وبمنطق "المفتاح مقابل المفتاح"، كتب شالوم يروشالمي في صحيفة
معاريف الإسرائيلية مطالبا بشطب حق عودة اللاجئين الفلسطينين إلى أراضيهم مقابل تخلي
اليهود العرب عن حلمهم بالعودة إلى ديارهم القديمة.
ويستشهد الكاتب للتأكيد على فكرته بقصة جدته التي يزعم انها أرغمت على ترك بيتها في دمشق، معتبراً أن ما جرى من احتلال لفلسطين هو "تبادل للسكان"، فعائلته "اضطرت الى العمل بكد كي تشتري بيتا قديما ومتهالكا في حي هتكفا"، بينما حصل الفلسطينيون الذين هجّروا "على بيتنا في الحي اليهودي في دمشق دون جهد".
وعلى الرغم من أن خيار المساومة بعودة اليهود العرب إلى بيوتهم هو الحل الأمثل لإلغاء
حق العودة الفلسطيني كما يرى الكاتب، ولذا يستغرب من إهمال وصمت إسرائيل عن المطالبة بالتعويض عن "مهانة وأملاك اللاجئين اليهود".
ويضيف بأن إسرائيل ولأسباب غير واضحة شطبت "تراث اللجوء ليهود البلدان العربية، مثلما أهملت الثقافة الفاخرة التي كانت من نصيبنا في مصر، سوريا، العراق، تونس، ليبيا، المغرب ودول عربية أخرى".
وفيما يلي نص البيان:
عدالة متبادلة
بقلم: شالوم يروشالمي
حتى يومها الأخير في إسرائيل احتفظت جدتي، سارة سوكري، بمفتاح البيت الذي تركته في دحلة الفرايا 12، في حارة اليهود، الحي اليهودي في دمشق. كانت سارة آخر أبناء العائلة الذين تركوا الحي في نيسان 1946، في طريقهم إلى البلاد. سبقها جدي يوسف، أمي راحيل وخالي دافيد. قبل أن تخرج من بيتها، غطت سارة رأسها بمنديل ملون وألبست ابنيها المتبقيين معها، مردخاي وعليزا، بنطالي برمودا، كما اعتاد الفتيان المسلمون كي لا يثيروا الاشتباه. وفحصت للمرة الاخيرة، البيت، الساحة الكبيرة والبئر، تبادلت النظرات المفعمة بالمعاني مع الجيران اليهود، ممن عرفوا بالضبط إلى أين تهرب، وخرج الجميع إلى الدرب وهم يمتطون الحمير، ليصلوا إلى معبر الخيام في الشيخ مؤنس، حيث التم شمل العائلة من جديد.
أملاك كثيرة تركنا خلفنا: بيت واسع الأطراف، مؤثث جيدا، ودكان صغيرة عمل فيها جدي الذي كان أيضا شماس الطائفة، في المهنة الأكثر انتشارا لدى اليهود في دمشق – معالجة النحاس. وفي أيام الحرب العاصفة إياها جرى بهدوء، بغمزة عين، تبادل للسكان. عائلتي اضطرت إلى العمل بكد كي تشتري بيتا قديما ومتهالكا في حي هتكفا. والفلسطينيون الذين هربوا، تركوا أو طردوا من البلاد، حصلوا على بيتنا في الحي اليهودي في دمشق دون جهد، وأنسالهم يسكنون هناك حتى اليوم.
لم نطلب أي أبدا العودة إلى دمشق، رغم أني أتمنى أن أرى فقط لمرة واحدة مطارد حياة أبناء عائلتي. لم يتق أي من المغادرين للحارة حقا. فالحي اليهودي كان محوطا بمسلمين متطرفين، تعامل معظمهم مع اليهود وكأنهم دنسون. وعلى مدى مئات السنين عانى اليهود من سلسلة اعتداءات وأعمال أرهاب، كلفت عشرات القتلى، بينهم أطفال كثيرون. وكان الذروة في عهد فرية دمشق في 1860. من يعتقد بأن اليهود تركوا سوريا طوعا، مدعو لأن يراجع كتاب البروفيسور يرون هرئيل عن الجالية اليهودية في سوريا. هناك سيتعرف على ما هو التنكيل المنهاجي، الملاحقات الفظيعة والتمييز العنصر.
قرابة مليون يهودي تركوا بيوتهم في الدول العربية. ومثل أبناء عائلتي، تركوا خلفهم أملاكا وذكريات غير لطيفة على نحو خاص. دولة اسرائيل، بعد أن قامت، كان يمكنها في فرص عديدة أن تطالب بالتعويض عن مهانة وأملاك اللاجئين اليهود أولئك. ولكن الدولة صمتت، حتى بعد أن ثارت مطالب اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى بيوتهم في إسرائيل. كان يمكننا أن نتصرف خلاف ذلك. أن نقول لهم أنتم لن تعودوا إلى بيوتكم مثلما لن أعود أنا إلى بيتي في دمشق حيث تسكنون الآن". في جهد إعلامي صادق وحقيقي كان يمكن إلغاء الطلب الفلسطيني بحق العودة وشطبه عن جدول الأعمال. وأنا اسمي هذا ببساطة "المفتاح مقابل المفتاح".
لقد أهملت دولة إسرائيل. لأسباب ليست واضحة لي شطبت الدولة تراث اللجوء ليهود البلدان العربية، مثلما أهملت الثقافة الفاخرة التي كانت من نصيبنا في مصر، سوريا، العراق، تونس، ليبيا، المغرب ودول عربية أخرى. وفي السنوات الأخيرة فقط، في أعقاب نشاط حثيث لمنظمات وحدت سليلي هذه الدول معا مع بضعة رجال أعلام، طرح الموضوع من جديد على جدول الأعمال، بمساعدة وزارة الخارجية. إمكانية أن تكون مسألة تعويض يهود البلدان العربية دارجة في التسويات السلمية مع الفلسطينيين تثير لدي انفعالا كبيرا. في سبيل هذه القضية أكافح على مدى السنين، من خلال هذه الصحيفة أيضا.
قبل سنتين عقد في الأمم المتحدة مؤتمر كبير تحت عنوان "العدالة ليهود البلدان العربية". عشرات اللاجئين اليهود تحدثوا هناك، ورووا تاريخهم الصعب. أنا أيضا ألقيت كلمة هناك. رأيت كيف ذهل مئات الحاضرين لاكتشاف فصول في تاريخ الشرق الأوسط كانت حتى اليوم من نصيب الدعاية لشعب آخر. فهمت أنه يمكن التوجه إلى حل متفق عليه. صندوق دولي هائل يقام فيعوض اللاجئين من الشعبين، بعد أن يتخلوا عن البيوت التي تركوها. يخيل لي أنه لم يكن في يدنا أبدا ورقة عادلة ومظفرة كهذه. محظور التنازل عنها.